الأضخم في أفريقيا والوطن العربي.. تعرف على أول مشروع للطاقة الشمسية في ليبيا بقيادة شركة توتال العالمية
جرى، الأربعاء، 15 يونيو/حزيران 2022، مراسم وضع حجر الأساس، لبدء تنفيذ أول مشروع للطاقة الشمسية في ليبيا، الذي تنفذه شركة توتال الفرنسية بقدرة 500 ميغاواط.
يأتي المشروع ضمن مساعي ليبيا لوضع حلول لأزمة الكهرباء في البلاد، والتي تشهد عجزًا كبيرًا، ومحاولة اللحاق بركب الدول المجاورة في التحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة.
وأعلنت الشركة العامة للكهرباء في ليبيا إطلاق مشروع للطاقة الشمسية في منطقة السدادة، أمس الأربعاء، بحضور رئيس مجلس إدارة الشركة ورئيس مجلس إدارة الطاقات المتجددة وعضو مجلس إدارة الشركة والمدير الإقليمي للشرق الأوسط لشركة “توتال إنرجي” لإنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة إنتاجية تصل إلى 500 ميغاواط.
وقالت شركة الكهرباء الليبية، في بيان اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، إن المشروع يأتي في إطار التعاون المشترك مع جهاز الطاقات المتجددة لتنفيذ الخطة الإستراتيجية لإدماج القدرات الكهربائية المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة مع شبكة الكهرباء الوطنية.
وتهدف الدولة الواقعة في شمال أفريقيا إلى توليد 22% من الكهرباء الخاصة بها، من مصادر الطاقة المتجددة، بحلول عام 2030.
أول مشروع للطاقة الشمسية
أكد رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء، وئام العبدلي، أن مشروع محطة السدادة يُعَد أول مشروع للطاقة الشمسية في ليبيا، والأضخم في البلاد؛ إذ تصل قدرته إلى نحو 500 ميغاواط.
وشدد رئيس مجلس إدارة جهاز الطاقات المتجددة على أن المشروع يسعى لمواكبة التطور واستغلال مصادر الطاقة النظيفة وتنفيذ خطة إستراتيجية لإدماج الطاقات المتجددة في مصادر الكهرباء بالبلاد.
وأعرب المدير الإقليمي لشركة توتال إنرجي عن شكره للشركة العامة للكهرباء واللجنة التي كُلِّفَت للتحاور مع الشركة.
الشراكة مع توتال
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقّعت شركة توتال اتفاقية مع الشركة العامة للكهرباء؛ لتنفيذ مشروعات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، بقدرة تصل إلى 500 ميغاواط.
يأتي أول مشروع للطاقة الشمسية في ليبيا، الذي تنفذه توتال، ضمن مساعي الشركة الفرنسية لتعزيز وجودها بسوق الطاقة المتجددة في البلاد، ومواصلة تطوير موارد الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى دفع الاستثمار في النفط والغاز، مع زيادة الوصول إلى توليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية.
كان الرئيس التنفيذي لشركة توتال، باتريك بويانيه، قد أعلن، خلال مشاركته في قمة ليبيا للطاقة، خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عزم شركته تخصيص ملياري دولار في مشروع الواحة النفطي، لزيادة الإنتاج بنحو 100 ألف برميل يوميًا، وزيادة الإنتاج في حقل مبروك، والمساعدة في إنتاج 500 ميغاواط من الطاقة الشمسية.
أزمة الكهرباء في ليبيا
يأتي البدء في تنفيذ أول مشروع للطاقة الشمسية في ليبيا، لحل أزمات قطاع الكهرباء؛ إذ بلغ عجز الكهرباء في البلاد نحو 2500 ميغاواط يوميًا؛ ما أدى إلى اعتماد أغلب الليبيين على المولدات الخاصة.
وتسعى الشركة العامة للكهرباء إلى رفع طاقتها إلى 14 ألفًا و834 ميغاواط بحلول عام 2025، و21 ألفًا و669 ميغاواط بحلول عام 2030.
يُشار إلى أن ليبيا تستقبل يوميًا معدل إشعاع شمسي يبلغ 7.1 كيلوواط/ساعة/متر مربع، في المناطق الساحلية، ومعدلًا يصل إلى 8.1 كيلوواط/ساعة لكل متر مربع في المناطق الجنوبية.
يأتي هذا بالإضافة إلى متوسط سنوي لمدة سطوع الشمس يبلغ 3 آلاف و500 ساعة، وجهدًا مكثفًا قدره 140 ألف تيراواط/ساعة سنويًا.
اقرأ أيضًا: مستقبل الطاقة المتجددة في ليبيا
تتوافر لدى ليبيا إمكانات ضخمة لاستغلال الطاقة المتجددة، لكنها حتى الآن تعتمد على إنتاج النفط الخام الذي يتسبّب في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن عمليات إنتاجه وتكريره، وتؤدي إلى تلوّث الهواء المحيط وتغيّر المناخ.
كما تعتمد في إنتاج الكهرباء على الوقود الأحفوري -مثل الديزل وزيت الوقود والنفط الخام والغاز الطبيعي- الذي يؤدي أيضًا إلى انبعاثات كثيرة من ثاني أكسيد الكربون.
وتتوافر في ليبيا موارد متعددة ومواد أولية يمكن استغلالها، ومن أهم تلك الموارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحيوية.
وسنحاول في هذا المقال الإجابة عن التساؤل الذي يفرض نفسه: ما فرص ليبيا الممكنة للاستفادة من الطاقات المتجددة؟
أولًا: تقع ليبيا في منطقة الحزام الشمسي التي تتمتع بشدة الإشعاع الشمسي وتُعدّ الأعلى عالميًا، إذ يُقدر متوسطه الكلي على الأفقي في ليبيا بنحو 2500 كيلوواط/ساعة/متر مربع سنويًا.
ثانيًا: تتميّز الدولة بطول ساعات سطوع شمسي عالية تزيد على 3 آلاف و500 ساعة سنويًا، يكون أغلب التركيز عليها في مناطق الجنوب الشرقي والغربي من البلاد.
ثالثًا: بالنسبة إلى طاقة الرياح فإن المواقع التي تتمتع بتيارات رياح تكون على طول الساحل الليبي من طبرق شرقًا إلى طرابلس غربًا.
رابعًا: يُستفاد من هذه المصادر باستخدام التقنيات المتاحة في العالم من تركيب ألواح شمسية كهروضوئية أو حرارية تركيزية، واستخدام توربينات الرياح لإنتاج الطاقة.
معوقات تنفيذ هذه الخطط
أولًا: تستهدف ليبيا -بحلول عام 2030- التعاقد على إنشاء محطات شمسية في مناطق الجنوب وفي مدينة غدامس ومنطقة الجغبوب، ومزارع رياح لإنتاج الطاقة لبعض المواقع التي تُدرس.
ولم يُنجز أي مشروع حتى هذه الخطة، وعلى سبيل المثال مزرعة الرياح المتعاقد عليها في مدينة درنة لإنتاج الكهرباء، جرى استيراد معداتها ولم تُركّب حتى يومنا هذا، وغيرها من المشروعات التي لم تُنفذ حتى الآن.
ثانيًا: أغلب التقنيات التي دخلت إلى البلاد عبارة عن منظومات شمسية منزلية منفصلة عن الشبكة، إذ أدخلها القطاع الخاص أو بعض مشروعات الإنارة للشوارع عن طريق الأمم المتحدة، مثل مشروع الأمم المتحدة الإنمائي الذي أسهم في إدخال بعض التقنيات للاستفادة من الطاقة الشمسية في إنارة بعض الأحياء، ومن خلال الاستخدام الأنسب لهذه المصادر يُوفّر جزء كبير من الطلب على الكهرباء لتحقيق التنمية المستدامة.
ثالثًا: الحاجة إلى استثمارات ضخمة لاستغلال المواد الأولية من الرمال، وغيرها المستخدمة في إنتاج الألواح الشمسية.
رابعًا: ضعف الاستقرار السياسي في البلاد وعدم استمرار الحكومات لوضع خطط للطاقة بعيدة المدى.
دور المؤسسة الوطنية للنفط
تُعدّ الطاقات المتجددة ملفًا مهمًا على طاولة رئيس مؤسسة النفط الليبية المهندس مصطفى صنع الله، بالإضافة إلى أن ليبيا أحد أطراف اتفاقية باريس للمناخ، ما يؤكّد أنه يمكن لها أن تكون ذات مكانة دولية مهمة في استخدام الطاقات المتجددة، وذلك على النحو الآتي:
أولًا: تحاول مؤسسة النفط الاستفادة من الطاقة عن طريق استخدام نبات الجيتروفا في الصحراء الليبية، ما يعزّز من جهود الدولة في التحوّل إلى الصناعة ودعم قطاع الزراعة وتوليد الكهرباء، وستتمكّن الأمم المتحدة من أداء دورها في تحقيق الاستقرار وخلق فرص عمل ومنع تدفق الهجرة عن طريق توطين برامجها المعدة لذلك.
ثانيًا: عملت المؤسسة على تجهيز معهد الطاقة في منطقة أجخرة بمعامل لتمكين قدرات محلية، إلى جانب السعي لتوليد الكهرباء من الشمس، ولتحويل المياه المصاحبة للنفط ومنع الاحتباس الحراري والحفاظ على البيئة.
ثالثًا: مبادرة شركاء مؤسسة النفط إيني الإيطالية بدأت منذ أيام في المسح المبدئي لمشروع الطاقة الشمسية في منطقة ربيانية، ونجح ذلك المسح الذي يُعدّ مصدر طاقة مستدامًا، إلى جانب أكبر المشروعات الواقعية التي نفّذتها مؤسسة النفط، وهي ألواح الطاقة الشمسية في مدن الجبل الغربي لعدد مستشفيين عموميين.
رابعًا: الدراسات البيئية من مؤسسة النفط وشركاتها متعددة، ويُعمل على تطبيقها داخل مواقع عمليات شركاتها، وتدريب البلديات الواقعة في نطاقها على أسس الحد من أي تأثيرات بيئية محتملة.
خامسًا: مشروعات مهمة مثل مشروع استخلاص غاز الطهي من شعلة حقل الشرارة سوف تخفّض الانبعاثات، وتحقّق وفرة اقتصادية في الغاز إلى مناطق الجنوب، وكذلك مشروعات التوقف عن حرق الغاز واستغلالها ما زالت تتعرّض لعائق الدعم المالي من الحكومات.
سادسًا: تدرس مؤسسة النفط مع ريبسول الإسبانية سبل استغلال الطاقة الشمسية في الجنوب الغربي.
سابعًا: مقترح المؤسسة الوطنية للنفط ومساعيها مع الشركة العامة للكهرباء لتزويد المدن والمناطق البعيدة عن محطات الكهرباء بالطاقة الشمسية.
ثامنًا: تنفيذ هذه المشروعات سوف يخفّض الأعباء على الشبكة العامة للكهرباء، وقد تلجأ منشآت النفط -أيضًا- إلى استغلال الطاقة الشمسية لحل مشكلات الكهرباء في بعض الحقول النفطية.
تاسعًا: استقرار البيئة المحيطة اقتصاديًا وسياسيًا حول مناطق العمليات سوف يمكّن الشركاء الأجانب من تنفيذ برامجهم للتنمية والوعود المقدمة، خصوصًا بعد تقدّم شركاء ذي مستوي عال مثل شركة توتال نحو ليبيا بقوة.
ما زالت بعض البرامج في انتظار التمويل لتنفيذها، وهي خطط طموحة تبشّر بتعدّد مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، إلا أن ضعف التمويل يعوق العمليات الإنتاجية وكذلك التطويرية وأي مشروعات أخرى مثل الطاقة النظيفة أيضًا.
المصدر: مواقع إلكترونية