تخطط لاستثمار ملياري دولار في عرض البحر.. لماذا انضمت بي بي البريطانية إلى سباق الرياح البحرية في هولندا؟.. هل تغري الرياح البحرية أوروبا؟
تخطط شركة النفط البريطانية بي بي للمنافسة على تطوير مزارع الرياح البحرية ضمن مناقصات مقبلة في هولندا.
وفي هذا الإطار، أطلقت شركة النفط البريطانية عطاءين لتطوير الموقعين السادس والسابع في مزرعة الرياح البحرية هولاندس كوست ويست؛ أملاً في دعم مشروعات الطاقة النظيفة وأهداف إزالة الكربون.
وتقع المزرعة على بُعد 53 كيلومترًا قبالة الساحل الغربي لهولندا، وتبلغ قدرتها الإنتاجية المحتملة 1.4 غيغاواط.
وحال نجاح العطاءات، ستتمكن الشركة من استثمار ملياري يورو (2.1 مليار دولار أميركي) لتطوير المزيد من مشروعات الطاقة النظيفة في هولندا.
(يورو = 1.04 دولارًا أميركيًا)
أهداف طموحة
كشفت شركة النفط البريطانية بي بي، عن خططها لتطوير الموقعين، التي تبلغ مساحتهما الإجمالية 176 كيلومترًا مربعًا.
وقالت إن العطاءات ستدعم الخطط التوسعية والتحويلية لزيادة الاستثمار في الطاقة النظيفة بهولندا، إلى جانب دعم أهداف إزالة الكربون في منطقة روتردام، حسب ما جاء في بيان الشركة المنشور على موقعها الإلكتروني.
وفي هذا الشأن، قالت نائبة الرئيس التنفيذي لقطاع الغاز والطاقة منخفضة الكربون، آنجا إيزابيل دوتزنراث: “إن تحقيق الحياد الكربوني لا يقتصر على توليد الكهرباء المتجددة من المزارع البحرية، وإنما نحن بحاجة إلى توفير نظام طاقة متكامل، الأولوية فيه لمصادر الطاقة المتجددة، ونحن نخطط لتحقيق ذلك في هولندا”.
وتابعت: “سنطبق إلإستراتيجية المتكاملة للطاقة لدمج العرض والطلب على الطاقة الخضراء في نظام الطاقة، وسيشمل ذلك استخدام طاقة الرياح البحرية لكهربة قطاعي الصناعة والنقل، واستخدام الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والمساعدة في إزالة الكربون من القطاعات التي يصعب كهربتها، مثل الطيران والتكرير والنقل الثقيل، وسيدعم ذلك أهداف هولندا الطموحة لخفض الانبعاثات”.
وأضافت دوتزنراث أن شركة بي بي البريطانية تخطط لنشر تقنيات مبتكرة لتوسيع حجم المراقبة والتحليل ونطاقهما؛ بهدف تحقيق تغيير ملموس في أبحاث البيئة البحرية، بما يتماشى مع أهدافها في إحداث تأثير إيجابي بمنطقة بحر الشمال.
تقييم العطاءات
ستُقيّم عطاءات الموقع السادس وفقًا لمعايير الابتكار البيئي، إذ تقترح شركة النفط البريطانية إنشاء حلول مبتكرة لتعزيز النظام البيئي لبحر الشمال في هولندا.
ويتضمّن العطاء الخاص بالموقع التزامًا بإنفاق 75 مليون يورو على المراقبة البيئية، واستخدام التقنيات لتعزيز البيئة وتحسينها في بحر الشمال.
أما عطاء الموقع السابع فسيُقيَّم بناءً على معايير تكامل الأنظمة، وتركز الشركة البريطانية في هذا العطاء على منطقة روتردام.
ويقترح العطاء الربط بين توليد الكهرباء من الرياح البحرية و500 ميغاواط من المحلل الكهربائي لإنتاج قرابة 50 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا لمصفاة روتردام التابعة للشركة، وإنتاج 10 آلاف برميل يوميًا من وقود الطيران المستدام.
كما يضم العطاء تركيب مرجل جديد يعمل بالكهرباء وغلاية البخار المحمص في مصفاة روتردام، وبطاريات على نطاق المرافق، إلى جانب تطوير محطات شحن السيارات الكهربائية، ومراكز لوجستية منخفضة الكربون.
بالإضافة إلى ذلك، تشمل الاستثمارات تطبيق حلول إضافية مبتكرة لتحسين الشبكة الرقمية، وتحقيق الاستقرار للموازنة بين الطلب على الكهرباء والإنتاج من مزرعة الرياح البحرية.
اقرأ أيضًا: مزارع الرياح البحرية تستخدم تقنية “بطارية المحيط” لتخزين الكهرباء وتوليدها
ظهرت مؤخرًا تقنية “بطارية المحيط” التي تعتمد على الأكياس الضخمة الموجودة في قاع البحر، وتملؤها مزارع الرياح بالمياه، حيث تهدف إلى حل مشكلة سكون الرياح التي تعطل عمل التوربينات لتوليد الكهرباء بسرعة عند الحاجة؛ الأمر الذي يعرقل الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
ويرى محللون أنه يمكن لمزارع الرياح البحرية استخدام مياه البحر، لتخزين الطاقة حتى الحاجة إليها؛ ما يساعد البشرية على الاستغناء عن الوقود الأحفوري.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أوشن غريزر الهولندية الناشئة، فريتس بليك: إن شركته توصلت إلى حل تسميه “بطارية المحيط”، التي تعتمد على الأكياس الضخمة الممتلئة بالماء، الموجودة في قاع البحر، وفقًا لما نشره موقع صحيفة “إيكونوميك تايمز” اليومية الهندية.
ضخ مياه المحيط
أشار الرئيس التنفيذي لشركة أوشن غريزر الهولندية الناشئة، فريتس بليك: إلى أن ضغط المحيط يضغط الماء عبر النظام الموجود في قاع البحر، الذي يتضمن التوربينات من أجل توليد الكهرباء عند اللزوم.
وتجدر الإشارة إلى أن الأنظمة التي تعتمد على الضغط، تُستَخدَم في سدود الطاقة الكهرومائية التي تضخ المياه إلى الخزان خلف السد، عندما ينخفض الطلب على الكهرباء، وتخزينها كي تعيد ضخها توربينات المنشأة.
ويرى المحللون أن التكلفة تُعَد من الاعتبارات الرئيسة المتعلقة بالطاقة، وأن أنظمة التخزين التي تتضمن نوعًا من البطاريات ليست باهظة الثمن فحسب، بل إنها معرضة لخطر التسرب أو التلوث في بيئة المحيط.
مبادرات متعددة
بدورها، تمتلك وحدة تخزين الطاقة، أحد فروع جامعة مالطا، نظامًا يستخدم الكهرباء المتجددة لضخ المياه في غرفة تحتوي على هواء تحت الضغط، ويمكنه تشغيل التوربينات الهيدروليكية لتوليد الكهرباء.
وتستخدم مبادرة أخرى تسمى “إس تي إن سي” (الطاقة المخزنة في البحر)، كرات خرسانية مجوفة تحت ضغط أعماق المحيط، واختُبِرَت في بحيرة ألمانية في عام 2016.
وقال بليك إن الأنظمة الموجودة تحت سطح البحر تستفيد من الضغط الحر الموجود في قاع المحيط، وتنشئ نظامًا -يراه فعالًا- بنسبة 80% في تخزين الطاقة.
وأوضح أن أنظمة التخزين تمثل عامل نجاح للطاقة المتجددة، التي ازدهرت مع انخفاض سعر إنتاج هذه الطاقة وجعلها جزءًا من مزيج الطاقة في جميع أنحاء العالم.
أهداف مستقبلية
وأضاف أن شركته تهدف إلى أن يكون لديها نظام تخزين بحري بحلول عام 2025، على الرغم من أنه سيُنْشَر نظام آخر على الشاطئ في شمال هولندا، بحلول عام 2023.
ورغم أن الجوانب المختلفة لتخزين الطاقة بواسطة الضغط ليست جديدة؛ فإن اقترانها بمصادر الطاقة الخضراء يحمل إمكانات كبيرة.
ووفقًا لمركز حلول المناخ والطاقة في ولاية فرجينيا الأميركية؛ لا يزال نشر أنظمة مثل “بطارية المحيط” على النطاق المطلوب للعمل جزءًا من شبكة الكهرباء، بعيد المنال.
اقرأ أيضًا: أحجام توربينات الرياح البحرية تواجه أزمة في سفن التركيب (تقرير)
يتزايد حجم توربينات الرياح البحرية مع تسارع التحول إلى الطاقة المتجددة، لكن السفن اللازمة لتركيبها لا تنمو بالقدر نفسه، ما قد يؤدي إلى تباطؤ إضافات سعة الرياح.
وبحلول عام 2024، من المرجح أن يتجاوز الطلب على توربينات الرياح البحرية فائقة الحجم إمدادات السفن المتاحة لتركيبها، بحسب تقرير صادر حديثًا عن شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي.
ونتيجة لذلك، يجب على الشركات الاستثمار في سفن جديدة أو تحديث السفن الحالية لتثبيت التوربينات فائقة الحجم التي من المتوقع أن تصبح القاعدة بنهاية العقد، حسب التقرير.
طفرة توربينات الرياح
شهد تركيب توربينات الرياح البحرية على مستوى العالم -باستثناء الصين- طفرة في النمو خلال السنوات الأخيرة.
وارتفع متوسط تركيب توربينات الرياح من 3 ميغاواط في عام 2010 إلى 6.5 ميغاواط حاليًا، مع أكبر عملية تشغيل تبلغ 10 ميغاواط، بحسب التقرير.
وحسب بيانات إدارة الطاقة الوطنية في الصين، شهدت البلاد تركيب 17 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية في عام 2021، لتستحوذ بكين على 26 غيغاواط من إجمالي 54 غيغاواط مثبتة في جميع أنحاء العالم.
وشكّلت التوربينات التي يزيد حجمها عن 8 ميغاواط 3% فقط من التركيبات العالمية بين عامي 2010 و2021، لكن من المتوقع أن ترتفع هذه الحصة إلى 53% بحلول نهاية العقد الحالي.
وبالنسبة إلى أحجام توربينات الرياح البحرية، فإنها تتجه إلى الارتفاع في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا (باستثناء الصين) حتى عام 2025 وما بعده.
وفي الشهر الأخير من 2021، شهدت أوروبا تركيب أول توربين تجاري بسعة 10 ميغاواط في مزرعة الرياح البحرية “سي غرين” في إسكتلندا، كما ستشهد الولايات المتحدة تركيب توربينات بقدرة 13 ميغاواط في مشروع فينيارد.
بينما من المتوقع أن تتخلف الصين عن أوروبا في متوسط حجم التوربينات حتى عام 2030، على الرغم من أنها ستعزز حجم التوربينات، لكن معظمها سيتراوح بين 6 و8 ميغاواط، وفقًا للتقرير.
الطلب على سفن التوربينات البحرية
من المتوقع ارتفاع الطلب على سفن تركيب توربينات الرياح البحرية في جميع أنحاء العالم، باستثناء الصين، إلى نحو 79 سفينة سنويًا بنهاية العقد الجاري، مقارنة مع 11 سفينة فقط العام الماضي، بحسب ريستاد إنرجي.
كما يتوقع التقرير زيادة الطلب على سفن تركيب التوربينات التي يزيد حجمها عن 9 ميغاواط، والتي لم تكن موجودة في 2019، إلى 62 سفينة سنويًا بحلول عام 2030.
ويتطلب تركيب توربينات الرياح البحرية الأكبر حجمًا رافعات أقوى على سفن التركيب لرفع المواد الثقيلة، وحتى الآن هناك عدد قليل من السفن المصممة لهذا الغرض والمتاحة في جميع أنحاء العالم قادرة على تركيب توربينات تزيد سعتها فوق 10 ميغاواط، وفق التقرير.
ونتيجة لذلك، انتقل العديد من السفن من أوروبا إلى الصين، إذ لا يزال الطلب مرتفعًا على السفن ذات الرافعات المنخفضة.
وأصبحت السفن التي أُنشئت العقد الماضي لا تتناسب مع نمو توربينات الرياح، مع تردد الشركات في بناء سفن جديدة باهظة الثمن.
وتتراوح تكلفة تصنيع سفينة قادرة على تركيب توربينات بسعة تتجاوز 14 ميغاواط، من 300 إلى 500 مليون دولار، مع عدم وجود سفينة بهذه القدرة حتى الآن، حسب التقرير.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية