الوليد ابن طلال : من صحراء السعودية إلى صدارة أغنى رجال العالم
الوليد ابن طلال : من صحراء السعودية إلى صدارة أغنى رجال العالم
احتل المراتب الأولى في قوائم أغنياء المنطقة العربية لسنوات عديدة، ووصفته الفوربس بأنه ظاهرة فريدة من نوعها بعد بيل جيتس عملاق صناعة تكنولوجيا الحواسيب.
يأتي اسم الوليد ابن طلال على صفحات الكثير من الصحف والمجلات العربية والعالمية كأحد رجال الأعمال البارزين الذين تتجاوز ثروتهم حدود المليار دولار، وهو من القلائل في الخليج العربي الذين تتنوع أعمالهم في قطاعات عديدة داخل وخارج المنطقة العربية.
نعم لم يكن الوليد ابن طلال من بين هؤلاء الذين بدأوا من الصفر بل كان سليل عائلة ملكية ثرية، إلا إنه وبالرغم من ذلك كانت له عقلية تجارية فذة ساعدته في مضاعفة ثروة عائلته وعقد تحالفات مع كيانات عالمية ضخمة.
فكيف نجح الوليد ابن طلال في ذلك؟
نشأة الوليد ابن طلال
وُلد الوليد ابن طلال في عام 1955 في جدة بالمملكة العربية السعودية، وهو من عائلة ملكية، فجده هو مؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود، وأمه هي منى الصلح ابنة رئيس أول حكومة استقلال في لبنان.
وشهدت حياة الوليد مفاجآت كثيرة في طفولته، إذ إنه وهو في الخامسة من عمره دخل أبوه طلال في خلاف مع الملك فيصل فترك المملكة وسافر إلى مصر التي كانت سياساتها آنذاك تناقض وتعادي سياسات المملكة، مما زاد من اتساع الجفوة بين الأمير طلال والملك فيصل.
غير أن الملك فيصل تجاوز عن هذه الخلافات بعد فترة قصيرة وسمح للأمير طلال بالعودة للملكة مرة أخرى، إذ كان الملك يرى ضرورة اتحاد العائلة المالكة في هذه المرحلة الحرجة والفارقة، وعندما عاد الأمير طلال اهتم برعاية عائلته وبتعليم أبنائه.
وكسائر أبناء الطبقة المالكة في السعودية تعلم الوليد في مدارس مرموقة وحرصت عائلة طلال على أن يسافر ويكمل دراسته بالخارج، وقد التحق في عام 1975 بكلية إدارة الأعمال في ميلانوبكاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل منها على شهادة البكالوريوس.
ثم أكمل دراسته في نيويورك في جامعة سيراكيوز ونال منها شهادة في علم الاجتماع في عام 1985، ثم عاد إلى المملكة العربية السعودية وكل تفكيره في أن عليه أن يستفيد مما تعلمه في الأراضي الأمريكية ويستثمر ذلك في تطوير المملكة.
الاقتراض ثم الاستثمار في بناء شركة قابضة
بعد رجوعه من الولايات المتحدة الأمريكية اقترض الوليد ابن طلال نحو 300 ألف دولار من أكثر من بنك وافتتح شركة المملكة للتجارة والمقاولات، وقد كانت هذه الشركة هي المسؤولة عن أغلب أعمال الوليد، وقد تخصصت في البداية في أعمال البنية التحتية والإنشاءات، ونجح الوليد ابن طلال في تحقيق أرباح بملايين الدولارات خلال فترة وجيزة.
وبعد أن نجح في إدارة الشركة بمهارة فائقة قام بتحويلها إلى شركة قابضة، مما ساعدها في اقتحام مجالات وقطاعات عمل جديدة كالفندقة والطيران والسياحة.
وجدير بالذكر أن هذه الشركة القابضة أصبحت الشركة الأم لاستثمارات الوليد اللاحقة فيما بعد، ومن خلالها اقتحم قطاعات استثمار عالمية من خلال فريق واعد من الخبراء والمستشارين الاقتصاديين.
ولقد آمن الوليد ابن طلال بقدرة الاستثمار على تحويل المملكة العربية السعودية إلى العالمية، ولذلك استثمر في شركات عالمية مثل آي .أو. إل. تايم وارنر التي استثمر فيها بملياري دولار، ويقع مقر هذه الشركة في نيويورك.
والذي دعا الوليد للاستثمار في هذه الشركة هو أنها شركة عالمية رأسمالها يزيد عن 100 مليار دولار وهي تعمل في قطاع الإنتاج السينمائي والإنترنت، وقد تم تأسيسها من خلال اندماج بين شركة أميركا أون لاين للإنترنت وشركة تايم وارنر للإعلام والكابلات.
ولقد عُرف عن الوليد ابن طلال أنه يجيد الاستثمار في شركات عديدة ثم يبيع بعضها بقيمة مضاعفة بعد ذلك، وكانت أفضل إنجازات الوليد ابن طلال هو استثماره في بنك سيتي جروب وبرايس لاين دوت كومنتيجة خفض أسعار أسهم هذه المؤسسات وقت شراء الأسهم.
وقد كرر ذلك مع شركة ترافيل كومبني أون لاين دوت كوم والتي اشترى نحو 5.4% من أسهمها .
استثمار الأمير السعودي في قطاع الإعلام
كان الأمير الوليد ابن طلال شغوفًا بالإعلام منذ دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية، لقد رأى بنفسه كيف يستثمر المليونيرات الأمريكيون في هذا القطاع ويجنون منه أرباحًا هائلة، فقرر اقتحام هذا المجال ومزاحمة أباطرة الإعلام في العالم.
ولذلك شارك الوليد روبرت ماردوخ عملاق صناعة الإعلام الأسترالي وبيرلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي حينها في مؤسسات إعلامية كبرى، واشترى أسهمًا بنحو مليار دولار في نيوزكورب، واشترى أسهمًا بنحو 100 مليون دولار في مؤسسة كيرش ميدياالألمانية صاحبة أكبر عدد من البرامج التلفزيونية خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا إلى جانب امتلاك الأمير السعودي لمجموعة روتانا الإعلامية العربية، وفي سبتمبر عام 2009نشرت وول ستريت جورنال خبر شراء ماردوخ لحصة 20% من محطة فوكس العربية، ضمن خطة ماردوخ لاقتحام الأسواق العربية ونشر امبراطوريته الإعلامية بكل مكان.
وقد اعترف الأمير السعودي الوليد ابن طلال أنه مُعجب بماردوخ وطريقة إدارته لأعماله، إذ يسيطر ماردوخ على شركات إعلامية كبيرة في أكثر من قارة ويديرها بشكل احترافي يدر عليه أرباحًا خرافية.
ومن ممتلكات ماردوخ على سبيل المثال تايمز وصنداي تايمز ووول ستريت جورنال وفوكس وبي سكاي بي، بالإضافة إلى شبكة ستار وهي أضخم شبكة إعلامية في العالم، كل ذلك كان يثير إعجاب الوليد ابن طلال، فقد كان ماردوخ قدوة له في مجال الإنتاج الإعلامي.
صفقات تاريخية في قطاع الفندقة
كان للأمير الوليد ابن طلال حصة في سلسلة الفنادق العالمية فورسيزون التي تأسست عام 1960، وقد اشترت مجموعة مايكروسوفت لصاحبها بيل جيتس حصة الوليد ابن طلال في فورسيزون بنحو 2 مليار دولار في عام 2021.
وبذلك ازدادات الصفقات الناجحة للشركة القابضة التي يديرها الوليد، وتأتي أهمية فنادق فورسيزن من كونها تمتلك ما يزيد عن نحو 120 فندقًا حول العالم، وهي تضم وحدات ومنتجعات وشواطئ فاخرة فيما يزيد عن 45 دولة.
وللشركة القابضة التي يملكها الوليد حصص في علامات تجارية فندقية أخرى مثل سافوي في لندن وذي بلازا في نيويورك، وللشركة عدد من المنتجعات السياحية التي تدر عليها أرباحًا سنوية ضخمة.
ورغم استثمارات الوليد ابن طلال في الفندقة في السعودية والخليج العربي إلا أن الجزء الأكبر منها يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ويمكن اعتبار الوليد أكبر مستثمر خليجي في الولايات المتحدة الأمريكية.
إشادات عالمية بعبقرية الوليد ابن طلال
احتل الوليد ابن طلال صدارة قوائم مجلة الفوربس لأغنياء المنطقة العربية لسنوات عديدة، وجاء في المرتبة التاسعة ضمن أغنياء العالم في عام 2008، وقد وصفته الفوربس بأنه ظاهرة فريدة من نوعها بعد بيل جيتس عملاق صناعة تكنولوجيا الحواسيب.
لم تكن فوربس هي الوحيدة التي أشادت بالأمير الوليد، فلقد كان هذا الأمير السعودي ملهمًا لشباب رجال الأعمال في الخليج العربي وفي الولايات المتحدة كذلك.
ولقد كان له طقوس فريدة في ممارسته لأعماله، فلقد كان يتابع في أسفاره أعمال شركاته عبر هواتف الأقمار الصناعية أو الفاكس ليدير تفاصيل أعماله من أي مكان في العالم، سواء كان في المملكة العربية السعودية أو خارجها، وكان شغوفًا بمتابعة كل جديد في قطاع التكنولوجيا.
كانت عادات الوليد في إدارة مشروعاته المختلفة تستحوذ على اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية التي كانت تتابع بدقة تفاصيل حياة الأمير السعودي الذي قدم من صحراء الخليج العربي ثم أصبح من أغنى أثرياء العالم.
المصدر: عرب فاوندرز