لماذا استنجد السودان بالجزائر لتطوير البحث عن مكامن النفط والغاز في أراضيه؟
دعا وزير الطاقة والنفط في السودان المهندس محمد عبدالله محمود، الشركات الجزائرية إلى دراسة الفرص المتاحة للاستثمار في مجال النفط والغاز ببلاده.
وأكد رغبة السودان في الاستفادة من التجربة الجزائرية في مجال الغاز وبناء القدرات، متمنيًا أن تعود الفائدة على البلدين الشقيقين وتتكامل الأدوار، إذ تمتلك الخرطوم فرصًا كبيرة للاستثمار، وتمتلك الجزائر خبرة وتجربة ناجحة في مجال الغاز.
جاء ذلك خلال لقائه اليوم الخميس، السفير الجزائري في الخرطوم أسعد مراد، إذ أشار الجانبان إلى أهمية التعاون بين البلدين، لا سيما في مجال الغاز، وجدد الوزير الدعوة للشركات الجزائرية على مستوى القطاعين العام والخاص، وعلى رأسها سوناطراك الجزائرية، إلى الاستثمار في بلاده.
قطاع النفط والغاز في السودان
حسب بيان صحفي حصلت “الطاقة” على نسخة منه، قال السفير الجزائري أسعد مراد إن “قطاع النفط والغاز في السودان يمثل أهمية كبيرة بالنسبة إلينا، لأنه من القطاعات التي يمكن أن يجري فيها تعاون كبير بين البلدين”.
وأضاف أن الشركات الجزائرية يمكن أن تُسهم بخبراتها في البحث والاستكشاف والإنتاج، معلنًا موافقته على اقتراح توقيع مذكرة تفاهم بعد الترتيب لزيارة وفد جزائري إلى السودان للتعاون في مجال الغاز.
وقال: “سوف أعمل على تعاون غير محدود بين البلدين خلال مدة عملي التي بدأت قبل أشهر”.
التعاون النفطي بين الجزائر والسودان
خلال اللقاء، تحدّث مدير عام الاستكشاف والإنتاج النفطي في وزارة النفط السودانية، المهندس الطاهر أبوالحسن، عن الخلفية التاريخية للتعاون النفطي بين البلدين، التي بدأت منذ عام 2001 برغبة الجزائر في العمل بالبحر الأحمر ومربع (8) لاستخراج الغاز، إلا أن تلك الجهود لم تُكلل بالتوصل إلى اتفاق.
وقال: “ما زلنا نرغب في التعاون مع الجزائر، وهي كذلك ترغب، إذ تتواصل مع شركة سودابت السودانية خلال المدة المنصرمة”.
ومن جانبه، اقترح مدير عام شركة سودابت، محمد زيادة، عمل توأمة مع شركة سوناطراك الجزائرية، للاستفادة من خبراتها وتطبيقها في الحقول السودانية، مؤكدًا استعداد سودابت للجلوس معهم والتواصل، لبحث رغبتهم في الاستثمار بقطاع النفط والغاز في السودان.
ومن جهته، قال مسؤول ملف الغاز في الوزارة المهندس الصادق الأصم، إن التعاون لم يتوقف بين البلدين، وسبق أن تقدمت شركات جزائرية للتنافس على العمل في مربعات غاز سودانية.
وأضاف أن وزير الطاقة والنفط يهتم بملف الغاز، ووجّه بجمع كل الدراسات السابقة لاستخراج الغاز وتحديثها، مؤكدًا أن المعلومات عن الغاز متاحة في البحر الأحمر ومربع (8) الذي حدث فيه تطور في المعلومات.
اقرأ أيضًا: ساوند إنرجي: الجميع يريد شراء الغاز المغربي.. وهذه تطورات تندرارة
أكد الرئيس التنفيذي لشركة ساوند إنرجي، غراهام ليون، أن الجميع يريد شراء الغاز المغربي، سواء على المستوى المحلي أو في الخارج.
وأوضح -في مقابلة مع منصة “برواكتيف”- أن هذا الاهتمام المتزايد نتج عن الحاجة إلى إمدادات الغاز البديلة في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، ومتطلبات التنمية الخاصة بالمغرب.
وشدد على أن الشركة تحصل على دعم وزاري قوي في المغرب، مشيرًا إلى أن مشروع حقل غاز تندرارة يمضي قدمًا بشكل جيد.
وقال: “أعتقد حقًا أن ما تغير في الأشهر القليلة الماضية هو أننا ندفع بابًا مفتوحًا.. الكل يريد الغاز في المغرب.. الكل يريد الغاز في أوروبا.. وساوند تؤدي دورها لتغذية تحول الطاقة”.
تطوير الغاز المغربي
تحدث ليون عن تطوير الغاز المغربي من خلال امتياز حقل غاز تندرارة؛ إذ بدأ الأمر في نهاية أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، عندما قطعت الجزائر إمدادات الغاز عبر خط أنابيب المغرب العربي-أوروبا إلى إسبانيا، وكان المغرب أحد المتلقين لذلك الغاز.
وبعد نحو 30 يومًا، وقّع المكتب الوطني للكهرباء والمياه الصالحة للشرب اتفافية مع ساوند إنرجي لشراء 300 مليون متر مكعب من الغاز سنويًا.
وقال: “كل ذلك كان قبل المأساة التي تحدث بين أوكرانيا وروسيا في الوقت الحالي؛ لذلك كان المغرب دائمًا بحاجة إلى الغاز.. وليس هناك أفضل من توصيل الغاز الخاص بك إلى محطة الكهرباء الخاصة بك”.
وأشار إلى إطلاق مرحلة تطوير حقل غاز تندرارة من خلال الشراكة مع أفريقيا غاز المحلية؛ لشراء كمية أصغر من الغاز عبر نظام الغاز الطبيعي المسال.
وتابع: “العمل الشاق الذي بذلناه على مدار العامين الماضيين بدأ يؤتي ثماره.. الجميع يريد الغاز المغربي الآن”.
وأوضح أن المشروع سيشهد إنشاء خط دفع بطول 120 كيلومترًا للربط بشبكة الغاز المغربية، ويُمكن بعد ذلك زيادة الإنتاج.
تمويل حقل غاز تندرارة
أشاد ليون بالدعم الذي تحظى به ساوند إنرجي من قِبل المصارف المغربية، وتطلعه إلى الحصول على قرار استثمار نهائي بحلول نهاية العام، إن لم يكن قبل ذلك.
وقال: “أعتقد أن ما حدث هو أن المصارف المحلية في المغرب أدركت أنها بحاجة إلى هذا الغاز مثل أي شخص آخر، لتمويل جميع المشروعات التي تُمولها في المناطق الصناعية وفي مناطق الكهرباء. نتعامل مع البنوك المحلية والبنوك الدولية أيضًا”.
وشدد على أنه إذا لم يشترِ المغرب الغاز؛ فإن السوق حريصة جدًا على شراء هذا الغاز، الذي يُمكن أن يصل إلى أوروبا”.
وتابع: “لذا، كما تعلمون، هناك مشترون آخرون وليس المشترون المغاربة فقط هم من يحرصون على شراء هذا الغاز”.
اكتشافات أخرى في المغرب
أشار ليون إلى أنه يمكن تنمية الشركة عن طريق بيع المزيد من الغاز بطرق مختلفة.
لذلك، تحتاج ساوند إنرجي إلى ربط تندرارة بالسوق نظرًا لموقعه البعيد؛ ما دفعها إلى استخدام مشروع الغاز الطبيعي المسال الصغير.
كما تطرق إلى اثنين من اكتشافات الغاز المغربي؛ أحدهما هو حقل “تي إي 4″، الذي يبعد نحو 5 كيلومترات فقط عن موقع منشأة المعالجة للمرحلة الثانية من حقل تندرارة؛ ما يجعله بمثابة فرصة وسيكون رابطًا سهلًا بمنشأة المعالجة الرئيسة.
والاكشاف الآخر هو حقل “إس بي كيه”، الذي سيكون على بُعد نحو 50 كيلومترًا من منشأة المعالجة، ويُمكن أن يدعم مشروع الغاز الطبيعي المسال أو مشروعًا صغيرًا للغاز الطبيعي المضغوط.
الطاقة المتجددة في المغرب
أكد ليون أن الشركة تبحث أيضًا في أنشطة أخرى خارج المحفظة؛ إذ تتطلع إلى استخدام الطاقة المتجددة في المغرب لتزويد مشروعاتها بالوقود.
وقال: “هذا يُعَد مكسبًا لنا، بمعنى أننا نستخدم الطاقة المتجددة، ولكن لدينا أيضًا المزيد من الغاز للبيع. نحن لا نستخدمه للحرق لتزويد مشروعاتنا بالوقود”.
علاوة على ذلك، تبحث الشركة في العمل مع بعض المزارعين، الذين يشترون الكهرباء من الدولة، لكنهم يخضعون الآن لقواعد الاستيراد في الاتحاد الأوروبي، والتي ستضع علاوة على ضرائبهم أو ضريبة بشكل أساسي على منتجاتهم -ضريبة الكربون- إذا لم يستخدموا الطاقة المتجددة.
وتابع: “لذلك؛ إذا تمكنّا من توفير الطاقة المتجددة لهؤلاء المزارعين؛ فهذا مكسب للجانبين. إنهم يحصلون على طاقة أرخص منا، ويتعين عليهم أيضًا تجنب دفع الضرائب الإضافية التي يريدها الاتحاد الأوروبي”.
المصدر: الطاقة