تقارير

“سبتة ومليلة” إرث تاريخي وماض مجيد.. ماذا تعرف عن أجمل بقاع الأرض و “جوهرتا” المغرب المسلوبتان؟

لازال المغرب ماض في تنفيذ استراتيجيته الهادفة إلى خنق مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وجعل تكلفة مواصلة السيطرة عليهما باهضة جدا على حكومة مدريد، إذ نوشك أن نكمل السنتين من إغلاق المعبرين بشكل كامل، الأمر الذي كبد اقتصاديهما خسائر فادحة جدا، فيما لا يلوح في الافق القريب أو المتوسط أي أمل حول إمكانية عودة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق.

وفي هذا الإطار، أعلنت كل من شركة “frs” للنقل البحري عن توقيف خطها الذي يربط بين مينائي موتريل ومليلية، لعدم قدرتها على مواصلة تحمل الخسائر التي تكبدتها جراء الركود الاقتصادي بالثغر المحتل.

هذا الإلغاء ينضاف إلى ما اعلن عنه الناقل الجوي “إير أوروبا” في وقت سابق، والذي قرر حذف مطار مليلية من الوجهات التي يؤمن الربط بها.

للإشارة فإن مصادر إعلامية إسبانية كانت قد أكدت أن قيمة الصادرات من السلع نحو سبتة المحتلة قد انتقلت مما يفوق 150 مليون يورو سنة 2018 إلى أقل من 20 مليون يورو سنة 2021، بسبب تشديد المراقبة من الجانب المغربي لمعبر باب سبتة، إلى أن تم إغلاقه نهائيا.

هل ينجح حصار المغرب الاقتصادي؟

وفي وقت سابق، اتخذت السلطات المغربية قراراً خلّف ردود فعل غاضبة في الجارة إسبانيا، وذلك بإغلاق معبر سبتة نهائياً ومنع تجارة التهريب، التي تدر مداخيل هامة على المدينة، بالإضافة إلى إغلاق الجمارك البرية مع مليلية، ومنع أي عملية استيراد أو تصدير منها.

وتنظر أوساط اسبانية إلى هذه التحركات باعتبارها محاولة من المغرب للضغط على إسبانيا من أجل الدخول في مفاوضات معه حول مستقبل مدينتي سبتة ومليلية.

من جهتها نشرت صحيفة “الإسبانيول” تقريراً سلطت فيه الضوء على المشاريع الاقتصادية التي يقودها ملك المغرب محمد السادس بمحاذاة مدينتي سبتة ومليلية، معتبرة أنه “يحاول فرض سيادة مشتركة مع إسبانيا على سبتة ومليلية”.

ويشير التقرير إلى عدد من المشاريع المهمة التي أحدثها الملك محمد السادس بالقرب من مدينتي سبتة مليلية من قبيل توسعة مطار العروي، ومشروع الترامواي الذي سيربط بين ميناء غرب المتوسط بالناظور ومطار العروي.

وأشارت الصحيفة أن المغرب قد يتخذ قراراً بمنع الطائرات الاسبانية من التحليق في أجوائه، ما سيدفعها لاستبدال مطار مليلية بمطار العروي، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من خنق المدينة اقتصادياً.

أما مدينة سبتة فيعرف محيطها عدداً من المشاريع الاقتصادية المهمة منذ انجاز ميناء طنجة المتوسطي، وشروع المغرب في إنشاء منطقة تجارية حرة بالفنيدق بالقرب من المدينة المحتلة.

ويرى الباحث الأكاديمي عادل بنحمزة في حديثه مع “عربي بوست” أن “الحصار الاقتصادي للمغرب قد يؤدي بالإسبان إلى تغيير مواقفهم؛ لأن المدينتين تعيشان على تهريب السلع مع ما ينتج عن ذلك من أضرار للاقتصاد المغربي”.

من جهتها، تحاول إسبانيا جاهدة دفع المغرب نحو مراجعة قراره بخصوص إغلاق معبري سبتة ومليلية والسماح للبضائع المهربة بدخول مدن الشمال المغربي، إذ أعلنت الخارجية الإسبانية، أن قضية المعبرين ستتم مناقشتها خلال القمة المشتركة مع المغرب في فبراير/شباط المقبل، والتي كان يفترض أن تنعقد في 17 من هذا الشهر، قبل أن يتم تأجيلها بسبب الوضع الناجم عن وباء كورونا.

وتتحدث تقارير إعلامية عن انزعاج المغرب من الموقف الإسباني بشأن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، فضلاً عن تحفظه على وجود أعضاء في الحكومة الاسبانية يناصرون البوليساريو ضمن الوفد الذي كان سيحضر للرباط.

قصة مدينتي سبتة ومليلية

تبدأ قصة سقوط المدينتين مع ضعف إمارة بني الأحمر في غرناطة في القرن الخامس عشر الميلادي، ليحتل البرتغاليون سبتة عام 1415، ثم سقطت مليلية في يد الأسبان عام 1497، وظلت سبتة تحت الاحتلال البرتغالي حتى عام 1580 عندما قامت أسبانيا بضم مملكة البرتغال.

سبتة

تقع مدينة سبتة على الساحل المغربي عند مدخل البحر المتوسط على مضيق جبل طارق، وتبلغ مساحتها 20 كيلومترا مربعا، وتعدادها حاليا 77 ألف نسمة.

ونظرا لموقعها الاستراتيجي المتميز، سيطر عليها الرومان في عام 42 بعد الميلاد، وبعد ذلك بنحو 400 عام طردت قبائل الفاندال الرومان من المدينة. ولاحقا، سيطر عليها البيزنطيون، ثم القوط القادمين من أسبانيا.

وكانت سبتة قاعدة الغزو الإسلامي بقيادة طارق بن زياد لأسبانيا، عندما غير حاكمها القوطي، جوليان، موقفه وحث المسلمين على غزو أسبانيا. وبعد سقوط الخلافة الأموية، سادتها الفوضى حتى سيطر عليها المريدون، واتخذوها أيضا قاعدة للهجوم على الأندلس عام 1084.

واستمر تغير السيادة على المدينة حتى احتلها البرتغاليون عام 1415، بقيادة الأمير هنري البحار، الذي كان يهدف إلى القضاء على نفوذ المسلمين في المنطقة، ثم أصبحت المدينة أسبانية عندما تولى الملك الأسباني، فيليب الثاني، عرش البرتغال عام 1580.

وبعد اعتراف أسبانيا باستقلال البرتغال، تنازلت الأخيرة بمقتضى معاهدة لشبونة عام 1668 عن سبتة لأسبانيا.

وبعد استقلال المغرب عن أسبانيا وفرنسا عام 1956 احتفظت أسبانيا بسبتة، التي أصبحت إقليما يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1995.

مليلية

تقع مليلية في شرق المغرب، قرب الحدود الجزائرية، قبالة الساحل الجنوبي لأسبانيا. وتزيد مساحتها على 12 كيلومترا مربعا، وتعدادها حاليا 70 ألف نسمة. وكانت في الأصل قلعة بُنيت على تلة مرتفعة، وتبعد 500 كيلومتر عن السواحل الأسبانية، ولذلك فهي أكثر تأثرا بالثقافة المغربية، وعدد المغاربة الذين يعيشون فيها أكثر من أولئك الذين يعيشون في سبتة.

وكانت القوات الأسبانية في مليلية أول من تمرد على الحكومة اليسارية في مدريد، أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي اندلعت عام 1936، واستمرت حتى عام 1939.

وظلت مليلية جزءا من إقليم ملقة الأسباني حتى 14 مارس/آذار عام 1995، عندما أصبحت إقليما يتمتع بالحكم الذاتي.

وكان المسلمون في المدينتين قد ثاروا عام 1985 احتجاجا على “قانون الأجانب” الذي طالب كل الأجانب في أسبانيا بادراج أسمائهم لدى السلطات أو يتعرضون للطرد.

ويصل معدل البطالة بين المغاربة في المدينتين إلى أكثر من 30 في المئة، وهو من أعلى معدلات البطالة في أسبانيا. كما تجذب المدينتان الآلاف من التجار والعمالة اليدوية من الأراضي المغربية الذين يعبرون الحدود يوميا من المغرب لكسب رزقهم في هذين الجيبين.

محاولات الاسترجاع

تؤكد كل المصادر التاريخية المغربية أن المغاربة قاموا بعدة محاولات من أجل استرجاع مدينتي سبتة ومليلية، إلا أن كل المحاولات لم تصل إلى نتيجة حتمية، فضلت المنطقة “غير متنازع عنها”، معلقة شكلياً، إلا أنها قانونياً خاضعة للسيطرة الإسبانية.

وكانت أبرز هذه المحاولات بقيادة مولاي إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي، إذ حوصرت مدينة سبتة لفترة طويلة لكن دون جدوى. كما حاول مولاي محمد بن عبد الله عام 1774 محاصرة مدينة مليلية دون أن يتمكن هو الآخر من تحريرها.

واستمرت محاولات المغاربة لاستعادة المدينتين في القرن العشرين، وذكرت بعض المصادر التاريخية أن الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، قائد ثورة الريف، كان في وضع عسكري يسمح له بدخول مدينة مليلية ولكنه أحجم عن ذلك.

وتطالب الرباط، منذ استقلال المغرب عن فرنسا وأسبانيا، بمدينتي سبتة ومليلية وبعض الجزر الصغيرة قبالة الساحل الأفريقي، مثل الجزر الجعفرية (إشفارن بالأمازيغية أو شفاريناس بالأسبانية).

وفي عام 2002، طرد الجيش الأسباني قوة من الشرطة المغربية من جزيرة برجيل المقابلة لسبتة، والتي يطلق عليها المغاربة اسم جزيرة ليلى.

وأثارت زيارة ملك أسبانيا السابق خوان كارلوس لسبتة في نوفمبر/تشرين ثاني عام 2007 غضب المغرب، ودفعته إلى تجديد مطالبته بالسيادة على المدينتين.

لكن في يوليو/تموز عام 2015، أعلن رئيس الحكومة المغربية حينئذ عبد الإله بنكيران أن الوقت لم يحن بعد للمطالبة باسترداد مدينتي سبتة ومليلية. ودعا الفرقاء السياسيين إلى الابتعاد عما وصفه بالمزايدات السياسية في هذه القضية، مشيرا إلى أن أسبانيا شريك اقتصادي مهم للمملكة.

أسباب الاحتلال

يرى المؤرخ المغربي الراحل محمد حكيم بنعزوز، وهو حفيد إحدى العائلات الموريسكية التي طُردت من الأندلس في حوار سابق مع جريدة “التجديد” أن “احتلال سبتة جاء في سياق رد الفعل على الوجود الإسلامي الطويل في الأندلس، فقبل سقوط مدينة غرناطة، آخر الممالك الإسلامية، قام البرتغاليون باحتلال مدينة سبتة سنة 1415، وهذا كان إبرازاً للقوة أمام الغرناطيين الذين كانوا لا يزالون يقاومون من أجل البقاء”.

ويزكي المؤرخ والمفكر المغربي امحمد جبرون ما ذهب إليه محمد حكيم بنعزوز بالقول إن “احتلال مدينتي سبتة ومليلية جاء في ظرفية اتسمت باختلال موازين القوى بين الشمال والجنوب، أو ما سُمي حروب الاسترداد”.

وأضاف المتحدث في تصريح لـ”عربي بوست” أن “البرتغاليين سيطروا على سبتة لأسباب استراتيجية عسكرية وأخرى دينية، فالمدينة هي قاعدة متقدمة للنصارى، الذين كانوا يرغبون في منع المسلمين من العودة إلى الأندلس مرة أخرى، فضلاً عن الخلفية الدينية، إذ كان مشروع نشر المسيحية في شمال إفريقيا واحد من الأبعاد والخلفيات الأساسية عند البرتغاليين”.

ويؤكد المؤرخ المغربي أن “سبتة تُعتبر واحدة من المدن المغربية التاريخية العظيمة، ولا تقل أهمية عن مدينة فاس ومراكش من الناحية العلمية، إذ نجد مثلاً أن عدداً من العلماء المغاربة وعائلات مغربية عريقة يحملون اسم السبتي”.

ويشير المؤرخ المغربي ابن عزوز إلى أن وضعية مدينتي سبتة ومليلة “هي نتيجة للأخطاء التي ارتكبتها الحكومات المغربية المتوالية، أولها أنه لما انضم المغرب إلى الأمم المتحدة بعد حصوله على الاستقلال، لم يعبر عن تحفظه على المبدأ القائل إن الحدود الاستعمارية التي رسمها المستعمر يجب أن تظل كما هي، بالشكل الذي جعلها قانونية دولياً، وهي الحدود التي رسمها الموظفون والعسكريون الأوروبيون في مكاتبهم، وألحقت أضراراً بالحدود الترابية التاريخية للمغرب”.

واعتبر بعض المحللين أن السبب في تغير موقف الرباط في هذه القضية هو عدم قدرتها على فتح جبهتين في وقت واحد؛ الأولى في الجنوب ضد جبهة البوليساريو والجزائر، والثانية في الشمال ضد أسبانيا.

مغربيات على الحدود

مضطرة للعمل في “الديوانة” حتى لو لم يعد هناك عمل تقول زبيدة وهي إمرأة في عقدها الثالث جلست تندب حظها بعد أن قرر المغرب توقيف التهريب : ” لدي ثلاث أبناء صغار بحاجة للأكل والحفاضات بالإضافة للكراء والماء والكهرباء زوجي لا يعمل فهو مدمن مخدرات غالبا ما يكون بالسجن بسبب التعاطي، من سيعيلني أنا وأبنائي؟ لا أحد سيدق بابي فأنا يتيمة الأب والأم ، لقد اغلقوا المصدر الوحيد الذي كنا نسترزق منه”.

بين الموت دهسا تحت الأقدام و لأثقال أو التدحرج من المنحدر توفيت تسع نساء منذ 2009 هذا العدد فقط للقتلى الموثقين الذين ماتوا على الحدود مباشرة ولا يوجد أي معلومات عن ما بعد الإصابات بالجروح وأزمات التنفس والتعرض للضرب وحالات الإجهاض التي تصاب بها الحمالات أو “البراݣديات” وهو الإسم المحلي الذي يطلق على من تعمل عتالة في “الديوانة” كما يطلق عليها أهل المنطقة أو بباب سبتة و هو المعبر الحدودي الفاصل بين مدينة سبتة ومدينة الفنيدق.

و بصوت مرهق ممزوج بالحزن توضح زبيدة ” نعم رغم اننا كنا نتعرض لكل ما يمكن تصوره من سب وضرب من قبل رجال السلطة بالحدود من الجانبين، أوضاع مهينة من تحرش جنسي و المبيت في العراء فالمكان محاذي للبحر البرد يكون شديدا في فصل الشتاء خلال الليل والصباح الباكر، لقد أصبت بالتهاب رئوي أخبرني الطبيب أن أتوقف عن هذا العمل وإلا تضاعفت حالتي الصحية لا أستطيع، مضطرة الى المبيت بهذه الظروف و الالتزام بالصف وإلا فقدت مكاني فعدد الحمالات كان كبيرا جدا، إلا أنني افضل كل هذا على ما أعيشه اليوم من جوع وحاجة أنا وأسرتي”.

الضحايا الذين سقطوا في صفوف العتالات، قتلتهن لقمة العيش والظروف التي فرضت عليهن، فهؤلاء النسوة العتالات وجدن أنفسهن ضحايا للفقر والعوز والحاجة ثم ضحايا لقوانين دولية وأباطرة التجارة و التهريب على حدود معبر باب سبتة شمال المغرب بين إقليم تطوان و مدينة سبتة المحتلة الخاضعة للسلطات الإسبانية.

يقدر العدد الإجمالي للحمالات حوالي 20000 حمالة على حسب تقرير سابق لمنظمة برو لحقوق الإنسان الأندلس الإسبانية. تبقى دقة عدد النساء اللاتي يؤدين هذا العمل فقط تقديرية بناء على الدراسات الميدانية في غياب إحصاءات رسمية سواء من قبل السلطات الإسبانية أو المغربية، لعدم وجود ضوابط حسابية ولا حتى ختم لجوازات سفرهن عند عبور الحدود.

الوضع الجيوسياسي والتشريعي للمنطقة

تعتبر مدينة سبتة المتمتعة بالحكم الذاتي، منذ إصدار النظام الأساسي للحكم الذاتي بقرار البرلمان الإسباني سنة 1995، الى جانب مدينة مليلية من الأقاليم الأوروبية الوحيدة في القارة الأفريقية. لكن المملكة المغربية لا تعترف ولا تقبل بوجود حدود و تعتبرهما جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، كما أن سكان سبتة ومليلية من أصل مغربي يتمتعون بكامل الحقوق كمواطنين داخل المغرب.

منذ الموافقة على المرسوم الملكي الإسباني الصادر في 13 يناير 1860، تتمتع سبتة بامتياز الإعفاء من الرسوم الجمركية على البضائع التي تدخل المدينة المستقلة التي لا يمكن إدخالها إلا عن طريق البحر عبر ميناء سبتة الحر. تخضع السلع التي تدخل سبتة للضريبة فقط من قبل ضريبة التحصيل البلدية وضريبة الإنتاج والخدمات والاستيراد” IPSI” هي ضريبة معادلة لضريبة القيمة المضافة ، مع اختلاف أن معدل الضريبة فيها أقل من ضريبة القيمة المضافة التي تتراوح بين 0.5٪ و 10٪ كحد أقصى.

انضمت إسبانيا في 25 حزيران/يونيو 1991 الى اتفاقية “شنغن” وفي التصديق تضمن بروتوكول الاتفاق إعلانا بشأن سبتة ومليلية ، الذي ينص في البند الإضافي ، الجزء الثالث ، المادة 1 (ب) على ما يلي: “نظام الإعفاء من التأشيرة المحدد لحركة المرور الصغيرة عبر الحدود بين سبتة ومليلية ومقاطعتي تطوان المغربية و الناظور (BOE، رقم 81 ، بتاريخ 5 أبريل 1994: 3).

نتيجة تطبيق هذا البند من اتفاقية شنغن فإن مواطني تطوان و الناظور يحتاجون فقط إلى جواز سفر صادر في ولاية تطوان أو الناظور، و لا يحتاجون إلى تأشيرة لدخول مدن الحكم الذاتي ولكن مع بعض القيود ، لأنه لا يستطيع السفر إلى شبه الجزيرة ولا يمكنه قضاء الليل في المدن. المبرر هو أنه يمكنهم الدخول إلى سبتة أو مليلية فقط للعمل أو لإجراء عمليات الشراء.

هذا البند لا يخص فقط مرور الأشخاص فحسب ، بل كان أيضًا مشروطًا بشكل خاص بتدفق البضائع بين المنطقتين ولكن بالإضافة إلى هذا الاتفاق ، هناك شرطان قانونيان من ناحية ، ألا تكون سبتة جزءًا من الاتحاد الجمركي الأوروبي، حيث طلبت غرفة تجارة سبتة عندما دخلت إسبانيا السوق الأوروبية المشتركة (EEC) عدم الاندماج لمواصلة الحفاظ على حالة ميناء سبتة الحر والاحتفاظ بالمزايا الضريبية.

أما من الجانب المغربي يعتبر مرسوم القانون رقم 1-77-339 المؤرخ 9 أكتوبر 1977 الذي ينظم دخول البضائع إلى المغرب ، على أنه يمكن للشخص إدخال البضائع إلى إقليمه طالما حملها على جسمه ، دون تحديد الوزن أو الكمية المسموح بها واعتبارها كأمتعة يدوية لا يتم دفع رسوم جمركية عليها. إضافة الى هذا لا يوجد اتفاقيات تجارية ولا مكتب جمركي بين المغرب وسبتة، لعدم اعتراف المغرب بالسيادة الإسبانية واعتبارها دولة محتلة وبالتالي لا يمكن الاستيراد منها بشكل قانوني.

ماذا تعرف عن مدينتي سبتة ومليلية؟

عتبر مدينتا سبتة ومليلية إحدى مخلفات المجابهة بين العالم الإسلامي وأوروبا خلال فترة الحروب الصليبية في القرن الخامس عشر، والتي كان البحر المتوسط مسرحا لها، فقد ارتبط مصير المدينتين منذ وقت طويل بالمضيق البحري العام الذي يربط المتوسط بالمحيط الأطلسي. وقد دفعت مدينة سبتة طوال تلك المواجهة ثمن موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي جعلها بوابة العالم الإسلامي للزحف نحو أوربا، ومنفذ الأوروبيين لإحكام السيطرة على أراضي شمال إفريقيا.

تتموقع مدينة سبتة في المغرب، في أقصى شمال غرب إفريقيا، وهي مجاورة لإقليم الريف في المملكة المغربية، ومنها تبدأ سلسلة أطلس الريف التي تمتد قرب ساحل البحر المتوسط على شكل قوس. وتتمتع سهول الريف التي تقع فيها مدينة سبتة بمناخ متوسطي معتدل تزيد أمطاره على 600 ملم في السنة.

الموقع الجغرافي لمدينة سبتة

هي عبارة عن شبه جزيرة مطلَّة على حوض البحر الأبْيض المتوسّط، تحيطُ بِها مياه البحر الأبيض المتوسط من الجهات الثلاث الشمالية، والشرقية، والجنوبية.

تشغل مدينة سبتة جيباً من ساحل المملكة المغربية تقدر مساحته بنحو 20 كم² عند مدخل البحر المتوسط على مضيق جبل طارق الذي تبعد عنه نحو 26 كم جنوبا، لتكون بذلك أقرب ميناء إفريقي إلى أوروبا. وتمتد المدينة فوق أرض مرتفعة عند نهاية برزخ ضيق، أعلاها جبل سيدي موسى الذي يبلغ ارتفاعه 842 متر. وقد أقيمت سبتة مكان مستعمرة فينيقية، وعرفت قديماً باسم إبيلا، وكان ينظر إليها أسطورياً على أنها أحد أعمدة هرقل.

تقع مليلية هي الأخرى قبالة الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة الأيبيرية، بجانب بحر البورانو قبالة سواحل غرناطة وألمرية، تحيط بها الأراضي الريفية المغربية من كل الأطراف، يحدها من الشرق والشمال الشرقي البحر الأبيض المتوسط، وتحدها من الغرب والشمال الغربي والجنوب باقي أراضي المملكة المغربية، وتبلغ مساحتها حوالي 12,3 كم²، تشكل المدينة نصف دائرة واسعة حول الشاطئ والميناء، وكانت في الأصل قلعة تم بناؤها على تلة مرتفعة.

الموقع الجغرافي لمدينة مليلية

وقعت مدينة سبتة تحت سيطرة القرطاجيين في القرن الرابع قبل الميلاد، ثم ضمتها الإمبراطورية الرومانية في عهد كاليغولا سنة 40 قبل الميلاد.

وفي عام 429 م سقطت المدينة تحت هيمنة قبائل الوندال، وبعد قرن ونيف عادت المدينة إلى نفوذ الإمبراطورية الرومانية الشرقية، قبل أن تسقط مرة أخرى فريسة لهجوم القوط، ثم بدأ العصر الإسلامي لسبتة مع تأسيس الدولة الأموية في الأندلس حيث دانت لحكم عبد الرحمن الناصر سنة 931م.

في عصور ملوك الطوائف، تعاقبت عليها حملات قوى عديدة من بلاد المغرب، فقد ضمتها إمارة بور غواطة الأمازيغية عام 1061، ودخلها يوسف بن تاشفين المرابطي عام 1084م، ثم وقعت تحت سيطرة الدولة الموحدية عام 1147م.

تعود بداية سقوط المدينتين تحت الاحتلال القشتالي الإسباني إلى تضعضع إمارة بني الأحمر في غرناطة في القرن الخامس عشر الميلادي، فانتهز زعماء قشتالة والبرتغال الفرصة للقضاء على الوجود الإسلامي في الأندلس، فيما سمي بحروب الاسترداد، وكانت غرناطة آخر القلاع التي سقطت عام 1492م.

الملكة إيزابيلا التي أوصت بسيطرة القشتاليين على السواحل الشمالية للمغرب

من المعروف تاريخيا أنه مع بداية سقوط القلاع الإسلامية في الأندلس، أطلق بابا الفاتيكان يد إسبانيا في الساحل المتوسطي للمغرب، والبرتغال في الساحل الأطلسي، وهكذا سقطت سبتة في يد البرتغاليين عام 1415م، وبقيت مليلية تقاوم جيوش الإسبان حتى سقطت عام 1497م، في إطار خطة عامة للإسبان والبرتغاليين لمحاصرة أقاليم الغرب الإسلامي واحتلال أراضيه، ومن ثم تحويلها إلى النصرانية عملا بوصية الملكة إزابيلا، والتي نصت على ضرورة قيام الكاثوليك بغزو بلاد المغرب وتحويل المسلمين المغاربة إلى الدين النصراني، ورفع علم الصليب المسيحي في المغرب بدلا من أعلام الهلال الإسلامي، وظلت سبتة تحت الاحتلال البرتغالي حتى عام 1580م، بعدما قامت إسبانيا بضم مملكة البرتغال.

حاول المغاربة في القرون التالية لاحتلال المدينتين استعادتهما من قبضة الإسبان، وكانت أبرز هذه المحاولات بقيادة المولى إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي، حيث حوصرت مدينة سبتة لفترة طويلة، لكن دون جدوى، كما حاول المولى محمد بن عبد الله عام 1774م محاصرة مدينة مليلية، دون أن يتمكن هو الآخر من تحريرها

وهكذا تواصل الكر والفر بين محاولات الاسترجاع المغربية وعمليات إحكام السيطرة الإسبانية التي تعززت أكثر منذ القرن الثامن عشر، وتوطدت مع الحماية الإسبانية على شمال المغرب.

ورغم ذلك فقد تواصلت المحاولات بشراسة في القرن العشرين من خلال مقاومة أبناء الريف المغربي للاحتلال الإسباني، وتقول بعض المصادر التاريخية إن الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي قائد ثورة الريف، كان في وضع عسكري وميداني يسمح له بدخول مدينة مليلية وتحريرها من الإسبان، واعتبر البعض إحجامه عن ذلك خطأ استراتيجيا.

ترفض المملكة المغربية حالياً الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني على مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية وتعتبرها جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، حيث يتمتع سكانها من أصل مغربي بحقوق كاملة داخل المغرب كمواطنين مغاربة، ويطالب المغرب إسبانيا بالدخول في مفاوضات مباشرة معها؛ لأجل استرجاعهما. كما تعتبرهما إحدى أواخر معاقل الاستعمار في إفريقيا، غير أن المنطقة لم تصنفها الأمم المتحدة ضمن المناطق المحتلة والواجب تحريرها

رغم مطالبات المغرب المتكررة في عهد الملك الحسن الثاني باسترجاع سبتة ومليلية في إطار تفاوضي، واصلت إسبانيا فرض الأمر الواقع الذي توج عام 1995 بمنح المدينتين حكما ذاتي اكإقليمين مستقلين تحت السيادة الإسبانية، وشكلت زيارات الملك الإسباني السابق خوان كارلوس إلى سبتة إشارات سياسية لتمسك مدريد بسيادتها على المدينتين، وقوبلت باستنكار مغربي رسمي وشعبي.

وما يلاحظ بخصوص هذا الشأن هو أن السياسة المغربية تفتقد لآلية الضغط، كما أن ضعف الجالية المغربية خصوصا المثقفين والسياسيين في إبراز أهداف السياسة المغربية وكذلك انشغال المغرب بملف الصحراء، كل هذه المسائل أدت لتجميد الملف، وتجدرالإشارة أيضا إلى أن الموقف المغربي ظل محتشما جدا يكاد يكون موقف دفاع حسب الظروف، كأنه لا يتوفر على أي هامش للتحرك، بفعل النفوذ الاقتصادي الإسباني بالمغرب بدء من حجم المبادلات التجارية، وكذلك الاستثمارات الإسبانية ب

المصادر: مواقع إلكترونية عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى