تقارير

ستحطم أسعار الطاقة لإنقاذ مصانعها العملاقة.. ألمانيا دعمت شركاتها ومصانعها الضخمة بأكثر من 5 مليارات دولار

تزداد أزمة أسعار الطاقة في أوروبا سوءًا يومًا تلو الآخر، مع تكثيف العقوبات الغربية على روسيا -أحد أهم منتجي النفط والغاز في العالم- التي مدّت القارة العجوز باحتياجاتها من الغاز والنفط لعقود طويلة، قبل أن يتعكر صفو العلاقات بينهما بسبب الهجوم على أوكرانيا الذي اندلعت شرارته الأولى في فبراير/شباط الماضي.

ولا تقتصر العواقب الوخيمة للارتفاعات الحادة في أسعار الطاقة على المستهلكين الأوروبيين فقط، وإنما امتد الأمر ليشمل الشركات التي تكبدت خسائر مالية كبيرة بسبب الارتفاعات في أسعار الغاز والكهرباء.

وفي محاولة منها للتخفيف من وطأة تلك الارتفاعات على القطاع الصناعي، وحماية الشركات من الإفلاس، تخطّط الحكومة الألمانية -أكبر اقتصاد في أوروبا- لدعم الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة بحزمة مساعدات قيمتها 5 مليارات يورو (5.36 مليار دولار)، بحسب تصريحات المتحدث باسم وزارة الاقتصاد الألمانية التي نقلتها وكالة رويترز.

وأظهر مسح أجراه معهد إيفو للبحوث الاقتصادية في ميونخ على 1100 شركة ألمانية، في نهاية أبريل/نيسان الماضي، أن قرابة 40% من الشركات تشعر بوطأة أسعار الطاقة القياسية، وقد يؤدي ذلك إلى اتخاذ نصف الشركات قرارًا بتقليص الاستثمارات.

وبحسب الاستطلاع تخطّط 90% من الشركات لرفع الأسعار لمواجهة الزيادة في تكاليف الطاقة، وتعتزم ثلاثة أرباع الشركات زيادة الاستثمار في كفاءة الطاقة.

قطع إمدادات الطاقة الروسية عن ألمانيا

قالت شركة غازبروم الروسية -في وقت سابق- إنها ستعلّق صادرات الغاز إلى شركة شل، بسبب رفض الشركة الدفع بالروبل.

وأفادت عملاق الطاقة الروسية المملوكة للدولة، في بيان لها على حسابها بموقع تليغرام: “تلقينا إخطارًا من شركة شل إنرجي أوروبا، بأنها لا تنوي سداد مدفوعات عقد توريد الغاز لألمانيا بالروبل”.


وقالت غازبروم، إن شل ستفقد ما يصل إلى 1.2 مليار متر مكعب من إمدادات الغاز السنوية، وهو جزء ضئيل من 95 مليار متر مكعب تستهلكها ألمانيا سنويًا، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد الألمانية، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ولكن من المرجح أن تؤثر هذه الخطوة في الصناعة الألمانية التي تعتمد بشدة على غاز موسكو، بحسب موقع سي إن إن.

وتحصل ألمانيا على نحو 35% من إمداداتها من الغاز الطبيعي من روسيا، وتسعى ألمانيا إلى التخلص نهائيًا من وارداتها من غاز موسكو بحلول منتصف عام 2024.

وفي مارس/آذار الماضي، هدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقطع شحنات الغاز إلى الدول “غير الصديقة” التي ترفض الدفع بالروبل، بدلًا من اليورو أو الدولارات المنصوص عليها في العقود.

ومنذ ذلك الحين، قدمت شركة غازبروم إلى العملاء حلًا يتمثل في تمكين المشترين من سداد المدفوعات باليورو أو بالدولار في حساب مصرف “غازبروم” الذي من شأنه بعد ذلك تحويل الأموال إلى روبل وتحويلها إلى حساب آخر يُدفع من خلاله إلى روسيا.

وخلال الشهرين الأولين من الحرب الروسية على أوكرانيا، كانت ألمانيا أكبر مشترٍ للوقود الأحفوري الروسي، إذ أنفقت 8.3 مليار يورو (8.9 مليار دولار) على الواردات من موسكو، وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (كريا).

اقرأ أيضًا: ألمانيا قد تعيد تشغيل محطات الفحم المعطلة لتعويض نقص الغاز الروسي


تعتزم ألمانيا إعادة تشغيل محطات الفحم المعطَّلة، لتوليد الكهرباء وتأمين إمدادات بديلة حال قطع شحنات الغاز الروسي.

إذ كان من المفترض أن تكون محطات الكهرباء العاملة بالفحم معطلة هذا العام والعام المقبل، في إطار خطة البلاد للتخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030.

وسيقدّم وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، اليوم الثلاثاء 24 مايو/أيار، قرارًا طارئًا يمكّن الحكومة من إعادة تشغيل المنشآت حال نقص الغاز، وفقًا للتسريع المقترح الذي اطّلعت عليه وكالة بلومبرغ.

وسيسمح مرسوم الطوارئ للحكومة بتفعيل محطات الفحم دون موافقة البرلمان، لمدة تصل إلى 6 أشهر.

ومن ثم، ستصبح المحطات الآن جزءًا من الاحتياطيات الوطنية حتى 31 مارس/آذار 2024.

محطات الفحم بديلة للغاز

تمتلك ألمانيا ما يقرب من 6 غيغاواط من المرافق التي تعدّ حاليًا جزءًا من الاحتياطيات الوطنية، وكان من المفترض أن يُغلق العديد منها في إطار خطة التخلص التدريجي من الفحم.

إذ تمتلك الدولة حاليًا 4.3 غيغاواط من محطات الفحم، و1.6 غيغاواط من منشآت النفط في الاحتياطيات الوطنية.

“لا يحدث هذا الطلب لتوليد كهرباء إضافية تعمل بالفحم إلّا عندما يكون هناك نقص في الغاز، أو إذا كان هناك تهديد بنقص الغاز، ويجب تقليل استهلاك الغاز في توليد الكهرباء”، وفقًا للقانون المقترح.

إذ أوضح أنه “يجب أن نكمل التخلص التدريجي من الفحم في ألمانيا بحلول عام 2030، وهذا أكثر أهمية من أيّ وقت مضى في الأزمة الحالية”.

وأضاف: “في الطريق إلى هناك، يتعين علينا تعزيز احتياطاتنا والحفاظ على محطات الكهرباء العاملة بالفحم في الاحتياطيات لمدة أطول على المدى القصير”.

سد الفجوات.. بأسعار أقل

رأت ألمانيا أنه يجب إعطاء الأولوية للغاز -الذي شكّل 15% من مدخلات إنتاج الكهرباء العام الماضي- بالنسبة للصناعة وتدفئة المنازل إذا نشأ اختناق، ما يجعل من الضروري الاعتماد على قدرة الفحم المعطلة لسدّ الفجوات، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مصادر في وزارة الاقتصاد.

بموجب هذا الإجراء، سيُمَكَّن ما مجموعه 8.5 غيغاواط من قدرة التوليد التي تعمل بالفحم البني والصلب، وكمية صغيرة من تلك التي تعمل بالنفط، من قبل مشغّليها لتوفير الكهرباء عند الطلب.

وستكون المشاركة في الخطة طوعية، وسيُعوّض المشغّلون من الأموال العامة لتجهيز المواد الأولية وتقديم المساعدة التقنية اللازمة، حسبما أفادت وكالة رويترز.

ولا يعني الحفاظ على طاقة الفحم في حالة استعداد أن المحطات تصدر منها انبعاثات كربونية إضافية، إذ إن الخطة لن تعرقل هدف ألمانيا الإجمالي المتمثل في وقف استخدام الفحم لتوليد الكهرباء، بحلول عام 2030.

كما إن الخطة لن ترفع أسعار الكهرباء، لأن توليد الكهرباء باستخدام الفحم أرخص نسبيًا من استخدام الغاز.

واردات الفحم الروسي

أكدت المرافق الألمانية أنها تستطيع إتاحة المحطات إذا لزم الأمر، بحسب بلومبرغ.

إذ قالت شركة يونيبر، إنها يمكن أن ترسل ما يصل إلى 3 غيغاواط من توليد الكهرباء بالفحم لتعزيز أمن الإمداد، بينما قالت شركة آر دبليو إي، إنها تراجع محطات الكهرباء التي يمكن إعادة تشغيلها.

ومع ذلك، لن يكون الحفاظ على إمدادات الطاقة في أكبر مشترٍ للغاز الروسي في أوروبا أمرًا سهلًا؛ إذ تعتمد القارّة أيضًا على روسيا في الغالبية العظمى من الفحم الحراري الذي تستورده لتشغيل محطات الكهرباء.

وتشتري أوروبا نوعين من الفحم من روسيا: الفحم الحراري الذي يُحرق بوساطة محطات توليد الكهرباء، والفحم المعدني الذي يُستخدم في صناعة الصلب.

وتبلغ حصة روسيا من واردات الاتحاد الأوروبي من الفحم الحراري 70% تقريبًا، وتعتمد عليها ألمانيا وبولندا بشكل خاص.

ونظرًا لأن الكثير من وقود أوروبا يأتي من روسيا، سيتعين على المرافق الأوروبية دفع المزيد للحصول على الفحم من أماكن مثل جنوب أفريقيا وأستراليا.

المصدر: الطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى