تقارير

إنتاج النفط الروسي لن يصمد كثيرًا أمام العقوبات الغربية.. الأسوأ لم يأتِ بعد!

تؤرّق أزمة الطاقة الحالية العالم كله، مع ارتفاع حاد في أسعار النفط والغاز جراء الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن يبدو أن الأسوأ لم يأتِ بعد.

ورغم الحرب الروسية الأوكرانية، وما تبعها من قرارات حظر استيراد النفط الروسي، من قِبل الولايات المتحدة وغيرها، أثبتت صادرات موسكو وإنتاجها من الخام مرونة كبيرة، لعدة أسابيع، فإنه يبدو أن هذا الوضع بدأ في التغيّر، بحسب تقرير نشره موقع أوبن إنسايتس (Open Insights).

ومن المتوقع أن يشهد إنتاج النفط في روسيا انخفاضًا ملحوظًا، حتى دون خطط الاتحاد الأوروبي للابتعاد عن الواردات الروسية، مع إعلان العديد من الشركات الكبرى انسحابها من تجارة الخام الروسي، ومن شأن ذلك أن يُعمِّق أزمة الطاقة العالمية.

تحديات النفط الروسي

يرى تقرير أوبن إنسايتس أنه مع تخارج رأس المال وشركات الخدمات النفطية، وتضاؤل ​​مواد حفر الآبار وصيانتها؛ فإن إنتاج النفط الروسي يواجه العديد من الرياح المعاكسة.

وفي الوقت نفسه، يخطط الاتحاد الأوروبي لبدء الابتعاد عن النفط الروسي، مع تشديد القارة العجوز للعقوبات الأوروبية على موسكو.

كل هذه الأمور قد تُخفض إنتاج النفط الروسي بوتيرة كبيرة، ويجد العالم نفسه أمام نقص حاد في الإمدادات يصعب تعويضه، وفقًا للتقرير.

وتقدر شركة إنرجي أسبكتس أنه بحلول مايو/أيار من العام المقبل، سيكون إنتاج النفط الروسي قد انخفض بمقدار 3 ملايين برميل يوميًا، قبل أن يستقر هذا الهبوط عند مليوني برميل يوميًا بعد ذلك، مع زيادة الهند والصين وارداتهما من الخام الروسي الأرخص.

وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أوضحت أن تأثير العقوبات الغربية في النفط الروسي سيبدأ الظهور بشكل كامل من مايو/أيار 2022، مع احتمال تعطل نحو 3 ملايين برميل يوميًا “إنتاج موسكو”؛ ما يفاقم أزمة الطاقة.

وتُعَد روسيا أكبر مصدّر للخام؛ إذ تمثل صادراتها البالغة 5 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام ما يقرب من 12% من التجارة العالمية، كما يُشكل 2.85 مليون برميل يوميًا من المنتجات النفطية 15% من تجارة المنتجات المكررة حول العالم، بحسب وكالة الطاقة.

نقص المعروض

تتزامن هذه المخاوف مع انخفاض مخزونات النفط العالمية إلى 2.614 مليار برميل في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ2.908 مليار برميل في الربع نفسه من العام الماضي.

وما خفف من حدة أزمة الطاقة العالمية بعض الشيء، أن التقديرات تشير إلى انخفاض الطلب على النفط بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا في الأشهر القليلة الماضية، مع زيادة إصابات كورونا في الصين، أكبر مستهلك للخام عالميًا، بحسب التقرير.

ورغم ذلك؛ فإن بكين قدمت دعمًا للاقتصاد وتعمل على التقليل من تداعيات إصابات كورونا؛ لذلك فإن تباطؤ الطلب لا يبدو أنه سيستمر لمدة طويلة.

ويُقدر تقرير أوبن إنسايتس احتمال نقص المعروض النفطي بما يتراوح بين 3 و4 ملايين برميل يوميًا في الأشهر المقبلة، مع الوضع في الاعتبار ارتفاع الطلب الموسمي خلال الصيف.

وأشار التقرير إلى أن السوق ستحتاج إلى وقت لاستيعاب تحرير 240 مليون برميل من الاحتياطيات النفطية التي أقرها أعضاء وكالة الطاقة الدولية وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لمدة 6 أشهر.

الطلب على النفط

بالنظر إلى احتمال تباطؤ الطلب على النفط؛ فإن تقديرات انخفاض الاستهلاك العالمي بنحو مليون برميل يوميًا قد تكون مبالغًا فيها؛ نظرًا لاستمرار نمو الاقتصاد العالمي، رغم تباطؤه عن بداية العام.

وحتى في السيناريو الأسوأ لانخفاض الطلب على النفط بنحو 2.7 مليون برميل يوميًا، والذي يعادل فقدان الطلب خلال الربع الأسوأ في الأزمة المالية العالمية 2008؛ فإن سوق النفط ستظل تعاني نقصًا في المعروض يتراوح بين 0.3 و1.3 مليون برميل يوميًا (بافتراض عجز الإمدادات المتوقع بين 3 و4 ملايين برميل يوميًا).

وبالنسبة إلى الإنتاج؛ فإن شركات النفط تهتم أكثر بضبط رأس المال ومكافآت المساهمين عن زيادة الإمدادات.

كما أن تحالف أوبك+ حتى إذا قرر رفع الإنتاج في اجتماعه المقبل؛ فإن طاقته الإنتاجية الفائضة تتراوح فقط بين 1 و1.5 مليون برميل يوميًا، وهو نقص العجز المتوقع تقريبًا، بحسب التقرير.

لذلك يرى التقرير أن الحل الوحيد القابل للتطبيق حاليًا لتفادي عجز المعروض وتعميق أزمة الطاقة هو الارتفاع الصاروخي لأسعار النفط فوق 130 دولارًا للبرميل أو نحو ذلك، والذي يؤدي إلى كبح الطلب على الخام.

اقرأ أيضًا: هل تخفف زيادة إنتاج النفط والغاز حدة أزمة الطاقة العالمية؟ (تقرير)


يذكِّر اصطلاح “انتعاش الكربون” -الذي بات شائعًا لدى المحللين والمراقبين مؤخرًا- بأن النفط والغاز، والوقود الأحفوري عمومًا، ما زالت ضرورة كما كان دائمًا.

وبينما تنتج شركات الطاقة في حوض برميان غرب ولاية تكساس الأميركية كميات قياسية من النفط والغاز الطبيعي، وفقًا للتوقعات الفيدرالية، فإن زيادة الإنتاج -بالنسبة إلى المستهلكين في الولايات المتحدة وأوروبا- تساعد على تخفيف صدمة إمدادات الطاقة من الغزو الروسي لأوكرانيا.

حوض برميان.. خطة لإصلاح البنية التحتية تُنعش إنتاج النفط الصخري
ونتيجة لارتفاع أسعار النفط والغاز والاضطرابات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، يتحوّل العالم إلى الوقود الأحفوري مرة أخرى، وفقًا لما نشرته صحيفة دالاس مورنينغ نيوز اليومية الأميركية.

جدوى الطاقة النظيفة


في المقابل، تسحب الحكومات من الاحتياطيات الإستراتيجية، وتجهيز الإمدادات الجديدة وحث منتجي النفط والغاز على زيادة الإنتاج.

حتى إن المدافعين الأقوياء عن الطاقة النظيفة -مثل الرئيس التنفيذي لشركة الاستثمار العملاقة بلاك روك، لاري فينك- أقروا بضرورة إعادة النظر في جدوى الطاقة النظيفة.

وقال لاري فينك إن الولايات المتحدة تركز على تعزيز إمدادات النفط والغاز، وأن أوروبا وآسيا قد تزيدان من استهلاك الفحم خلال العام المقبل.

ووجّه فينك رسالة حديثة إلى المساهمين، قال فيها: إن تعزيز إمدادات الوقود الأحفوري سيؤدي إلى إبطاء تقدم العالم نحو الحياد الكربوني في المدى القريب.

وأضاف أن أسعار الطاقة الباهظة ستجعل مصادر الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية أكثر قدرة على المنافسة، ولكن بتكلفة مرتفعة.

وأوضح أن أسعار الطاقة عند هذا المستوى تفرض -أيضًا- عبئًا ثقيلًا على من لا يقدرون على تحمّل تكاليفها.

أهمية النفط والغاز

تجاوز متوسط سعر البنزين العادي 4 دولارات للغالون في الأسابيع الأخيرة في الولايات المتحدة، وهو ما يزيد بنسبة 50% تقريبًا عن العام الماضي. كما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي بصفة كبيرة، ما أدى إلى ارتفاع تكلفة الكهرباء والتدفئة المنزلية.

وتعرّضت شركات الوقود الأحفوري طوال سنوات لانتقادات، بسبب إسهامها في التغير المناخي، وسحب بعض المستثمرين حصصهم، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة.

ويرى محللون أن صدمة العرض الحالية تقلب هذا النهج رأسًا على عقب.

وقالت الزميلة في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس الأميركية، ميشيل ميشوت فوس: إن هناك صراعًا كبيرًا بين ما يقول الناس إنهم يريدونه وما هم على استعداد لفعله، حسبما أوردت صحيفة دالاس مورنينغ نيوز اليومية الأميركية.

وأشارت إلى خيارات قليلة لدى الحكومات والمجتمعات، باستثناء الاستمرار في استخدام أنظمة الطاقة القديمة.

إسهام مصادر الطاقة المتجددة

أوضحت الزميلة في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس الأميركية، ميشيل ميشوت فوس، أن الإنتاج العالمي من طاقة الرياح والطاقة الشمسية نما 6 أضعاف في العقد الماضي.

وأضافت أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية توفران نحو 4% فقط من الطاقة العالمية، في حين يوفر الوقود الأحفوري أكثر من 80%.

وفي الولايات المتحدة، شكّلت طاقة الرياح والطاقة الشمسية نحو 5% من إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة العام الماضي.

وتصدّرت حصة مصادر الطاقة المتجددة 12%، بالإضافة إلى الكتلة الحيوية والطاقة المائية، وفقًا لبيانات من إدارة معلومات الطاقة الأميركية.


وبدورها، أسهمت الطاقة النووية بنسبة 8.3%، ولا يزال الوقود الأحفوري يمثّل 79% من إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة.

وألمحت ميشيل ميشوت فوس إلى أن الجميع متحمسون لفكرة استخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية، التي تُعدّ مكلفة بسبب أن الإمدادات الاحتياطية مطلوبة في بعض الأحوال الجوية.

وتزامنت الزيادة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية على مدى العقد الماضي مع ثورة النفط الصخري، التي أعادت إحياء إنتاج النفط والغاز في تكساس وخارجها.

وأدت المكاسب الصافية للحقول الصخرية في إمدادات الطاقة، منذ عام 2010، إلى تقليص المكاسب من قطاعي الرياح والطاقة الشمسية.

وأسهمت مكاسب النفط الصخري في تقليل إنتاج الفحم بمقدار النصف تقريبًا، وهذا تطور مفيد في تقليل الانبعاثات.

وعلاوة على ذلك، انخفضت تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمقدار النصف أو أكثر منذ عام 2011، وفقًا لتقديرات شركة إدارة الأصول لازارد الأميركية.

وأشارت ميشيل ميشوت فوس وزميلها غابرييل كولينز -في تقرير صدر في يناير/كانون الثاني- إلى أن الضغط على وقف تمويل الوقود الأحفوري -قبل أن تتمكن الموارد منخفضة الكربون بشكل موثوق من سد الفجوة- يهدد بزعزعة استقرار الاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

تسريع تحول الطاقة

تريد النخب الثرية في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية تسريع تحول الطاقة من خلال تقييد الاستثمار في الكربون. ونتيجة ذلك، يواجه مليارات المستهلكين في أنحاء العالم ارتفاع أسعار الطاقة وتقلباتها.

وطلب أعضاء الكونغرس -في جلسة استماع للجنة مجلس النواب في واشنطن، يوم الأربعاء أبريل/نيسان الجاري- من المسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة شرح سبب ارتفاع أسعار البنزين، وتوضيح سبب عدم زيادة الإنتاج.

جدير بالذكر أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة لم يتعاف إلى مستويات عالية قبل انتشار الوباء.

ويكمن أحد أسباب تراجع الإنتاج في أن شركات النفط تعيد المزيد من الأموال إلى المستثمرين، الذين فقدوا المليارات في حقول النفط الصخري على مدار العقد الماضي.

وفي حوض برميان غرب ولاية تكساس، سجل إنتاج النفط والغاز الطبيعي ارتفاعات جديدة، وفقًا لتوقعات إدارة معلومات الطاقة.

وأضافت تكساس، في فبراير/شباط الماضي، 5 آلاف و100 وظيفة في مجال النفط والغاز، بزيادة قدرها 2.9%، وفقًا للبيانات الفيدرالية.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة بايونير ناتشورال ريسورسز ومقرها إيرفينغ، سكوت شيفيلد، للمشرعين إن الغاز الطبيعي المسال من نهر بيرميان سيكون أفضل مصدر للاستغناء عن الغاز الطبيعي الروسي في أوروبا.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى