تقارير

أول مصنع لإنتاج الكوبالت في مراكش سيطلق ثورة في عالم السيارات الكهربائية.. كيف أصبح المغرب ضمن قائمة أكبر 10 دول منتجة للذهب الأزرق؟

استطاعت الرباط انتزاع موقع على الخريطة المستقبلية لسلاسل توريد السيارات الكهربائية، بعدما حظي الكوبالت المغربي باهتمام كبير على مستوى العالم.

وفي أحدث خطوة لدعم القطاع، يستعد المغرب لتطوير أول مصنع لإنتاج الكوبالت الأولي/المعاد تدويره في مراكش، وبذلك سيؤدي دورًا محوريًا في إزالة الكربون وإحداث ثورة في عالم المركبات الكهربائية.

وتعقيبًا على هذا الحدث الكبير، قال المهندس والعالم المغربي، رشيد اليزمي، إن تشييد أول مصنع لتطوير الكوبالت المغربي في مراكش يمثّل خطوة مهمة للبلاد، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، حسب موقع موروكو ورلد نيوز.

إعادة التدوير

أشار اليزمي -مخترع “أنود الغرافيت” المستخدم في بطاريات الليثيوم- إلى أنه رغم اكتشاف تقنيات إعادة تدوير الكوبالت قبل 20 عامًا، فإنها اكتسبت زخمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة مع تزايد المخاوف المتعلقة بندرة المواد الخام.

وأوضح -خلال مقابلة تلفزيونية أجراها هذا الأسبوع- أن الأخبار المتداولة حول مصنع إعادة تدوير الكوبالت “جلينكور-مناجم” لا تُعد مفاجأة، لا سيما أن 25% إلى 30% من البطاريات ستكون مصنوعة من مواد معاد تدويرها.

ويأتي ذلك بعد إعلان شركة التعدين المغربية “مناجم غروب” إبرام صفقة مع شركة جلينكور الأنجلو-سويسرية الرائدة لافتتاح مصنع للكوبالت في مدينة غيمسا، على بعد 37 كيلومترًا من مراكش.

وقالت الشركة، في بيان لها، إن إطلاق المشروع مشروط باستكمال دراسة جدوى بنهاية الربع الأول لتقييم المقومات التجارية للمصنع وبصمته الكربونية.

وأضافت أنها ستنتج الكوبالت من مواد البطاريات المعاد تدويرها.

وفي الوقت نفسه، سلّط اليزمي الضوء على أهمية المشروع في مساعدة شركة جلينكور على تحقيق هدف الحياد الكربوني في عام 2050.

الكوبالت في المغرب

ستستفيد شركة جلينكور من قدراتها في توريد معادن الكوبالت والنيكل وإعادة تدويرهما في عملياتها بكندا والنرويج، لتزويد مصفاة “سي تي تي” المغربية بالكوبالت الذي يحتوي على الكتلة السوداء.

وستوفر شركة مناجم تقنية إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون، وستتيح هذه التقنية ارتفاع معدل استرداد الكوبالت والنيكل والليثيوم من الكتلة السوداء.

وبعد ذلك، ستسوّق شركة جلينكور المنتجات المعاد تدويرها لشبكتها العالمية، بوصفه جزءًا من التزامها المستمر بدعم التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتحقيق الحياد الكربوني.

ونظرًا إلى أهميته في بناء بطاريات السيارات الكهربائية، من المتوقع ارتفاع الطلب على الكوبالت في العام المقبل مدفوعًا بانتشار المركبات الكهربائية على مستوى العالم.

وتُعد كندا والمغرب المنتجين الوحيدين للكوبالت النقي، إذ يحتل المغرب المرتبة الـ12 في تصدير الكوبالت على مستوى العالم.

ولدى الدولة القدرة على تأدية دور رئيس في التحول العالمي، بعيدًا عن الوقود الأحفوري بفضل احتياطياتها الهائلة من الكوبالت.

إنتاج المغرب من الكوبالت

خلال عام 2020، انخفض إنتاج الكوبالت المغربي إلى 1900 طن متري من 2300 طن متري في عام 2019.

لكن الأنظار توجهت نحو المغرب في العام نفسه، بعدما وقعت شركة بي إم دبليو الألمانية اتفاقية مع شركة التعدين المغربية “مناجم غروب” لتوريد الكوبالت المغربي تمتد لـ5 سنوات.

ويُعد منجم بوعازر واحدًا من أهم المناجم المغربية للتعدين، ويشتهر بإنتاج أغلب كميات الكوبالت في البلاد.

لكن الصناعة واجهت العديد من التحديات، بعدما وجّه عمال المنجم اتهامات إلى شركة تفنوت تيرانمين بأن ظروف العمل تشبه العبودية، بالإضافة إلى مخاوفهم من التعرض المكثف للكوبالت، الذي قد يسفر عن مشكلات صحية خطيرة، من بينها أمراض الرئة والجلد.

المغرب ضمن القائمة.. أكبر 10 دول منتجة لمعدن الكوبالت “الذهب الأزرق”

يعد الكوبالت من المعادن المهمة في صناعة البطاريات والتي تزداد أهميتها مع التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية التي لا تصدر أي انبعاثات، وذلك بهدف الحفاظ على البيئة.

وتحتوي بطاريات الليثيوم أيون، التي تستخدم في السيارات الكهربائية، على معدن الكوبالت والليثيوم والجرافين؛ ما يبرز مدى أهمية هذا المعدن -أو الذهب الأزرق كما يُعرف- في صناعة تلك الأنواع من السيارات.

والكوبالت هو معدن صلب، يُستخدم في صناعة السبائك شديدة الصلابة، وكذلك في مجال الطب كونه مادة مشعة لعلاج بعض الأمراض كالسرطان.

وبحسب بيانات لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، هناك 10 دول تتصدر قائمة البلدان المنتجة لمعدن الكوبالت والتي تأتي على رأسها دولة الكونغو الديمقراطية بفارق كبير عن بقية الدول.

والكونغو الديمقراطية هي أكبر منتج لمعدن الكوبالت في العالم؛ إذ تستحوذ على 60% من الإنتاج العالمي، كما تضمنت القائمة دولة المغرب والصين وروسيا وآخرين.

الكوبالت المغربي.. سوق واعدة لتغذية سوق السيارات الكهربائية عالميًا

ينفرد المغرب وكندا في إنتاج الكوبالت النقي الذي يدخل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ويمكن أن يلعب الكوبالت المغربي دورًا مهمًا في التحول العالمي من السيارات التقليدية إلى السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.

ويأمل المغرب، ثاني أكبر مصدر للكوبالت النقي في العالم، وتاسع أكبر منتج من حيث كمية الكوبالت بشكل عام، في الاستفادة من قطاع التعدين المستقر والعريق والاستثمار في تطوير صناعة السيارات الكهربائية، إذ يتطلع إلى الارتقاء بسلسلة القيمة في إنتاج السيارات وتحفيز المزيد من فرص العمل.

وبلغت قيمة صادرات قطاع السيارات في المغرب أكثر من 10 مليارات دولار عام 2018، إذ تجاوزت المملكة جنوب أفريقيا بصفتها أكبر منتج للقارة لسيارات الركاب، وفقًا لما نشره موقع ميدل إيست آي.

ويمثّل التحول نقلة نوعية للمغرب الذي أعطى الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية والإصلاحات الملائمة للأعمال، من أجل تعزيز التصنيع المحلي، إذ يعمل نحو 220 ألف مغربي في هذه الصناعة، وتتطلع البلاد إلى أن تصبح مركزًا لإنتاج السيارات الكهربائية.

إنتاج الكوبالت في المغرب

على الرغم من انخفاض أسعار الكوبالت، لا يزال الاهتمام كبيرًا بهذا المعدن، الذي يدخل مع الليثيوم والغرافيت والكوبالت ومواد أخرى في تصنيع البطاريات، بالإضافة إلى التفاؤل الحذر الذي يبديه المحللون بشأن إنتاج الكوبالت في السنوات المقبلة.

وانخفض إنتاج الكوبالت المغربي من 2300 طن متري في عام 2019 إلى 1900 طن متري في عام 2020، حسبما نشر موقع إنفستينغ نيوز.

وقد حظي الكوبالت المغربي باهتمام كبير بعد أن أعلنت عملاق تصنيع السيارات بي إم دبليو الألمانية أنها ستشتري الكوبالت مباشرة من المناجم في أستراليا والمغرب، للتأكد من أن مصدر المواد الخام للبطاريات هو مصدر موثوق.

وحظي إنتاج البطاريات اهتمامًا خاصًا في المغرب، بالنظر إلى مكامن الكوبالت في البلاد، الذي يمثل المعدن النادر الضروري لإنتاج بطاريات أيونات الليثيوم أيون في السيارات الكهربائية.

ويشتهر منجم بو عازر، الذي تملكه مجموعة مناجم المغربية للتعدين، وهي شركة خاصة مدرجة في بورصة الدار البيضاء وتمتلك العائلة المالكة أيضًا حصة فيها، بإنتاج معظم كميات الكوبالت في المغرب، ويقع في محافظة ورزازات الجنوبية، وينتج المنجم كاثود الكوبالت.

ويقع المنجم -الذي اكتُشف عام 1928 عندما كان المغرب تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي- على بعد 120 كيلومترًا جنوب مدينة ورزازات.

وقال وزير الطاقة والتعدين المغربي عزيز رباح: إن الحكومة تولي اهتمامًا خاصًا لزيادة إنتاج المعادن الإستراتيجية، لا سيما تلك المستخدمة في قطاع الطاقة المتجددة.

جدير بالذكر أن كمية الكوبالت المغربي، التي تقدر بنحو 2-3% من احتياطيات العالم، تتضاءل بالمقارنة مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، المنتج الرئيس في أفريقيا، التي تنتج ما يقرب من 70% من الإمدادات العالمية.

ويُعدّ الجزء الأكبر من الكوبالت المغربي في شكله الحالي، الكاثود المقطوع، غير مناسب لبطاريات أيونات الليثيوم المستخدمة في السيارات الكهربائية، ويحتاج المعدن إلى عملية تحويل كيميائي عبر عملية التقطيع والتحويل إلى شكل كبريتات.

معاناة عمال إنتاج الكوبالت

أبلغت المجتمعات الأمازيغية المقيمة في جنوب شرق المغرب عن النفايات السامة التي تشكل خطرًا على الصحة العامة، والناتجة عن عمليات تعدين الفضة التي تنفذها شركة ميتالورجيك أميتر.

وأثارت أمراض العمال الناجمة عن التعرض للمنتجات الثانوية السامة لصناعة الأسمدة وحمض الفوسفوريك جنوب غرب الدار البيضاء انتقادات للهيئات المشرفة على العمل، خلال السنوات الـ6 الماضية، ونفت الهيئات تلك المزاعم.

ومع نمو الطلب على هذا المعدن في سوق السيارات الكهربائية، يمكن أن يصبح استخراج الكوبالت نقمة للمغاربة العاديين وليس مصدرًا للفوائد الاقتصادية، وفقًا لما نشره موقع إنسايد أرابيا.

وعلى مدى العقد الماضي، اتهم عمال منجم بو عازر -الذين يحفرون على عمق 600 متر تحت الأرض لاستخراج الكوبالت المغربي دون حماية من الانهيارات الأرضية والصدمات الكهربائية- شركة تفنوت تيرانمين، بأن ظروف العمل لديها تشبه العبودية.

ويمكن أن يؤدي التعرض المكثف للكوبالت إلى مجموعة من المشكلات الصحية الخطيرة، بما في ذلك أمراض الرئة وفشل القلب وضعف البصر والسمع وأمراض الجلد.

واتُّهِمَت شركة تفنوت تيرانمين برفض دفع تكاليف علاج مرض السحار السيليكي “الرملي”، الذي ظهر بين عمالها، وهو مرض رئوي شائع يمكن أن ينجم عن استنشاق الغبار في المناجم.
عامل في منجم الكوبالت

التصنيع المحلي

قال المدير التنفيذي للمبيعات والتسويق في مجموعة مناجم المغربية، محمد أمين أفصاحي، إن الشركة اتخذت خطوات لإثبات أن الكوبالت المغربي يتم تعدينه وفقًا لمعايير الاستدامة.

وأشار إلى إجراء محادثات مع شركات السيارات الكهربائية وصانعي البطاريات حول الشراكات المستقبلية، لأن الكوبالت الذي تستخرجه سيُعالَج في المغرب لإنتاج مواد للبطاريات.

وبيّن أن مجموعة مناجم تجري مناقشات متقدمة مع شركات تصنيع البطاريات والسيارات الكهربائية الأجنبية، من أجل التوسع في إعادة تدوير الكوبالت من البطاريات القديمة، التي يمكن أن تبدأ في أقل من عامين.

وقال زميل برنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط، مايكل تانشوم: إن المملكة لديها سجل حافل في جذب الاستثمار الأجنبي، مضيفًا أن هذا التطور يتناسب مع هدف الحكومة المتمثل في تعزيز الإنتاج المحلي في صناعة السيارات.

وأوضح أن التصنيع المحلي للمكونات في المغرب جعل المملكة مركزًا قويًا لصناعة السيارات في أفريقيا، كما أن إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية داخل المغرب سيحفز التوسع في قطاع تصنيع السيارات الكهربائية.

ورغم التوقعات بأن يظل الطلب على الكوبالت مرتفعًا لبعض الوقت، فإن أحد التحديات التي تواجه صناعة التعدين تتمثّل في أن منتجي البطاريات يبحثون عن بدائل لهذا المعدن المكلف.

وتحتوي بطاريات سيارات تيسلا الكهربائية الحالية على أقل من 5% من الكوبالت، وأعلنت الشركة في سبتمبر/أيلول 2020 أنها تطور بطاريات خالية من الكوبالت.

وكشفت شركة صناعة السيارات الأميركية جنرال موتورز النقاب عن نظام بطاريات جديد في العام الماضي يستخدم كوبالت أقل بنسبة 70% من تلك الموجودة في طرازات سياراتها الحالية.

صفقة بي إم دبليو

وقعت عملاق السيارات الألمانية بي إم دبليو عقدًا لتوريد الكوبالت المغربي مع شركة التعدين المغربية “مناجم غروب” لاستخدامه في خلايا البطاريات بقيمة نحو 100 مليون يورو (115.51 مليون دولار)، حسبما نشره موقع إلكترايف.

ووفقًا لشركة بي إم دبليو، فإن هذا العقد، الذي يمتد لـ5 سنوات، يغطي نحو 5 متطلبات الكوبالت لديها، ووقعت الشركتان مذكرة تفاهم بشأن الشراء المباشر للكوبالت من المغرب في مراكش في يناير/كانون الثاني 2019.

وستستخدم بي إم دبليو الكوبالت لتزويد خلايا البطارية للسيارات الكهربائية باستخدام محركات الجيل الخامس الكهربائية للشركة، وأعلنت الشركة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 أنها بصدد تغيير إستراتيجيتها لشراء المواد الخام لمواد البطاريات.

وستشتري الشركة الكوبالت والليثيوم، على سبيل المثال، من مشغلي المناجم أنفسهم ثم توفرها لمصنعي الخلايا (حاليًا شركة كاتل “CATL” وسامسونغ إس دي آي) لتصنيع خلايا بطارية لسيارات بي إم دبليو.

ويقول عضو مجلس إدارة شركة بي إم دبليبو لشبكة المشتريات والموردين، أندرياس وندت، إنه سيكون لدى الشركة 25 طرازًا كهربائيًا بحلول عام 2023.

ونشرت بي إم دبليو قائمة لموردي ودول منشأ الكوبالت، وذكرت فنلندا ومدغشقر وروسيا بالإضافة إلى أستراليا والكونغو، على الرغم من أن القائمة مؤرخة في يونيو/حزيران 2019، حسبما أورده موقع إلكترايف.

المصادر : مواقع الكترونية عربية – الطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى