هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، يلتقي مع الرسول في عبد مناف، وأمه أروى بنت كريز وأم أروى أم حكيم، وهي البيضاء عمة رسول الله، بنت عبد المطلب
أما كنيته فهي “أبوعمرو”، في الجاهلية، و”أبوعبد الله” في الإسلام، وعبد الله ابنه من السيدة رقية بنت النبي
كان من أجمل الناس، حسن الوجه رقيق البشرة كث اللحية وأسلم بفضل دعوة أبي بكر له إلى الإسلام وتزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال رسول الله: لو عندي ثالثة لزوجتها لعثمان
سمي عثمان بذو النورين لأنه تزوج بنتي النبي، صلى الله عليه وسلم، وبدأ بالسيدة رقية، وبعد وفاتها تزوج السيدة أم كلثوم
كان عثمان، رضي الله عنه، رجلا ليس بالقصير ولا بالطويل، حسن الوجه، رقيق البشرة كث اللحية وعظيمها، أسمر اللون، عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفر لحيته، وروى ابن الأثير أنه كان من أجمل الناس
كان عثمان بن عفان تاجرًا في الجاهلية والإسلام، وقد درت عليه هذه التجارة ثروة واسعة ومالاً كثيراً لم يبخل به على الإسلام والمسلمين، فقد اشترى بئرا كان يملكها يهودي في المدينة ووهبها للمسلمين وابن السبيل
جهز عثمان جيش العسرة من ماله الخاص، أما عن سيرته في قومه، فقد كان عثمان كريم الشيم حسن السيرة عفيفًا حييًا محببًا في قومه مأمونًا عندهم أثيرًا لديهم حتى إن المرأة من العرب كانت ترقص صبيها وهي تقول: أحبك والرحمن حب قريش عثمان
كان عثمان بن عفان من النفر الذين أسلموا بفضل دعوة أبي بكر لهمم إلى الإسلام، وقد ذكر ابن الأثير أن هؤلاء النفر، ومنهم عثمان، بعد أن لبوا دعوة أبي بكر إلى الإسلام، ذهبوا معه إلى رسول الله فعرض عليهم الإسلام وقرأ عليهم القرآن
وأنبأهم الرسول بحق الإسلام فآمنوا، وأصبحوا مقربين وكان هذا سبق لهم إلى الإسلام، وكان عثمان يقول: إني لرابع أربعة في الإسلام، وقد تمسك عثمان بالإسلام، وسعد به، وتفانى في نصرته
أخلاق سيدنا عثمان، فضلا عما سبق من عفته وحسن سيرته مما أدى إلى شدة حب الناس له، فإن عثمان بن عفان كان شديد الحياء، فأضفى ذلك عليه هيبة ووقارًا، وحياء من الآخرين حتـى من الملائكة، ولعله تفرد بدرجة هذا الحياء
كان الرسول الكريم متضجعًا، وظل على ذلك عندما دخل عليه أبو بكر وعمر، وعندما دخل عثمان استوى، “صلى الله عليه وسلم”، فسألته عائشة عن ذلك فقال: صلى الله عليه وسلم، إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال، ألا يبلغ إلي في حاجته
زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد إسلامه ابنته رقية، وكانت معه في هجرتيه الأولى إلى الحبشة، والثانية إلى المدينة، وبعد أن توفيت السيدة رقية زوجه الرسول بأختها أم كلثوم
ومن صور تواضعه، وما تواضع أحد لله إلا رفعهعدم اتخاذه للجند أينما ذهب، واستقباله لكل مسلم وبشاشته له، يقول الحسن البصري رحمه الله، رأيت عثمان بن عفان يقيل في المسجد، وهو يومئذ خليفة، ويقوم وأثر الحصى بجنبه. وسئل الحسن عن القائلين في المسجد فقال: رأيت عثمان بن عفان نائمًا في المسجد، ورداؤه تحت رأسه، فيجيء الرجل فيجلس إليه، ثم يجيء الرجل فيجلس إليه، كأنه أحدهم
وتروي خادمته رهيمة فتقول: كان عثمان لا يوقظ نائمًا من أهله إلا أن يجده يقظانًا فيدعوه، فيناوله وضوءه. وفي رواية: كان إذا قام من الليل يأخذ وضوءه، قال له أهله، ألا تأمر الخدم يعطونك وضوءك؟ فيقول: لا، الليل لهم يستريحون فيه
فهذا مثل من اتصاف أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه بالرحمة، فهو مع كبر سنه وعلو منزلته الاجتماعية يخدم نفسه في الليل ولا يوقظ الخدم، وإن وجود الخدم من تسخير الله تعالى للمخدومين
وإن ما ينبغي للمسلم الذي سخر الله تعالى له من يخدمه أن يتذكر أن الخادم إنسان مثله، له طاقة محدودة في العمل، وله مشاعر وأحاسيس، فينبغي له أن يراعي مشاعره
وينبغي أن ييسر له الراحة كاملة في النوم، وأن لا يشق عليه بعمل، وكان رضي الله عنه من تواضعه واحترامه لعم النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر به، وهو راكب نزل حتى يزول العباس احترامًا وتقديرًا له