علوم وتكنولوجيا

تطوير مادة جديدة من الطحالب تعزّز كفاءة الألواح الشمسية

ينظر العالم إلى الطاقة الشمسية كونها مصدرًا نظيفًا ومستدامًا، ومع تزايد دورها في تحول الطاقة، بات تطوير كفاءة الألواح الشمسية وتعزيزها الشغل الشاغل للعديد من الباحثين والشركات.

وكانت شركة “سويدش آلجي فاكتوري” في مقدمة هذه الشركات، إذ عكفت طوال السنين الماضية لاستخلاص مادة جديدة من الطحالب بخصائص فريدة يمكن استخدامها في مختلف القطاعات.

فبعد أن حققت الشركة نجاحات مذهلة في استخدام مادة “ألجيكا” بمنتجات العناية الشخصية، أثبتت الدراسات إمكان استغلال مميزاتها في صناعة الألواح الشمسية.

ومن المتوقع أن تساعد هذه المادة في الحد من تدهور الألواح بفضل قدرتها على حجب الأشعة فوق البنفسجية الضارة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

من أين جاءت الفكرة؟

تأسست شركة “سويدش آلجي فاكتوري” عام 2016 على يد أستاذة البيئة البحرية أنجيلا وولف، ومهندسة التقنيات الحيوية صوفي أليرت.

وأوضح رئيس الفريق التقني للمشروع سيمون نيلسون -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-، أن فكرة استخدام الدياتومات جاءت لتحسين كفاءة الألواح الشمسية من بحث أجرته أستاذة البيئة البحرية أنجيلا وولف وباحثون آخرون في المجال نفسه.


والدياتومات عبارة عن طحالب متناهية الصغر أغلبها وحيدة الخلية بحجم يصل إلى ملليمترين، ويمكنها العيش في ظروف قاسية بفضل غلاف خارجي فريد.

وبدأت الشركة -التي تتخذ من السويد مقرًا لها- تطوير مادة جديدة تُسمّى “ألجيكا”، إذ أكدت التجارب والدراسات قدرتها على تعزيز كفاءة الألواح الشمسية.

وتُعد الفكرة جزءًا من مشروع “صن آلجي لايف” المموّل من قبل الاتحاد الأوروبي، الذي يهدف إلى بناء أول مصنع للإنتاج على نطاق واسع، ومواصلة التجارب مع العملاء في قطاع الطاقة الشمسية.

مميزات فريدة

تعتمد الفكرة على إنتاج مادة سيليكا مسامية مصنوعة من الدياتومات، إذ تتميّز خلايا الدياتومات بغطاء فريد من السيليكا (ثاني أكسيد السيليكون).

واعتقد رئيس الفريق التقني للمشروع سيمون نيلسون -في تصريح خاص إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إن غلاف السيليكا الخارجي تطور منذ 200 مليون سنة لحماية الطحالب من مستويات الأشعة فوق البنفسجية العالية التي كانت موجودة في ذلك الوقت.

وتابع: “هذا الغلاف الخارجي عبارة عن بلورة فوتونية (بلورة ضوئية) طبيعية تحجب الأشعة فوق البنفسجية، وتعزّز التمثيل الضوئي للطحالب”.

لذا تعمل الشركة على تطبيق “ألجيكا” كونه طلاء مضادًا للانعكاس على الألواح الشمسية، إذ يُسهم في تقليل أشعة الشمس من الانعكاس على الزجاج العلوي، ويعني ذلك نقل المزيد من الضوء إلى الخلية الشمسية وتوليد المزيد من الكهرباء.

التطبيق على الألواح الشمسية

ما يزال استخدام ألجيكا مقتصرًا على قطاع العناية الشخصية في الوقت الراهن، إذ تضيف المادة ترطيبًا جيدًا للبشرة، وتساعد في تعزيز عامل الحماية بواقيات الشمس.

إلا أن المادة الجديدة تحمل نتائج واعدة لصناعة الألواح الشمسية في المستقبل.

وأشار نيلسون إلى أن الطلاء المضاد للانعكاس قابل للتطبيق على أي نوع من الألواح الشمسية.

فبالنسبة إلى الخلايا الشمسية الصبغية (دي إس إس سي) والخلايا الشمسية العضوية (الخلايا الشمسية البلاستيكية)، أُجريت دراسات حول دمج الغلاف الخارجي للدياتومات في الطبقة النشطة من الخلايا الشمسية.

وأظهرت هذه الدراسات نتائج مذهلة، إذ تعزّز من كفاءة الألواح الشمسية بنسبة تزيد على 30%.

وأوضح نيلسون أن مادة ألجيكا تتمتع بخصائص فريدة لمعالجة الضوء، مع إمكان تعزيز كفاءة الألواح المصنوعة من السيليكون بما لا يقل عن 4%.

كما أظهرت الأبحاث التي أجرتها جامعة شالمر للتكنولوجيا أن إضافة مادة ألجيكا إلى المادة الفعالة في الخلايا الشمسية الصبغية زادت من كفاءتها بنسبة تصل إلى 36%.

وبالإضافة إلى ذلك، يدرس الباحثون المادة وإمكان استخدامها لزيادة قدرة الأنود في بطاريات الليثيوم أيون.

ويُعد البحث جزءًا من مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي يُسمّى “إس يو إس تي بي إيه تي تي”، ويهدف إلى تطوير أنودات عالية الأداء من مواد بتكلفة ميسورة وغير سامة ومتوفرة.

ماذا عن التكلفة؟

بالنسبة إلى التكلفة، قال رئيس الفريق التقني للمشروع سيمون نيلسون -في تصريح خاص إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إن مادة ألجيكا ستضيف تكلفة بسيطة لطلاء الألواح الشمسية، موضحًا أن السعر غير معروف حتى الآن، لأن عملية التطوير لم تنتهِ بعد.

وزعم -في حديثه ضمن تقرير نشره موقع بي في ماغازين في وقت سابق- أن النماذج المطوّرة ستكون أرخص بنسبة 3.9%، مقارنة بالألواح التجارية الحالية.

وقال: “لا نعرف مصدر هذا الرقم، وربما يكون ناتجًا عن سوء فهم”.

تحديات وآمال

أضاف رئيس الفريق التقني للمشروع سيمون نيلسون أن أحد التحديات التي تواجه الشركة -حاليًا- يتمثّل في تصنيع غشاء رقيق يمكنه تحمُّل الظروف الخارجية لمدة لا تقل عن 30 عامًا.

وتبحث الشركة -حاليًا- عن شريك لديه خبرة واسعة في تطوير طلاء الألواح الشمسية لمساعدتها في هذه المرحلة.

وتأمل شركة “سويدش آلجي فاكتوري” استخدام ألجيكا، لتحل محل المواد المنتجة بطرق غير صديقة للبيئة في العديد من الصناعات.

وبالنسبة إلى قطاع الطاقة، تتطلع إلى زيادة كفاءة الألواح الشمسية وتعزيز قدرة بطاريات الليثيوم أيون من خلال استخدام مادة ألجيكا.

اقرأ أيضاً: نظام لتبريد الألواح الشمسية يرفع من كفاءة توليد الكهرباء

طوّر باحثون إسبان نظامًا لتبريد الألواح الشمسية، يعتمد على مبادلات حرارية تحت الأرض، ما يزيد من صافي توليد الكهرباء بشكلٍ كبير.

ويؤدي ارتفاع درجة حرارة الألواح الشمسية في ظل ظروف التشغيل العادية إلى تقليل كفاءة حصاد الطاقة، وينتج مشكلات إضافية تتعلق بالدورة الحرارية وتدهور أداء الوحدات.

واختبر العلماء في جامعة ألكالا الإسبانية نظام التبريد في منشأة كهروضوئية خارج الشبكة، والتي وصفوها بأنها ممثلة لمزرعة شمسية نموذجية مع أنظمة تتبّع ذات محور واحد، وفقًا لما نقلته مجلة “بي في ماغازين” (PV Magazine).

نظام تبريد الألواح الشمسية

تتضمن تقنية التبريد تطبيق مبادل حراري على الجانب الخلفي من الألواح الشمسية لإزالة الحرارة الزائدة، التي تُبَرَّد في باطن الأرض عند درجة حرارة ثابتة تبلغ نحو 16 درجة مئوية على أعماق منخفضة نسبيًا.

وتُنقل هذه الحرارة تحت الأرض بوساطة سائل تبريد يُبَرَّد بوساطة مبادل حراري آخر على شكل حرف (U)، في بئر بعمق 15 مترًا، مملوءة بالمياه من الخزان الجوفي بباطن الأرض.

وأوضح الباحثون أن “نظام التبريد يحتاج إلى طاقة إضافية لتفعيل مضخة المبرد؛ نظرًا لأنها دائرة مغلقة، فإن فرق الطاقة الكامنة بين قاع البئر واللوح الشمسي لا يؤثّر في استهلاك الطاقة لنظام التبريد”.

وجرى قياس تحسّن واعد في صافي توليد الكهرباء لوحدة الطاقة الشمسية المبردة بنسبة تصل إلى 12.4%، لمعدل تدفّق سائل التبريد يبلغ 1.84 لترًا/دقيقة لكل متر مربع من الوحدة، ما يُثبت الجدوى الفنية لهذا النهج.

نجاح تجربة نظام التبريد

قال الباحث إغناسيو فالينتي بلانكو -لمجلة بي في ماغازين-: “تُظهر تحليلاتنا -التي أُجريت لأنواع مختلفة من المنشآت السكنية والتجارية- أن النظام قابل للتطبيق اقتصاديًا، مع مدد إطفاء الاستثمار التي تتراوح بين 5 و10 سنوات”.

وأضاف فالينتي بلانكو: “مع الاستثمار اللازم، يمكن استعمال النظام بشكل مثالي في التركيبات التقليدية”.

وقد قدّم الأكاديميون نظام التبريد في “تحسين كفاءة الوحدات الشمسية الكهروضوئية عن طريق التبريد باستخدام مبادل حراري تحت الأرض”، والذي نُشر مؤخرًا في مجلة هندسة الطاقة الشمسية.

كان التوليد القياسي للكهرباء من الطاقة الشمسية في أوروبا قد قدّم دليلًا على الدور الذي يمكن أن تؤديه المصادر المتجددة لتقليل الاعتماد على واردات الغاز الروسي.

وساعد توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في أوروبا هذا الصيف (2022) على توفير 29 مليار دولار تقريبًا من واردات الغاز الطبيعي، وفقًا لما جاء في تقرير أصدره منتدى الاقتصاد العالمي عن شركة أبحاث الطاقة، إمبير (Ember)، مطلع الشهر الجاري.

الطلب على الألواح الشمسية الصينية

في سياقٍ متصل، اكتسبت صناعة الخلايا الكهروضوئية في الصين موطئ قدم تاريخي في أوروبا، لكونها المورد الأكثر موثوقية ومرونة للألواح الشمسية، في ظل أزمة الطاقة في القارة العجوز.

وقد وصل الطلب على الألواح الشمسية إلى مستوى مرتفع جديد، مدفوعًا بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وسط الصراع بين روسيا وأوكرانيا وخطوط أنابيب نورد ستريم التالفة.

وقال عاملون صينيون، إنه من المرجح أن يستحوذ الاتحاد الأوروبي على ما يصل إلى 50% من إجمالي صادرات الصين من الألواح الشمسية هذا العام (2022)، وفق ما نقلته صحيفة “غلوبال تايمز” (Global Times).

وفي المدّة من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب، بلغت صادرات الصين 35.77 مليار دولار أميركي من حيث القيمة، مع توليد الكهرباء من 100 غيغاواط.

وقد أدى الطلب الهائل لزيادة الإمدادات ورفع أسعار السيليكون -المادة الخام للألواح الشمسية- إلى 308 يوان (42.41 دولارًا) لكل كيلوغرام، وهو الأعلى في عقد من الزمان.

المصدر: الطاقة + مواقع عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى