حول العالم

ثاني أصغر دولة في العالم: تعرف على عاصمة أغنى أغنياء العالم

إمارة موناكو المستقلة: تعرف على عاصمة أغنى أغنياء العالم

ما الذي يأتي في ذهنك عند سماع اسم إمارة موناكو؟ إنها مدينة فرنسية على البحر المتوسط، أو ربما المدينة الفرنسية الشهيرة التي يقام سباق سيارات «الفورميلا وان» كل عام، أليس كذلك؟ نعم تقع موناكو على البحر المتوسط، ويقام بها سباق «الفورميلا وان» سنويًّا، ولكنها ليست مدينة فرنسية!

موناكو دولة ذات سيادة ودستور مستقل، وتعد عاصمة لأثرياء العالم؛ إذ تتوفر بها أشهر صالات القمار وأفخم المنتجعات السياحية، وكل ذلك رغم مساحتها الصغيرة جدًّا والتى تصل إلى كيلومترين مربعين، فكيف ذلك؟ هذا ما سنعرفه في السطور القادمة، من خلال التعمق في تاريخ الإمارة الصغيرة جدًّا.

إمارة موناكو المستقلة: أقدم عائلة حاكمة في تاريخ أوروبا

تطل إمارة موناكو بالكامل على البحر المتوسط، وتبعد ثمانية كيلومترات عن فرنسا و15 كيلومترًا من الحدود الإيطالية، وعرفت بكونها ميناء مهمًّا للإغريق والرومان والفينيقيين وغيرهم، وهي شبه حصن بفعل الطبيعة، إذ إنها عبارة عن قمة جبلية تطل على البحر المتوسط، وعثر بها على دلائل وجود مستوطنات بشرية منذ العصر الحجري تحفظ حاليًّا في المتحف الطبيعي بالإمارة.

سيطر الليغوريون على موناكو منذ وقت قديم وهم شعب عريق من جنوب إيطاليا، بدأوا في تشييد حصن على قمة صخرة موناكو بهدف تحويلها إلى معقل وحصن عسكري، وأنشأ الليغوريون مستوطنة حول قاعدة الصخرة لدعم الحصن، ولجذب السكان من جنوة والمدن المجاورة الأخرى، وعرض منح الأراضي والإعفاءات الضريبية للوافدين الجدد، مما أدى إلى توافد بعض العائلات للإمارة الصغيرة.

ونجحت عائلة وافدة من مدينة جنوة الإيطالية تدعى عائلة «جريمالدي» عام 1297 في السيطرة على المدينة الصغيرة وتحويلها لإمارة خاصة لديها، لتصبح أقدم عائلة مالكة في أوروبا كلها، فقد حكمت الإمارة لمدة 725 عامًا متواصلين حتى وقتنا الحالى.

المدينة الأوروبية التي تجمع بين مظاهر البذخ والحفاظ على البيئة

وظلت الأوضاع غير مستقرة بين فرنسا و«آل جريمالدي» أمراء موناكو لفترات طويلة، وجرى إبرام عدة اتفاقيات على مدار سنوات طويلة للفصل بين البلدين، وجرى الاعتراف بالإمارة دولةً صديقة مستقلة لأول مرة من قبل الملك تشارلز الثامن ملك فرنسا عام 1489، بعد قرنين تقريبًا من استيلاء «فرانسوا جريمالدي» على القلعة الموجودة أعلى صخرة موناكو، ولكن ليس لوقت طويل، فقد سقطت الحماية الفرنسية عن الإمارة، وفُرضت عليها الحماية الإسبانية منذ عام 1524 وحتى عام 1641، حين جرى التوقيع على معاهدة تمنح موناكو الحماية الفرنسية مرة أخرى، كما أكدت سيادة الإمارة على استقلالها وحقوقها وامتيازاتها.

وعندما قامت الثورة الفرنسية عام 1793 جرد النظام الثوري الفرنسي أمراء موناكو من ممتلكاتهم، وضمَّ الإمارة إلى فرنسا، ولكن بعد سقوط نابليون الأول عام 1814، عاد «آل جريمالدي» إلى الحكم، وأبرمت معاهدة جديدة تحت اسم مؤتمر فيينا عام 1815 تنص على استقلال الإمارة وسيادتها وأنها تحت حماية فرنسا.

وفي عام 1861 أعلنت الحكومتان عن معاهدة جديدة، سميت معاهدة فرانكو موناكو تنص على تسليم قطع أراضي لفرنسا مقابل بعض المال للإمارة الصغيرة إلى جانب إعلان الاستقلال التام، والدفاع المشترك الذي يلزم الجيش الفرنسى بالدفاع عن الإمارة وحمايتها، بالإضافة إلى قيام اتحاد جمركي مشترك بين البلدين عام 1865، وهكذا تمكن «آل جريمالدي» من حكم الإمارة لمئات السنين ليصبحوا أقدم بيت حاكم في القارة العجوز في وقتنا الحالي.

ثاني أصغر دولة في العالم ومعقل سباقات السيارات العالمية

حصدت الإمارة الصغيرة شهرة عالمية، ونجحت في استقطاب ما يقارب المليوني سائح سنويًّا، فهيا بنا نتعرف إلى السياحة في الإمارة، فموناكو هي ثاني أصغر دولة في العالم بعد الفاتيكان، إذ تبلغ مساحتها كيلومترين مربعين فقط، ولذا تصنف موناكو أيضًا أكبر دولة في العالم في معدل الكثافة السكانية بعدد 19 ألف مواطن للكيلومتر مربع، ولجأت الإمارة أخيرًا إلى التوسع وبناء المشروعات السكنية في البحر لتعويض أزمة المساحة والسكن.

وتتمتع الإمارة بأعلى نسبة للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وأعلى متوسط عمر متوقع في العالم للجنسين 85.6 سنوات للرجال و93.5 سنوات للنساء، ومتوسط ​​عمر متوقع عند الولادة 89.4 سنوات.

وتعتمد موناكو في الدخل على عائدات المنتجعات السياحية الفخمة المطلة على البحر المتوسط وصالات القمار المعروفة داخل كازينو «دي مونت كارلو» الشهير في منطقة مونت كارلو، ورغم ذلك يمنع القانون مواطني الإمارة من دخول صالات القمار، التي تقتصر على السائحين.

وتمتلك الإمارة أكبر وجود شرطي في العالم على أساس عدد السكان ومساحة المنطقة، إذ تضم 515 شرطيًّا لكل 38 ألف شخص في بلد تبلغ مساحته 2.02 كيلومتر مربع، كما تتمتع بأدنى معدلات الجريمة في العالم أيضًا، فهناك جريمة قتل واحدة كل عشر سنوات تقريبًا.

وعلى الرغم من أن تعداد سكان الإمارة يبلغ 38 ألف مواطن، فإن خُمس سكانها فقط هم من السكان الأصليين، والباقية مجموعات من الرعايا تحمل جنسية موناكو، وأكبر مجموعة منهم هم من الرعايا الفرنسيين بنسبة 28.4%، يليهم سكان الإمارة الأصليين بنسبة 21.6%، ثم مجموعة الرعايا الإيطاليين ونسبتهم 18.7%، وبعض الرعايا من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وسويسرا وبلجيكا وألمانيا لا تتعدى نسب أي منهم 10%.

انتشترت الزراعة الحضرية على أسطح العمارات ووسط المباني الخرسانية في أنحاء موناكو

ونظام الحكم في الإمارة ملكي دستوري، وتتمتع الإمارة بالسيادة الكاملة في السياسة الداخلية والخارجية، واللغة الرسمية فيها هي الفرنسية ولغة موناكو المحلية، والعملة الرسمية هي اليورو، وهي عضو في الأمم المتحدة، ولديها سفير دائم في الاتحاد الأوروبي رغم أنها ليست عضوًا فيه.

تستقبل الإمارة العشرات من الأحداث السنوية الشهيرة في مجالات رياضة السيارات والقفز الاستعراضي والحفلات الموسيقية وكرة القدم وكرة السلة وحتى ألعاب القوى العالمية، والتي تؤدي إلى إرتفاع زيارات وإيرادات المدينة كل عام، ومن أشهر الأحداث الدولية السنوية في الإمارة، سباق السيارات الشهير «الفورميلا وان».

كما تقام فيها بطولة العالم للراليات، وبطولة العالم لقفز الحواجز، وحفلات الموسيقيين المشهورين من جميع أنحاء العالم والذين يقدمون عروضهم إما في منتدى جريمالدي وإما في مواقع أخرى مختلفة مثل قصر الأمير وساحة الكازينو وبورت هرقل، وهناك أيضًا أسبوع موناكو لليخوت الكلاسيكية معرض موناكو الدولي لليخوت الفخمة.
موناكو: دولة المليونيرات والملاذ الآمن لأصحاب الثروات الطائلة

يوصف كل 35 شخصًا ما بين كل 100 شخص في الإمارة بأنهم مليونيرات، ورغم ذلك لا تفرض الإمارة أي ضريبة على الدخل للأفراد أو الشركات، وتعتمد في ميزانيتها على ربح القمار والسياحة في الدرجة الأولى وهو كافٍ جدًّا، ولذلك تشتهر الإمارة بكونها جنة وملاذ الأثرياء، والمكان المثالي للتهرب الضريبي وغسيل الأموال.

دائمًا ما تعقدت الأمور بين فرنسا وحكومة الإمارة بسبب سياسة عدم فرض الضرائب على سكان الإمارة، حتى وقعت أزمة كبيرة عام 1962 أجبرت حكومة الإمارة على تعديل القانون وفرضت الضرائب على سكانها من أصول فرنسية فقط دون باقي السكان، كما جرى فرض ضرائب على شركات موناكو التي تمارس أكثر من 25% من أعمالها خارج الإمارة.

تدير شركة "تير دو موناكو" خمسة مزارع صغيرة في موناكو، منها هذه المساحة الخضراء التي لا تتعدى 30 مترا مربعا في مؤسسة الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو

ومع بداية القرن الحادي والعشرين، انتقدت بعض الدول الأوروبية اللوائح المصرفية والضريبية الفضفاضة في الإمارة، متهمة الحكومة أن الإمارة تحمي المتهربين من الضرائب ومجرمي غسيل الأموال، وعلى أثره أضافت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية (OECD) عام 2002، الإمارة إلى القائمة السوداء للملاذات الضريبية غير المتعاونة، والتي جرت إزالتها عام 2009 بعد إجراء بعض التعديلات من أجل الالتزام بمعايير الشفافية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

يعتمد فندق "فيرمونت مونت كارلو" على مياه البحر لتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل أنظمة التدفئة والتبريد

وتنعم الإمارة حاليًّا بوضع هادئ، فهي بلد صغير جدًّا، يقطنه أصحاب الملايين، وتحكمه أقدم عائلة ملكية في أوروبا، ويقصده ملايين الزوار سنويًّا من حول العالم، للعب القمار والاسترخاء على شواطئ البحر المتوسط الجميلة.

اقرأ : إمارة موناكو: قصة المدينة الأوروبية التي تعرف بمظاهر البذخ و”السياحة النظيفة”

لم أكن أتوقع أن أجد وسط المباني الشاهقة المتراصة في هذا البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان بستانا للخضروات والفاكهة العضوية. لكن هذه البقعة الخضراء التي لا تتعدى مساحتها 450 مترا مربعا، بذلت جيسيكا إسبراليا جهدا شاقا في زراعتها لبيع ثمارها في الأسواق.

شيد متحف عالم المحيطيات في موناكو خصيصا بهدف حماية محيطات العالم

وتستظل هذه الحديقة الغناء التي تقع وسط كتلة موناكو الخرسانية ببرج أوديون الذي يبلغ طوله 170 مترا ويضم أغلى شقة في العالم ثمنها 300 مليون يورو.

ودشنت إسبراليا، السويسرية الأصل التي جاوزت الثلاثين وكانت لاعبة تنس محترفة وعارضة أزياء سابقة، مشروع الزراعة الحضرية “تير دي موناكو” في عام 2016، ولديها الآن خمسة مزارع صغيرة فوق أسطح العمارات وفي الشرفات وفي قطع أراض أخرى بين المباني.

وتذوقت ثمارا طازجة من هذه المزرعة، التي تزرع فيها إسبراليا شتى ألوان الفاكهة والخضروات، من الباذنجان والكوسة إلى الفراولة والمشمش. وتقول إسبراليا: “أريد أن أرغّب الناس في مذاق الثمار العضوية الطبيعية المتنوعة”.

وحققت الشركة نجاحا كبيرا، إذ تمتد بساتينها على مساحة 1,600 متر مربع، وأنتجت منذ عام 2016 خمسة أطنان من الثمار العضوية، وأبرمت اتفاقيات شراكة مع طهاة في أفخر المطاعم الحائزة على نجوم ميشلان.

لكن إسبراليا تقول إنها واجهت عثرات في البداية، إذ حذرها الناس في بادئ الأمر من أن هذا المشروع سيكون مآلة الفشل. وتقول إسبراليا: “ظننت أنني لن أجد مساحة تصلح للزراعة وكل ما كنت أحتاجه هو أن أقنع الناس بجدوى المشروع”.

غير أن الوعي بالمخاطر البيئية قد زاد في الآونة الأخيرة. وتقول إسبراليا إن الجميع الآن ينخرطون في مبادرات للحفاظ على البيئة.

وبينما اشتهرت موناكو بمظاهر الفخامة والبذخ، إذ تستقطب نواديها الليلية الفاخرة أصحاب الثراء الفاحش الباحثين عن الملذات، إلا أن هذا الركن من الساحل اللازوردي جنوب شرقي فرنسا، أصبح في مقدمة الأماكن الرائدة في مجال الحفاظ على البيئة. وتسهم موناكو، رغم صورتها البراقة، في تقليل الهوة بين الفخامة وبين الحفاظ على الأهداف البيئية الصارمة.

تدير شركة “تير دو موناكو” خمسة مزارع صغيرة في موناكو، منها هذه المساحة الخضراء التي لا تتعدى 30 مترا مربعا في مؤسسة الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو

وتأمل إمارة موناكو، التي تستقطب ملايين الرحالة والزوار على متن سفن النزهات البحرية سنويا، أن تخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمقدار النصف بحلول عام 2030 وأن تقضي تماما على انبعاثات الكربون بحلول 2050.

وتقول إستيل أنتوغنيلي، مديرة السياحة المسؤولة في هيئة السياحة بإمارة موناكو، إن الحفاظ على البيئة ليس جديدا على إمارة موناكو، حيث يواصل الأمير ألبرت الثاني جهود أجداده لرفع الوعي بالمخاطر البيئية، وأثمرت هذه الجهود عن إنشاء مؤسسة الأمير ألبرت الثاني، التي تضع في مقدمة أولوياتها تغير المناخ وإدارة المياه واستعادة التنوع البيولوجي.

غير أن أكثر ما لفت نظري في موناكو، كان شبكة المواصلات العامة الصديقة للبيئة. فحيثما ذهبت، كنت أجد وسيلة نقل صديقة للبيئة تسهم في الحد من انبعاثات الكربون، سواء أكانت حافلة تعمل بالديزل والكهرباء تجتاز طرق موناكو المتعرجة أو حافلة مائية تدار بالطاقة الشمسية تعبر ميناء هرقل كل 20 دقيقة.

ولاحظت أيضا كثرة المطاعم التي تقدم ثمارا طازجة وعضوية وبعضها يفخر بتقديم قوائم طعام خالية من اللحوم. وكان أبرزها مطعم “إيلسا”، أول مطعم في العالم يحوز على نجمة ميشلان، رغم أنه لا يقدم إلا أطعمة ومشروبات عضوية.

وتسهم الفنادق الفاخرة في هذه الإمارة، التي تعد ملاذا للأثرياء، بنصيب كبير في جهود الحفاظ على البيئة، مثل فندق فيرمونت مونت كارلو، وهو فندق عصري عملاق يطل على البحر. ويعتمد الفندق على الطاقة النظيفة التي تولدها مضخاته الخاصة من مياه البحر في تشغيل أنظمة التبريد والتدفئة.

وفي وقت سابق من هذا العام، جُهز الفندق بتقنيات مبتكرة لإعادة تدوير مياه الصرف. ويتعاون الفندق مع مؤسسة الأمير ألبرت الثاني لتمويل دراسة عن الدلافين المخططة بالبحر المتوسط التي أصبح موطنها مهددا بسبب التلوث وارتفاع درجات حرارة المياه.

وبدأ فندق متروبول جهود الحفاظ على البيئة بمبادرات بسيطة مثل شراء احتياجاته من موردين محليين، وتربية النحل. وفي عام 2018، أصبح أول فندق يحظر استخدام المصاصات البلاستيكية، قبل صدور قرار بحظر جميع أدوات المائدة البلاستيكية رسميا في موناكو في يناير/ كانون الثاني 2019. ودشن الفندق مشروع “شجرتي الخاصة” لإستعادة الغابات، الذي تضمن زراعة أشجار الزيتون على سفوح أحد التلال المطلة على بلدة منتون بفرنسا.

ويضرب هذا الفندق بواجهته البديعة المصممة على طراز الحقبة الجميلة في أواخر القرن التاسع عشر، مثالا في الفخامة والأناقة البسيطة. وبينما صمم الغرف وحمامات السباحة أفضل المصممين العالميين، فإن مطاعم الفندق تستخدم منتجات عضوية موسمية من إحدى حدائق “تير دي موناكو”.

ويضع متحف علوم المحيطات في موناكو حماية الحياة البحرية في مقدمة أولوياته. وشيد هذا المتحف على جرف صخري وعر يطل على البحر المتوسط، ويطلق عليه “معبد البحر”. ومنذ أن أسسه الأمير ألبرت الأول في عام 1910 دأب المتحف على نشر الوعي بأهمية حماية المحيطات العالمية.

ويشارك المتحف في تنظيم مبادرة موناكو الزرقاء، التي يشارك فيها خبراء من حول العالم لمناقشة تحديات إدارة المحيطات وحماية الحياة البحرية. ويضم المتحف أكثر من 6,000 كائن بحري، بالإضافة إلى الآثار والكنوز التي انتشلت من البحار في القرن العشرين.

وبينما كنت أتجول في أروقة المتحف، بدت الشعب المرجانية والأسماك الغريبة خلف الواجهات الزجاجية خلابة، ووقفت محدقة في جمال السلاحف البحرية وأسماك القرش التي تسبح وسط الأحواض العملاقة، لكن سرعان ما أعادني إلى أرض الواقع عمل فني لفيليب باسكا، مصنوع من المخلفات التي جمعها الغواصون من البحار، وكان من بينها علب من الألومنيوم ومرحاض، وقناع مهرج مخيف. ويهدف هذا العمل، وغيره من الأعمال المشابهة لتذكير الزوار بالمخاطر التي تواجه المحيطات وتأثير الأنشطة البشرية على الطبيعة.

ودفع القلق من التغيرات البيئية الناتجة عن الأنشطة البشرية كيت باورز وديديير روبيولو، لتأسيس مطعم “ستارز أند بارز”، حرصا على الإرث الذي سيتركوه لأبنائهم. ويقدم المطعم الأمريكي المكون من طابقين مأكولات منزلية مصنوعة من خضروات وفاكهة مزروعة محليا ومن حديقة المطعم الخاصة. ويتضمن المطعم نظاما لترشيح المياه ويعتمد على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء.

وينظم المطعم ورواده فعاليات وورش عمل وحفلات للأطفال من حين لآخر للتوعية بأهمية الحفاظ على كوكب الأرض. وعندما زرت المطعم في إحدى الأمسيات، لاحظت وجود الكثير من اللافتات التي تروج لحملاته الأخيرة لحماية البحار، مثل مبادرة تقديم مشروب مجاني مقابل الحصول على أعقاب السجائر التي قد ينتهي بها المطاف في البحار.

ورغم ذلك، اشتهرت موناكو باستضافة سباقات الجائزة الكبرى للسيارات، التي يشارك فيها كل عام متسابقون بسيارات فائقة السرعة تحرق كميات هائلة من الوقود، وأشارت تقارير إلى أن سباقات فرومولا وان تعد واحدة من الرياضات الأكثر إطلاقا لانبعاثات الكربون.

لكن الإمارة تستضيف أيضا سباقات السيارات الكهربائية التي تشارك فيها سيارات كهربائية أو تدار بالهيدروجين سنويا، وسباق الجائزة الكبرى للسيارات الكهربائية كل سنتين، على غرار سباق جائزة موناكو الكبرى السنوي.

وتقول أنيت أندرسون، مديرة مطعم “ستارز أند بارز”، عن وجود السيارات الفاخرة التي تستهلك كميات فائقة من الوقود في شوارع الإمارة: “لا يمكن أن تقضي على جميع روافد الاقتصاد دفعة واحدة، لكننا نحاول أن نحقق التوازن قدر الإمكان. وقد يكون الأجانب أقل التزاما من السكان المحليين بالمعايير البيئية، ولهذا علينا أن نبذل جهودا لنضمن مشاركة الجميع في الحفاظ على نظافة موناكو والحد من الأضرار البيئية”.

وتقول إسبراليا: “موناكو مليئة بالتنقاضات، لكن ينبغي أن تحقق التوازن بين متطلبات السياح وبين الحفاظ على البيئة، لأننا لسنا مثاليين بعد”.

مواقع عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى