تقنية مذهلة لتفادي أزمة سكون الرياح وتعطل عمل التوربينات.. كيف تستخدم مزارع الرياح البحرية تقنية “بطارية المحيط” لتخزين الكهرباء وتوليدها؟
ظهرت مؤخرًا تقنية “بطارية المحيط” التي تعتمد على الأكياس الضخمة الموجودة في قاع البحر، وتملؤها مزارع الرياح بالمياه، حيث تهدف إلى حل مشكلة سكون الرياح التي تعطل عمل التوربينات لتوليد الكهرباء بسرعة عند الحاجة؛ الأمر الذي يعرقل الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
ويرى محللون أنه يمكن لمزارع الرياح البحرية استخدام مياه البحر، لتخزين الطاقة حتى الحاجة إليها؛ ما يساعد البشرية على الاستغناء عن الوقود الأحفوري.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أوشن غريزر الهولندية الناشئة، فريتس بليك: إن شركته توصلت إلى حل تسميه “بطارية المحيط”، التي تعتمد على الأكياس الضخمة الممتلئة بالماء، الموجودة في قاع البحر، وفقًا لما نشره موقع صحيفة “إيكونوميك تايمز” اليومية الهندية.
ضخ مياه المحيط
أشار الرئيس التنفيذي لشركة أوشن غريزر الهولندية الناشئة، فريتس بليك: إلى أن ضغط المحيط يضغط الماء عبر النظام الموجود في قاع البحر، الذي يتضمن التوربينات من أجل توليد الكهرباء عند اللزوم.
وتجدر الإشارة إلى أن الأنظمة التي تعتمد على الضغط، تُستَخدَم في سدود الطاقة الكهرومائية التي تضخ المياه إلى الخزان خلف السد، عندما ينخفض الطلب على الكهرباء، وتخزينها كي تعيد ضخها توربينات المنشأة.
ويرى المحللون أن التكلفة تُعَد من الاعتبارات الرئيسة المتعلقة بالطاقة، وأن أنظمة التخزين التي تتضمن نوعًا من البطاريات ليست باهظة الثمن فحسب، بل إنها معرضة لخطر التسرب أو التلوث في بيئة المحيط.
مبادرات متعددة
بدورها، تمتلك وحدة تخزين الطاقة، أحد فروع جامعة مالطا، نظامًا يستخدم الكهرباء المتجددة لضخ المياه في غرفة تحتوي على هواء تحت الضغط، ويمكنه تشغيل التوربينات الهيدروليكية لتوليد الكهرباء.
وتستخدم مبادرة أخرى تسمى “إس تي إن سي” (الطاقة المخزنة في البحر)، كرات خرسانية مجوفة تحت ضغط أعماق المحيط، واختُبِرَت في بحيرة ألمانية في عام 2016.
وقال بليك إن الأنظمة الموجودة تحت سطح البحر تستفيد من الضغط الحر الموجود في قاع المحيط، وتنشئ نظامًا -يراه فعالًا- بنسبة 80% في تخزين الطاقة.
وأوضح أن أنظمة التخزين تمثل عامل نجاح للطاقة المتجددة، التي ازدهرت مع انخفاض سعر إنتاج هذه الطاقة وجعلها جزءًا من مزيج الطاقة في جميع أنحاء العالم.
أهداف مستقبلية
وأضاف أن شركته تهدف إلى أن يكون لديها نظام تخزين بحري بحلول عام 2025، على الرغم من أنه سيُنْشَر نظام آخر على الشاطئ في شمال هولندا، بحلول عام 2023.
ورغم أن الجوانب المختلفة لتخزين الطاقة بواسطة الضغط ليست جديدة؛ فإن اقترانها بمصادر الطاقة الخضراء يحمل إمكانات كبيرة.
ووفقًا لمركز حلول المناخ والطاقة في ولاية فرجينيا الأميركية؛ لا يزال نشر أنظمة مثل “بطارية المحيط” على النطاق المطلوب للعمل جزءًا من شبكة الكهرباء، بعيد المنال.
اقرأ أيضًا: 30 غيغاواط.. كيف تحقق أميركا هدف طاقة الرياح البحرية؟
حددت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هدفًا لتركيب 30 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2030، مع خطط خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمقدار النصف بحلول العام نفسه.
وترى الإدارة الأميركية أن هذا الهدف لطاقة الرياح البحرية يكفي لتزويد 10 ملايين منزل بالكهرباء، وخفض 78 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
وأمام ذلك، يقول كبير المحللين في شركة الأبحاث وود ماكنزي، لوكاس ستافول، إن الدعم الفيدرالي القوي هو حجر الأساس بالنسبة لصناعة الرياح البحرية، لتحقيق الأهداف المطلوبة، لكنه غير كافٍ حتى الآن.
الدعم الفيدرالي
يُعد الدعم الفيدرالي نقطة الانطلاق التي تحتاج إليها صناعة الرياح البحرية للوصول إلى هدف إدارة بايدن، ورغم أن الإدارة الأميركية أجّرت مناطق للرياح البحرية وسمحت بتدشين مشروعات تجريبية؛ فإن الدعم القوي لم يظهر حتى الآن، بحسب التقرير.
ومع الافتقار للبنية التحتية وعدم الدعم الكافي، تتوقع مؤسسة آي إتش إس ماركت أن تصل السعة المركبة لطاقة الرياح البحرية الأميركية إلى 21 غيغاواط بحلول عام 2030، مقارنة بـ42 ميغاواط فقط في الوقت الحالي.
وبالفعل حصل ما يقرب من 12 غيغاواط من سعة الرياح البحرية المخططة على مخطط دعم، فضلًا عن إصدار عقود إيجار جديدة للرياح البحرية في المياه الفيدرالية.
وقدم المطورون خطة إنشاء وتشغيل لسعة قدرها 14 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية، كما طلبت إدارة بايدن من مكتب إدارة طاقة المحيطات مراجعة 16 خطة للإنشاء والتشغيل بحلول عام 2025.
ومن شأن تسريع منح التصريحات أن يوفر دفعة ضرورية لزخم المطورين للوصول إلى هدف 30 غيغاواط، بالإضافة إلى زيادة الثقة بالاستثمار في سلسلة التوريد لتلبية متطلبات المشروعات المخطط لها، كما يرى التقرير.
كيفية تجاوز هدف بايدن
يمكن أن توفر صناعة الرياح البحرية في الولايات المتحدة 32.5 غيغاواط حتى عام 2030، بحسب وود ماكنزي.
ومن المرجح أن يشهد العام الجاري تدشين أكثر من 14 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية، جراء المشروعات التي جرى التعاقد عليها بالفعل أو تلك التي في طريقها للحصول على الموافقة قريبًا، ارتفاعًا من 9 غيغاواط العام الماضي.
إذا استمرت طلبات مشروعات تركيب الطاقة البحرية دون تأخير؛ فإن معظم الولايات الأميركية في طريقها للوصول إلى هدف تركيب السعة المخطط لها البالغة 11 غيغاواط بحلول نهاية هذا العقد و14 غيغاواط أخرى بحلول عام 2035، وهو ما سيكون قبل الموعد المستهدف على الأرجح، وفقًا للتقرير.
ومن أجل تحقيق هدف تركيب 32 غيغاواط من سعة الرياح البحرية في أميركا، يجب توسيع الأهداف الحالية لتركيب الرياح البحرية في الولايات التي ليست لديها مشروعات، وفقًا للتقرير.
ولا تزال تكاليف النقل والرياح البحرية العائمة علامات استفهام رئيسة للصناعة؛ إذ تُعد التحسينات في شبكة النقل أمرًا ضروريًا، مع أهمية التغلب على التكلفة العالية لتحديثات الشبكة، بحسب التقرير.
ويؤدي نقص الدعم أو تباطؤ انخفاض التكلفة إلى عدم القدرة على تحقيق بعض التوقعات الأميركية البالغة 32 غيغاواط بحلول عام 2030، وفقًا للتقرير.
ويجب إعلان المزيد من العطاءات في بعض الولايات، مثل نيويورك وفيرجينيا ونورث كارولينا وكاليفورنيا وولاية مين، لتلبية هدف بايدن البالغ 30 غيغاواط، كما أن هناك ضرورة لإيجاد المزيد من مناطق طاقة الرياح البحرية المتاحة للمطورين للتأجير، وفقًا لشركة الأبحاث.
وفي هذا الإطار، تخطط إدارة مكتب المحيطات لطرح مزاد لنحو 8 مناطق تأجير في خليج نيويورك أواخر عام 2021، قد تدعم تركيب ما يتراوح بين 7.6 و12 غيغاواط، بحسب التقرير.
كما يهدف مكتب إدارة طاقة المحيطات لإجراء مزاد منتصف العام المقبل لتأجير مناطق قبالة سواحل كاليفورنيا، وهو ما يمكنه دعم أكثر من 4.5 غيغاواط من سعة طاقة الرياح البحرية.
ماذا عن القادم؟
على الرغم من تشغيل مشروعين فقط حتى الآن في الولايات المتحدة؛ فإن طاقة الرياح البحرية يمكن أن تُشكل ربع سعة الرياح المركبة في البلاد بحلول عام 2024، وما يقرب من الثلث اعتبارًا من عام 2025 فصاعدًا، كما يرى التقرير.
وتتوقع وود ماكنزي أن يسمح انخفاض تكاليف الرياح العائمة بظهور المشروعات على نطاق تجاري في أواخر هذا العقد.
ومع إجراء تحسينات في شبكة النقل جنبًا إلى جنب مع الدعم الفيدرالي القوي؛ فإن صناعة الرياح البحرية المتنامية ستصل إلى آفاق جديدة في العقد المقبل، وفقًا للتقرير.
المصدر: الطاقة