المغرب يقتحم ثورة الكوبالت الغالي الثمن.. رونو للسيارات تتفق مع مناجم الهولدينغ الملكي للتزود بـ”الذهب الأزرق”
بعد نجاحه في التحول إلى قبلة هامة لصناعة السيارات، يطمح المغرب اليوم ليكون لاعبا رئيسيا في سوق السيارات الكهربائية، من خلال سعيه لتأمين إمداد الشركات العالمية بمعدن نفيس يدخل ضمن تصنيع بطاريات هذا النوع من المركبات.
وبحسب “سكاي نيوز” عربية، يعزز التوجه المغربي توفر المملكة على احتياطات كبيرة من معدن الكوبالت الخام “الذهب الأزرق”، الذي يدخل في انتاج البطاريات الخاصة بالسيارات الكهربائية.
وتتنافس الشركات العالمية العاملة في هذا القطاع في البحث عن مصادر التزود بهذا المعدن الاستراتيجي، حيث أعلنت مجموعة رينو الفرنسية لصناعة السيارات، الأربعاء (1 يونيو 2022)، عن إبرامها اتفاقا مع مجموعة مناجم المغربية، التابعة للهولدينغ الملكي “المدى” لشراء مادة كبريتات الكوبالت الموجه لإنتاج السيارات الكهربائية.
وينص العقد المبرم بين رينو ومجموعة المناجم المغربية على تزويد المجموعة الفرنسية بـ5000 طن من كبريتات الكوبالت المغربي سنويا، وعلى مدى سبع سنوات ابتداء من سنة 2025.
وبموجب هذه الشراكة ستنتج “مناجم” المغربية مادة كبريتات الكوبالت بالاستعانة بتقنيات منخفضة الكربون، خاصة مع استخدام الطاقة الريحية التي من المرتقب أن تؤمن 20 في المائة من الطاقة اللازمة، وبذلك ستضمن مجموعة رينو إمدادات هامة من هذا المعدن، تمثل طاقة سنوية لإنتاج البطاريات تصل إلى 15 غيغاوات/ساعة.
صناعة الكوبالت في المغرب
في عام 1928 بدأ نشاط إنتاج الكوبالت في المغرب انطلاقا من منجم “بوازار” التاريخي ضواحي مدينة ورزارات.
ويساهم هذا المعدن بنسبة 36 في المائة من معاملات الفاعل الأساسي في المعادن بالمغرب، وفق بيانات مجموعة مناجم للتعدين والتي تعتبر من بين أكبر 5 منتجين لكوبالت الكاثود عالي النقاوة في العالم.
ويحتل المغرب المركز الـ 11 عالميا من لاحتياط العالمي من معدن الكوبالت بـ 17 ألف و600 طن، وتنتج المملكة سنويا أكثر من ألفي طن، حسب البيانات الرسمية.
يقول عبد الله متقي الكاتب العام للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، إن الكوبالت يعتبر من المعادن الأساسية والاستراتيجية في الانتقال الطاقي، وفي مجال النقل المستدام حيث يدخل في صناعة البطاريات القابلة للشحن.
وفي حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، يؤكد عبد الله متقي، أن المغرب ينتج الكوبالت بنقاوة عالية مقارنة بباقي الدول المصدرة لهذه المادة ومن بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تمتلك أكبر احتياطي على المستوى العالمي، مشددا على أن منجم “بوزار” ضواحي مدينة ورزازات يعتبر المنجم الوحيد في العالم الذي يستخرج منه الكوبالت كمعدن أساسي.
ويرى المسؤول المغربي على أن المملكة تلعب دورا مهما في سلاسل توريد الكوبالت على المستوى الدولي، مشيرا إلى أن مجموعة “مناجم” تعتمد على تنويع شراكتها في هذا المجال من خلال الاتفاقيات التي تبرمها مع الشركات العالمية والتي كان آخرها مع مجموعة “رينو” من أجل تزويدها بحاجياتها من الكوبالت لتحقيق هدف الانتقال نحو صناعة السيارات الكهربائية.
وأوضح أن المجموعة المغربية “مناجم” تربطها أيضا شراكة مهمة في هذا المجال مع شركة جلينكور الأنجلو-سويسرية لإنتاج الكوبالت الأولي/ المعاد تدويره، في إطار ما يطلق عليه الاقتصاد الدائري.
ويستطرد عبد الله متقي أن “الشركات العالمية تبحث اليوم عن عقد شركات مع مجموعات تتمتع بالمسؤولية المجتمعية وتحترم البيئة، وهو الشرط الذي تستوفيه “مناجم”.
وكشف المسؤول المغربي أنه وفي إطار الشراكة التي تجمع بين المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن ومجموعة “مناجم” للتعدين يجرى البحث عن احتياطات إضافية من الكوبالت في منطقة سيروا، بجبال الأطلس الأوسط.
إمكانات واعدة
وكانت مجموعة “مناجم” المغربية للتعدين قد أعلنت سابقا عن توقيع اتفاق مع شركة “جلينكور” الأنجلو-سويسرية بهدف افتتاح مصنع لإعادة تدوير الكوبالت في ضواحي مدينة مراكش، حيث تسعى المملكة لاستغلال جميع إمكاناتها في هذا المجال من أجل المساهمة في سلسلة صناعة البطاريات القابلة للشحن سواء للسيارات الكهربائية، أو مختلف الأجهزة الإلكترونية والهواتف.
يقول إدريس فجلي مدير مختبر هندسة النظم المتقدمة بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بالقنيطرة، إن المملكة تتوفر على إمكانات مهمة وواعدة في مجال إنتاج مادة الكوبالت.
ويضيف فجلي في تصريح لـ “سكاي نيوز عربية”، أن الطلب العالمي على هذا المعدن الأساسي في تصنيع البطاريات القابلة للشحن يتزايد يوما بعد يوم، مع تزايد الإقبال على تصنيع السيارات الكهربائية.
وأردن أن الخبرات التي راكمها المغرب قبل سنوات في هذا المجال، إضافة إلى موقعه الجغرافي بين القارتين الإفريقية والأوروبية وقربه من أسواق السيارات العالمية، عاملان يساعدانه على الاستفادة من الفرص الواعدة التي يتيحها هذا القطاع.
صناعة المستقبل
ومع تزايد الطلب العالمي على معدن الكوبالت بالموازاة مع ارتفاع الإقبال على إنتاج البطاريات القابلة لإعادة الشحن، يسعى المغرب إلى توظيف إمكاناته الهامة في هذا المجال من أجل حجز مراتب متقدمة ضمن قائمة الموردين العالمين.
يؤكد الخبير الاقتصادي محمد الشرقي أن المغرب يصنف ضمن الدول الرائدة في مجال إنتاج مادة الكوبالت داخل القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن هذه الصناعة تشكل جزء من المشروع الطموح الذي أطلقته المملكة للانتقال نحو الطاقات البديلة.
ولفت إلى أن المغرب يعمل على مواكبة التوجه العالمي الحالي نحو سوق السيارات الكهربائية الخالية من الانبعاثات، حاملا معه الخبرة المهمة التي اكتسبها في مجال صناعة السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري.
ويرى الخبير الاقتصادي أن تطوير هذا القطاع الذي يدخل في إطار الصناعات المستقبلية، من شأنه أم يفتح آفاق اقتصادية عديدة للمملكة التي تستفيد من القرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية، مما يساهم في خفض كلفة شبكة الربط.
وشدد على أن المملكة تستجيب لمجموعة من الشروط التي تطلبها الدخول في شراكات مع مجموعات عالمية تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة في مجال صناعة السيارات.
المصدر: مواقع إلكترونية