حول العالم

ما علاقة الألماس بقياس الزمن

تعود أقدم طرق معرفة الوقت إلى الحضارات القديمة.. ما علاقة الألماس بقياس الزمن

“ساعات ساعات أحبّ عمري وأعشق الحاجات”، تصدح بها صباح وهي تغني عن الوقت.

“ساعات ساعات” ينادي البائع المتجول وهو يحمل بين أصابعه ومعصمه ساعات يد للبيع.

وساعات أخرى تُعرض مع المجوهرات وتفوقها قيمة وثمناً، ويكلف اقتناؤها ثروة.

ساعة تمر وساعة ترصد، ساعة تعني مفهوماً زمنياً، وساعة توضع في اليد وفي سلسلة، وعلى الحائط وفي الساحات.

وفي المفهوم الزمني تفاصيل كثيرة، من نظام العد الستيني بدقائقه وثوانيه، إلى ليل ونهار، إلى عمر كامل بتفاصيل وفلسفات كثيرة، ومرور الوقت كلّه هذا تقيسه آلة، في لغتنا العربية يبدو الالتباس ما بين الساعة كـ 60 دقيقة أو مفهوم زمني، والساعة كآلة تلتقي فيها العقارب الثلاثة، حتى أن طُرفاً عديدة حيكت حول الاسم.

وفي أجمل تجليات التعبير عن الزمن بالساعة لوحة “إصرار الذاكرة” الأكثر شهرة للرسام الإسباني سلفادور دالي وتسمى أيضاً بلوحة الزمن أو الساعات الذائبة وقد رسمها عام 1931.

أشهر الساعات المتربعة على الأبراج ساعة بيغ بن في لندن على برج إليزابيث وتعمل منذ العام 1858 (بيكسا باي)

قياس الزمن

وتعود أقدم طرق قياس الوقت كما هو معروف تاريخياً إلى الحضارات القديمة من المصرية وبلاد ما بين النهرين، إذ استخدم سكان تلك المناطق إما المسلّة ومراقبة ظلال الشمس عليها، أو الساعات المائية التي يتدفّق منها السائل نقطة نقطة والتي تشبه الساعات الرملية التي تنساب الرمال بين طرفيها، وفي الصين واليابان استخدمت الشموع المضاءة بطول وعرض محددين والتي يدّل ذوبانها إلى مرور الوقت، ومثلها الساعات البخورية، إلى أن عرفت ساعة الرقاص والساعة الميكانيكية بتفاصيلها ودقتها، وصولاً إلى الساعات الرقمية والساعات الذكية التي تسجّل إلى جانب الوقت تفاصيل أخرى كثيرة.

london-bridge-945499_1920.jpg

ساعات الساحات

وتتزين الساحات العامة بالساعات الكبيرة، وللعديد منها شهرة تاريخية أو عالمية، ومعظمها بنيت لها أبراج تعدّ من المعالم السياحية والأثرية المهمّة، وبعض هذه الساعات تُصدر صوتاً كل ساعة مع دقات بحسب الوقت، وحتى أن بعض المدن المشهورة بصناعة الساعات في ألمانيا وسويسرا كمنطقة الغابة السوداء، غالباً ما تتردّد أصوات دقات الساعة متزامنة مع بعضها بعضاً فتُسمع لها أصداء جميلة في الأماكن.

ومن أشهر الساعات المتربعة على الأبراج ساعة بيغ بن في لندن على برج إليزابيث، وتعمل منذ العام 1858، ولها أربعة أوجه وتعدّ معلماً سياحياً مهمّاً في بريطانيا.

وإلى الولايات المتحدة الأميركية في ولاية بنسلفانيا، مدينة فيلادلفيا حيث قاعة البلدية الأكبر في الدولة، وتحتوي على ساعات منذ العام 1901 تواجه الجهات الأربع، وقطر الواحدة منها حوالى ثمانية أمتار.

أمّا ساعة مدينة براغ الفلكية الشهيرة في تشيكيا، فهي من أقدم الساعات الفلكية التي ما زالت تعمل في العالم، وصامدة منذ العام 1410، وما زالت تجذب الكثير من السياح.

ومن الساعات الشهيرة في أبراجها ساعة سباساكيا في الساحة الحمراء في موسكو، عاصمة روسيا، والتي تعمل منذ العام 1625 وتعدّ جزءاً من مبنى الكرملين.

وفي مدينة برن السويسرية، موطن الساعات الفاخرة، يتعالى برج زيتغلوغ ذات الساعة الفلكية التي تعود إلى القرن الـ 15 وقد أُدرج البرج على قائمة مواقع اليونسكو للتراث العالمي.

أما أعلى ساعات الأبراج، فهي في المملكة العربية السعودية في مدينة مكّة، ويبلغ طول البرج أكثر من 600 متر، في وقف “أبراج البيت” المواجه للمسجد الحرام، وتعدّ أكبر وأغلى ساعة في العالم ويتغيّر لونها كل دقيقة.

ساعات الحائط

ومن الساحات، ودخولاً إلى البيوت والفنادق والمكاتب، تحتلّ الساعات المعلقة مكانها ومكانتها بامتياز، فعدا عن مهمتها في الإشارة إلى الوقت، تعتبر قطعة إكسسوار مهمة، فيختارها مهندسو الديكور أو أصحاب الأماكن بحسب أذواقهم الفنية، ومنها تلك المصنوعة يدوياً، فتكون كل قطعة تحفة فنية خاصة، ومنها ما صُنع بأشكال مختلفة ومبتكرة، تكون أحياناً على شكل وردة، أو مشهد طبيعي أو لوحة، وقد تغيب الأرقام من بعضها ويستعاض عنها بخطوط أو أشكال أو حتى بلا شيء.

ومن أجمل ساعات الحائط، ربما تلك المصنوعة من أخشاب الغابة السوداء، بطائر الكوكو الشهير بصوته، والذي يُقلَّد باستخدام الأنابيب داخل هيكل الساعة الذي يحتوي على الكثير من الأقراص المسنّنة المصقولة لدوران الوقت، أما الشكل الخارجي فغالباً ما يكون عبارة عن منزل بقرميد خشبي كما حال البيوت في تلك المنطقة على أطراف الغابة.

الساعة تحضن المعصم

وصمّم باتيك فيليب عام 1868 الساعة على شكل إسوارة واعتبرت نسائية، فلم يرتدها الرجال الذين فضّلوها محمولة وتعلّق بسلسلة وتوضع في الجيب، وفي العام 1904 صنع لويس كارتييه ساعة اليد الرجالية، ولكنها لم تستخدم على نطاق واسع إلا خلال الحرب العالمية الأولى، كأن الوقت أصبح الشغل الشاغل ولا وقت لإضاعته في إخراج الساعة من الجيوب الداخلية، وتمسّكت الساعة بمعصم الناس.

وصارت رفيقتهم الدائمة، ولبسها الناس في اليد اليسرى كي لا تتلف بسرعة بسبب استخدام اليد اليمنى بشكل أكبر، ولأنها كانت تعتمد على تدوير مقبض لفّ العقارب والذي يكون أسهل باليد اليمنى، وظلت تعتمد على هذا الشحن اليدوي، إلى أن أصبح لها بطارية خاصة تدير شؤونها من الداخل.

وعلى الرغم من اجتياح الساعات الرقمية الأسواق إلا أن قيمة الساعة الميكانيكية والذي اهتزّ لزمن قصير عاد ليكون أساس هذه القطعة، ودلالة على فخامتها وأصالتها.

فلالتقاء عقارب الساعة وقع راقٍ، قد يكون تقديراً للوقت ودورانه في قالب الساعة الدائري، والذي عُدّل بشكله الهندسي الخارجي، وظله الدائري أو المربع الأكثر استخداماً.

وأكثر الساعات اليدوية الفاخرة شهرة تلك التي تنتج في سويسرا في منطقة سميت “وادي الساعات”، وتصنع سويسرا أكثر من 25 مليون ساعة يدوية، ويصل أحياناً سعر الواحدة إلى مليون يورو (حوالى 1.13 مليون دولار أميركي)، من دون إدخال المجوهرات.

وتمتاز هذه الساعات بمهارة وحرفة تصنيع أجزاء صغيرة جداً وعددها بضع مئات، وأجزاء متناهية الصغر وتقدّر ببضعة آلاف لكلّ ساعة، وكلها تُصقل يدوياً وتحتاج جهداً بشرياً كبيراً، وصبراً ودقة في الصناعة لساعات طويلة، كذلك يضاف إلى الساعات اليدوية الذهب والألماس وأنواع من الأحجار الكريمة التي تجعلها أغلى، وتشبه قطعة مجوهرات.

وبيعت أغلى ساعة يد العام الماضي في جنيف السويسرية بمبلغ 31 مليون دولار، وهي ساعة باتيك فيليب Grandmaster Chime وتطلّب تصنيعها يدوياً أكثر من 100 ألف ساعة من العمل، وهي مصنّعة من الفولاذ والذهب الأبيض والوردي وخشب الأبنوس الأسود، وبيعت في مزاد استمر خمس دقائق واشتراها شخص عبر الهاتف لم يكشف عن هويته.

أما أغلى الساعات على الإطلاق فهي ساعة غراف دايموند ويبلغ سعرها 55 مليون دولار، وهي عبارة عن سوار بلاتين يحتوي على 110 قيراط من الألماس الملوّن.

خصائص ميكانيكية

وما يزيد من سعر الساعة خصائصها الميكانيكية، والنحت اليدوي الفني، والأحجار الكريمة والمعادن إضافة إلى محدودية عدد الإصدار وتاريخ الصنع وعدد الأجزاء المركبة لها.

وعلى الرغم من أن كثيرين استغنوا عن ساعة اليد مكتفين بمؤشر الوقت الذي يظهر دائماً على شاشات الهواتف المحمولة، ويختارون شكل الساعة التقليدية أو الديجيتال، ولكن ما زال لسوق ساعات اليد التقليدية زبائنه المخلصون، وفي حين يكتفي البعض بساعة واحدة سنوات عدة، هناك مَن لديهم ولع كبير بهذه القطعة، ويقتني عدداً كبيراً من الساعات تلائم مناسباته وأسلوب حياته.

ويوجد عدد من متاحف الساعات اليدوية والتراثية والنادرة في ألمانيا وسويسرا والنمسا وتركيا والسعودية وروسيا، غالباً ما يقصدها محبو الساعات الميكانيكية.

وقد أسّس في دبي نادٍ حصري لأصحاب الساعات الفاخرة عام 2015، يجتمعون في مجالس يتحدثون عن ساعاتهم والساعات التي ينوون اقتناءها أو تصميمها، وصمّم النادي 10 إصدارات من الساعات الخاصة به بالتعاون مع شركات مصنّعة للساعات في سويسرا، مكتوباً عليها اسم صاحب كل ساعة ما يعطي خصوصية وعلاقة مميزة بالساعة.

مواقع عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى