لسنا تلاميذ في مدرسة أمريكية لكي نقبل أسلوب الترغيب و التهديد.. لماذا قال السعوديين للأمريكيين دعونا نضحك معاً؟
لسنا تلاميذ في مدرسة أمريكية لكي نقبل أسلوب «الترغيب والتهديد»
الإشارات المهينة للمملكة وقيادتها في الأعمال الكوميدية الأمريكية «لا تعد ولا تحصى»
الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية على روسيا وراء ارتفاع أسعار النفط
صداقتنا مع أمريكا تنبع من الاهتمام المشترك بالعمل على إحلال السلام إقليمياً
الاتفاق مع طهران سيعطي دفعة للتخريب الإيراني الذي يطال الدول العربية
كتب الأمير تركي الفيصل، مقالاً انتقد فيه التعامل الأمريكي مع المملكة العربية السعودية، وأثار المقال ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشاد به الكثيرون من رواد موقع «تويتر».
وقال الأمير السعودي في مقاله الذي كتبه باللغة الإنجليزية ونشره موقع “Arabnews»، وجاء بعنوان «يجب أن تبتسم الولايات المتحدة وهي تتعامل مع المملكة العربية السعودية لا أن تتجهم».. وفيما يلي نص المقال:
تعلمنا العديد من الدروس من جائحة كوفيد-19، ولعل أهم تلك الدروس أن حياة البشر ثمينة، ويجب تقدير قيمة كل ثانية فيها، وعدم إهدارها في الكسل، كما تعلمنا أيضاً أنه لا ينبغي افتراض الاعتقاد بضعف البشرية،
فنحن كبشر، لدينا النجاة والبقاء على قيد الحياة، في مواجهة الشدائد والمحن، كما أنه بمقدورنا أن نوظف قدراتنا في مواجهة التهديدات التي تواجهنا.لقد فعلت قيادة المملكة العربية السعودية هذا بالضبط، أثناء الجائحة،
لذلك يمكننا الآن أن نقول، بكل فخر وسعادة، إننا في عصر ما بعد كورونا.. لقد كان ذلك جهداً جماعياً من القيادة ومسؤولي الحكومة والأطقم الطبية والأكاديميين ومجتمع الأعمال، وضباط الشرطة، والأهم من كل ذلك، المواطنين الذين التزموا بتعليمات الأطباء.
وبينما نواجه العديد من التحديات في عصر ما بعد كورونا، فإنني مستمتع بالضجة في وسائل الإعلام الأمريكية حول المشهد الكوميدي بالتلفزيون السعودي الذي سخر من الرئيس الأمريكي جو بايدن،
فقد أبدى المعلقون والنقاد غضبهم، قائلين إنه كان أمراً مهيناً، وإنه أظهر أن السعودية لم تكن صديقة للولايات المتحدة الأمريكية، وإن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان يرد من خلاله على الرئيس بايدن، لرفض الأخير مقابلته، وإصدار وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقريراً حول مقتل جمال خاشقجي،
واعتبر الإعلام الأمريكي أن ذلك المشهد يعد إهانة للشعب الأمريكي، وما إلى ذلك.. حقاً لقد كان رد فعلهم مدهشاً.إن تعامل الإعلام الأمريكي على هذا النحو، يظهر مدى ضعف وسائل الإعلام الأمريكية، رغم الطريقة التي تعاملت بها تلك وسائل الإعلام مع قيادتنا وشعبنا وعقيدتنا..
بينما نجد أن تصوير العرب والمسلمين في الكوميديا والدراما وأعمال المغامرات والخيال، يذهب إلى أبعد من ذلك ليصل إلى حد الإهانات والتشويه، كما تذكرنا الرسوم الكاريكاتورية بكيفية ظهور اليهود في أعمال معادية للسامية، فعادة تثير الشخصية العربية الإسلامية السخرية والاشمئزاز،
حيث تظهر عادة مع نظرة شريرة على الوجه، وخنجر حول الخصر، ورداء أبيض غير مهندم، ولحية كثيفة، وأعين تحيط بهما هالات سوداء.. ويظهر عادة بالقرب من بئر نفط، والفتيات يجلسن عند قدميه، بينما يجلس خلفه جمل أو جملين.
أتذكر حلقة من مسلسل أمريكي شهير قبل بضع سنوات، تضمن مشهداً تخيلاً، قامت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية برفع حاجبيها لدفع وزير الخارجية السعودي، لقبول موقفها من الانتهاك السعودي لحقوق الإنسان.. كان الوزير السعودي في ذلك المسلسل صورة كاريكاتورية.
ومثل جميع أفلام هوليوود، من عشرينيات القرن الماضي حتى اليوم، فإن الإشارات المهينة للمملكة وقيادتها في الأعمال الكوميدية الأمريكية لا تعد ولا تحصى، من (Saturday Night Live)، إلى الممثلين الكوميديين مثل ستيفن كولبير.
أما بالنسبة لإنتاج النفط، فإن العديد من المعلقين الأمريكيين زعموا أن رفض المملكة العربية السعودية زيادة إنتاجها من النفط، يشير بوضوح إلى أننا نستخدم ذلك كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي تعاني فيه إدارة الرئيس بايدن من التضخم.
إن هؤلاء المعلقين قد تناسوا الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط، هي الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وسياسات الطاقة لإدارة الرئيس بايدن.
وعلى جانب آخر، فإن التعليقات الأمريكية حول المملكة وحول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، من يطلقون على أنفسهم وصف خبراء، وأيضا من سياسيين، كانت سلبية بشكل متعمد.فقد شبه أحد هؤلاء، ولي العهد السعودي، بـ«إيكاروس»، الشخصية المعروفة في الأساطير اليونانية، والذي لقي مصرعه، بعدما حلق بالقرب من الشمس، بأجنحة من الريش والشمع، ولو كان ذلك الخبير قد ألقى نظرة أمينة على ما قاله وفعله ولي العهد بالفعل، لما قال ذلك الوصف الخاطئ.
كذلك فإن هناك من كتبوا مقالاً في مجلة أتلانتيك، حول ولي العهد السعودي، قد أساؤوا تفسير تصريحاته، ولحسن الحظ، فقد أدى نشر النص الأصلي للمقابلة إلى تصحيح الأمور.ونجد السياسيين الأمريكيين من مختلف الأحزاب والتوجهات السياسية، يطلقون سهامهم على المملكة السعودية، لانتقادها ومحاولة التحقير منها، كما أنهم يذهبون إلى استخدام سياسة العصا والجزرة، في التعامل مع المملكة، وأقول لهم إننا لسنا تلاميذ في مدرسة، نقبل بأسلوب الترغيب والتهديد.
إن صداقتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية تنبع من الاهتمام المشترك بالعمل على إحلال السلام في الشرق الأوسط، ومحاربة الإرهاب، وتحدي العدوان الإيراني وعدائها المعلن للسعودية وأمريكا.
ويأتي ذلك على الرغم من سعي الرئيس بايدن إلى الوصول إلى اتفاق نووي مع إيران لم يكون مؤقتاً فقط، في منعها من مواصلة طموحاتها النووية، بل أنه سيعطي دفعة للتخريب الإيراني الذي يطال الدول العربية، وإطلاق الصواريخ الإيرانية والطائرات المسيرة التي تستهدف المملكة.
كما نتقاسم سوياً المملكة والولايات المتحدة المنافع المتبادلة من خلال التبادل التجاري، ومشروعات التنمية في المملكة، والعلاقات التي تنمو على مرّ السنين، وستستمر في النمو خلال الأعوام المقبلة.
كما تنبع علاقاتنا الإنسانية من الوجود المستمر للجالية الأمريكية في المملكة، والتي يصل عددها إلى آلاف المواطنين، ووجود آلاف الطلاب السعوديين في الجامعات الأمريكية.وبشكل عام، فإنني أقول لوسائل الاعلام الأمريكية،
وغيرهم ممن يصفون أنفسهم بأنهم خبراء: «اضحكوا على الدعابة، واستمعوا بالمقطع الساخر، فنحن قاومنا لوقت طويل، استهزاء وسائل الإعلام والسياسيين الأمريكيين، ومن العدل أن تتحملوا وتصمدوا أمام استهزاءاتنا الكوميدية.. دعونا نضحك سوياً.. لا أن نتجسس على بعضنا البعض».
المصدر: الرؤية