أضخم قوة بحرية في العالم.. الصين تصنع أول حاملة طائرات “عملاقة” الأكثر تطوراً
تستعد الصين لتدشين أحدث حاملة طائراتها وأكثرها تطوّراً، في خطوة أساسية ستمكّن أسطولها البحري من توسيع عملياته العسكرية في أعالي البحار، حسبما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأظهرت صور جديدة التقطتها أقمار اصطناعية، أن حاملة الطائرات الثالثة للصين، المعروفة باسم Type 003، قد تبدأ العمل خلال الأسابيع أو حتى الأيام المقبلة، علماً أن تشييدها بدأ قبل سنوات في حوض بناء السفن جيانجنان بمدينة شنغهاي.
وتُعدّ Type 003 حاملة الطائرات الأكثر ضخامة وتطوّراً في الصين. وقال محللون إنها تستخدم تقنية مقلاع كهرومغناطيسية جديدة لإطلاق المقاتلات، شبيهة بتلك المُستخدمة في حاملات الطائرات الأميركية والفرنسية.
وقال ماثيو فونايول، وهو باحث بشؤون الصين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (مقره واشنطن)، والذي زوّد “وول ستريت جورنال” بالصور: “بمجرد تشغيلها، ستوسّع حاملة الطائرات الثالثة بشكل كبير، قدرة الصين على تأمين مصالحها في البحار القريبة، مع تمكين (البحرية الصينية) من إبراز قوتها بعيداً من البرّ الرئيس للصين”.
واعتبر أن تدشين السفينة يعكس تقدّماً مستمراً لبكين في توسيع أسطولها البحري، وتابع: “كل الدلائل تشير إلى استمرار هذا التقدّم، لتصنيع ناقلتها الرابعة والخامسة وربما السادسة”، علماً أن الولايات المتحدة تمتلك 11 حاملة طائرات، هي الأكثر عدداً لبلد واحد في العالم.
تمهيد لتدشين السفينة
صور الأقمار الاصطناعية التي التقطتها شركة “ماكسار تكنولوجيز” في 31 مايو، تُظهر إخراج سفن أصغر وتجميد أعمال بناء السفن، في الحوض الجاف حيث تُشيّد حاملة الطائرات، علماً أن صوراً سابقة أظهرت أنها كانت موجودة هناك قبل 10 أيام.
واعتبر فونايول أن ذلك سيمكّن البحرية الصينية من إطلاق حاملة الطائرات في نهر يانجتسي، مشيراً إلى أن بكين يمكن أن تدشّن السفينة خلال عطلة وطنية تبدأ الجمعة. واستدرك أن حاملة الطائرات لن تعمل بكامل طاقتها قبل سنوات.
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤول أميركي ترجيحه إطلاق السفينة من حوضها الجاف قريباً، مستدركاً أن تشييدها جار. وأضاف: “ثمة عمل كبير يجب فعله قبل أن تتمكّن حاملة الطائرات من دخول المياه وبدء التجارب” عليها.
أول حاملة طائرات محلية الصنع
حاملة الطائرات هذه هي الأولى الذي تُشيّد محلياً في الصين، إذ أن أول حاملة طائرات امتلكتها كانت سفينة سوفيتية سابقة أُعيد تأهيلها قبل سنوات. أما الثانية فيعتمد تصميمها إلى حد كبير على حاملة الطائرات السوفيتية الأولى.
وقال براين كلارك، وهو باحث بارز في معهد هدسون الأميركي، إن الحاملة الجديدة هي عملياً مثل المقاتلات التي تصنعها بكين، معتبراً أنها تحتاج وقتاً لكي تكون مقاتلة الجيل التالي، من طراز “تشينجدو جاي-20″، متوافقة مع حاملة الطائرات.
وأضاف: “هذا ليس تطوراً مهماً، لأن ضعف قدرات حاملة الطائرات الصينية يكمن في جناحها الجوي”. واستدرك أن تحقيق ذلك، في غضون 3 أو 4 سنوات، يمكن أن يجعل الولايات المتحدة تواجه بحرية صينية ذات قدرات فعالة في المنطقة. وزاد: “يمكن أن يشكّل ذلك تحدياً بالنسبة إلى (الأميركيين)، إذ أنه يدفع بمدى القوة الجوية الصينية إلى أبعد من ذلك”.
أضخم قوة بحرية في العالم
ورجّحت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، في تقريرها السنوي إلى الكونجرس العام الماضي بشأن الجيش الصيني، أن تكون الحاملة الجديدة جاهزة للعمل في عام 2024. وأضافت أن حجم السفينة ونظام إطلاق المنجنيق “سيمكّنانها من دعم مقاتلات إضافية، وطائرات إنذار مبكر ذات أجنحة ثابتة، وعمليات طيران أكثر سرعة، وبالتالي توسيع مدى وفعالية طائراتها الهجومية المتمركزة على حاملة الطائرات”.
وأشارت أحدث نسخة من تقرير أصدرته الوزارة عن “القوة العسكرية الصينية”، إلى أن بكين تطوّر أيضاً طرزاً جديدة من المقاتلات والطائرات الهجومية الإلكترونية، التي يمكن إطلاقها من حاملات الطائرات، كما عززت قدرات الحرب المضادة للغواصات، لحماية حاملات طائراتها وغواصاتها.
وأفاد تقرير البنتاجون بأن لدى الصين نحو 355 سفينة وغواصة، ما يجعلها أضخم قوة بحرية في العالم.
وفي أكتوبر الماضي، رجّح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، استناداً إلى الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية، تدشين حاملة الطائرات في غضون 3 إلى 6 أشهر. ولفت فونايول إلى تباطؤ هذا الجدول كما يبدو، نتيجة أزمة فيروس كورونا المستجد، التي أسفرت عن إغلاق مدينة شنغهاي، حيث تُشيّد السفينة.
وذكر أن الحكومة الصينية أصدرت إشعاراً بحرياً الجمعة الماضي، يأمر السفن الأخرى بالابتعاد عن المنطقة المحيطة بالحوض الجاف حيث تُشيّد حاملة الطائرات، في مؤشر محتمل إلى عملية وشيكة بشأنها.
اقرأ أيضاً: خطط صينية لامتلاك حاملات طائرات تعمل بالطاقة النووية
كشفت مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، الخميس، أن الصين تسعى بلا هوادة إلى امتلاك حاملات طائرات تعمل بالطاقة النووية، ضمن جهودها لتعزيز قدرات قواتها البحرية.
وأوضحت المجلة أن البحرية الصينية تمتلك بالفعل سفينتين تعملان بالطاقة التقليدية، فيما تقوم ببناء حاملة طائرات ثالثة، متوقعة أن تكون مدعومة بالطاقة النووية.
وقال الخبير البحري لي جي، لصحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، إن البحرية الصينية لتكون قادرة على المنافسة حقاً فإنها “تحتاج إلى حاملة طائرات قادرة على توليد الكثير من القوة والسرعات العالية من أجل إطلاق طائرات كبيرة الحجم”.
وأضاف: “تحتاج الصين إلى حاملة طائرات أكثر قوة تعمل بالطاقة النووية لإطلاق طائراتها المقاتلة فائقة الثقل جيه – 15”.
من جانبه، أوضح الخبير العسكري زو تشين مينج للصحيفة أن الصين تتمتع بخبرة جيدة في تطوير المفاعلات النووية للاستخدام على الأرض، ولكنها لم تتقن بعد عملية التصغير اللازمة لجعل وحدة الطاقة النووية مناسبة لحاملة طائرات، قائلاً: “تتمتع الصين بقدرات بناء بحرية قوية، ولكنها لا تزال ضعيفة للغاية في مجال تصغير حجم الأسلحة النووية، لذلك يمكنها التعلم من روسيا”.
تعاون روسي صيني
تتعاون روسيا مع الصين بالفعل في مشروع إنتاج كاسحة جليد تعمل بالطاقة النووية، إذ دعت الحكومة الروسية في يونيو 2018 الشركة النووية الوطنية الصينية لتقديم عطاءات على مشروع كاسحة الجليد، ومن المقرر أن يتم تشغيل كاسحة الجليد الجديدة التي يبلغ طولها 500 قدم بواسطة مفاعلات معيارية.
وبحسب “ناشيونال إنترست”، فإن العمل على كاسحة الجليد مع روسيا يمكن أن يفيد الصين باعتبار أنها تضع نصب عينيها بناء حاملة طائرات رابعة محتملة، يمكن أن تعمل بالطاقة النووية.
ووفقاً لـ “ساوث تشاينا مورنينج بوست”، فإن الاتحاد السوفيتي بدأ من قبل باستخدام كاسحات الجليد كمنصات تجريبية لتطوير المفاعلات النووية لحاملات الطاقة في خمسينيات القرن الماضي.
وأضافت الصحيفة: “عندما كانت مدينة أوليانوفسك الروسية جاهزة للبدء في بناء أول حاملة نووية لها عام 1988، كانت قد صنعت بالفعل 5 كاسحات جليد نووية. ولسوء الحظ، لم يكتمل بناء الحاملة أبداً، حيث انهار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، قبل أربع سنوات من الإطلاق المخطط له”.
طاقة عالية
وفي هذا الصدد، قال لي جي الخبير البحري الصيني إن “حاملات الطائرات وكاسحات الجليد تتطلب كميات كبيرة من الطاقة لأن التصميم الهيكلي لكسر الجليد الذي يسمح له بقطع الجليد الكثيف يعني أنه يحتاج إلى نظام دفع قوي”.
وقال خبراء لوسائل إعلام حكومية صينية إن البحرية قد تمتلك ما يصل إلى 6 حاملات طائرات بحلول منتصف العقد المقبل، وأشاروا إلى أن ذلك قد يكون مزيجاً من السفن التقليدية وأخرى تعمل بالطاقة النووية. وقد تسمح تلك الحاملات لبكين بتجهيز أساطيلها الإقليمية بحاملتين، إذ يمكن أن يتم نشر إحداهما بينما تخضع الأخرى للصيانة.
من جانبه، قال سونج تشونج بينج، الخبير العسكري والمعلّق التلفزيوني، لصحيفة “جلوبال تايمز” الصينية الحكومية، إن الصين “بحاجة إلى 5 حاملات طائرات على الأقل لتنفيذ استراتيجيتها العسكرية”، في حين قال وانج يون في، وهو ضابط متقاعد في البحرية الصينية، إن بكين تحتاج 6 حاملات.
وكانت وزارة الدفاع الصينية رفضت خلال مؤتمر صحافي، في نوفمبر 2018، تحديد عدد حاملات الطائرات التي تخطط للاستحواذ عليها.
وبغض النظر عن الكلفة المرتفعة، فإن 6 حاملات تعد أمراً منطقياً، حيث تضم البحرية الصينية 3 أساطيل إقليمية، واحد لكل من السواحل الشمالية والشرقية والجنوبية للصين، بحسب “ناشيونال إنترست”.
المصدر: الشرق – مواقع إلكترونية