يتسابق المشترين لاغتنام فرصة الأسعار الاستثنائية و للحصول على كميات كبيرة.. ناقلات عملاقة تجوب بحار العالم تحمل كميات ضخمة من النفط الخام الروسي الرخيص
على مدى السنوات الماضية، واظبت الصين على شراء النفط الإيراني والفنزويلي الخاضع للعقوبات، واتجهت إلى النفط الروسي، مؤخرًا، بعد نبذه من الدول الغربية منذ غزو موسكو لكييف.
ووفقًا لأحدث تقارير شركة فورتيسكا للتحليلات النفطية، استوردت الصين قرابة 650 ألف برميل يوميًا من النفط الإيراني -الذي يشكّل 7% من الواردات الصينية- خلال شهر أبريل/نيسان الماضي، مقارنة بنحو 700 ألف برميل يوميًا في مارس/آذار.
ويبدو أن وادرات الصين من النفط الإيراني تراجعت خلال أبريل/نيسان، مقارنة بالواردات في أواخر 2021 ومطلع العام الجاري؛ نتيجة انخفاض الطلب من مصافي التكرير المستقلة، بعدما أدت عمليات الإغلاق بسبب الوباء إلى تراجع هوامش الوقود، إلى جانب تزايد الواردات من النفط الروسي الأقلّ سعرًا.
تراجع النفط الإيراني
تأتي هذه الخطوة في وقت يأس فيه الدبلوماسيون الغربيون من إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، كما شجعت أسعار النفط المرتفعة طهران على التمهل قبل العودة إلى الاتفاق.
ومن المتوقع أن يسمح الاتفاق النووي بزيادة مبيعات النفط خارج الصين -أكبر عميل لإيران خلال العامين الماضيين- إلى عملاء سابقين في كوريا وأوروبا.
فقد بدأت إيران تصدير النفط إلى الصين بصفته خامًا قادمًا من عمان والإمارات وماليزيا، لتجنّب العقوبات الأميركية، حسب وكالة رويترز.
وبحسب شركة كبلر لتحليل البيانات، استقرت صادرات إيران في شهر أبريل/نيسان مبدئيًا عند 575 ألف برميل يوميًا، انخفاضًا من متوسط 840 ألف برميل يوميًا في الربع الأول من عام 2022، وتتوقع مراجعة الكميات المصدّرة للشهر نفسه خلال الأسابيع المقبلة.
وتعدّ المصافي المستقلة في الصين -المعروفة بأباريق الشاي، وتقع في مقاطعة شاندونغ الشرقية- من المشترين الرئيسيين للنفط الإيراني.
واتجهت هذه المصافي لخفض واردات الخام منذ فبراير/شباط، وعملت بأقلّ من نصف قدرتها الإنتاجية في أبريل/نيسان، كما أسفر ارتفاع الأسعار وتقييد حصص الاستيراد وعمليات الإغلاق جراء فيروس كورونا إلى تراجع هوامش الربح.
وفي هذا الصدد، قالت المحللة لدى شركة فورتيسكا، إيما لي، إن النفط الإيراني بدأ يواجه صعوبة في العثور على مشترين منذ فبراير/شباط، بعدما خفضت المصافي المستقلة حجم الإنتاج.
وأضافت لي، أن 6 شحنات على الأقلّ تحمل إجمالًا 8 ملايين برميل من النفط الإيراني غير قادرة على التفريغ في الموانئ الصينية، وتطفو قبالة موانئ شاندونغ وتشجيانغ لأكثر من 3 أشهر.
إغراءات النفط الروسي
في الوقت نفسه، يتجه الخام الروسي إلى الصين، بعد انخفاض الطلب في أوروبا بسبب تزايد المخاوف المتعلقة بالعقوبات ضد روسيا.
وفي المقابل، قفزت واردات الصين من الخام الروسي المنقول بحرًا بنسبة 16% في أبريل/نيسان، عند 860 ألف برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفقًا لشركة رفينيتيف للبيانات.
وعلى الرغم من هيمنة مزيج إسبو على الإمدادات الروسية لشهر أبريل/نيسان، قد يمثّل احتمال زيادة شحنات خام الأورال الروسي المنبوذة من أوروبا إغراءً جديدًا لمصافي أباريق الشاي.
ووفقًا لتقارير، اشترت مصفاة واحدة على الأقلّ شحنة واحدة من الأورال الروسي -متوقَّع وصولها في يونيو/حزيران- بخصم قدره من 6 إلى 7 دولارات للبرميل عن سعر خام برنت على أساس التسليم، وذلك بالمقارنة مع النفط الإيراني المتداول بأقلّ من خام برنت القياسي بمقدار 5 دولارات.
وقال أحد المسؤولين في شركة تكرير، مقرّها شاندونغ، إن التعامل مع النفط الإيراني والروسي يحمل في طياته مخاطر، لذا ستكون المصافي حذرة، وستقوم باختيار الإمدادات الرخيصة التي توفر من خلالها هوامش ربح أفضل.
الواردات الصينية
على الجانب الآخر، نمت واردات الصين من النفط الخام نحو 7% في أبريل/نيسان، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، رغم أن ضعف الطلب على الوقود بسبب عمليات الإغلاق جراء فيروس كورونا أسفر عن خفض الإنتاج في المصافي الصينية.
وأظهرت بيانات من الإدارة العامة للجمارك، اليوم الإثنين 9 مايو/أيار، أن أكبر مشترٍ للنفط الخام في العالم استورد 43.03 مليون طن الشهر الماضي، ويعادل ذلك 10.5 مليون برميل يوميًا، مقارنة بـ9.82 مليون برميل يوميًا في أبريل/نيسان 2021، و10.06 مليون برميل يوميًا خلال مارس/آذار.
في حين تراجعت الواردت خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان بنسبة 4.8%، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي، إلى 170.89 مليون طن، أو قرابة 10.4 مليون برميل يوميًا.
وتشير التقديرات إلى أن حجم إنتاج المصافي قد انخفض الشهر الماضي بنسبة 6%، إذ لم تشهد انخفاضًا بهذا القدر منذ بداية الوباء.
هل يبدد كورونا حلم الصين النفطي؟
كما كشفت عملاق النفط الصيني سينوبك عن خفض معدلات التشغيل منذ النصف الثاني من شهر مارس/آذار إلى قرابة 85%، مقابل 92.6% في وقت سابق من العام الجاري، بعد ارتفاع المخزونات في خضم القيود بسبب فيروس كورونا.
أمّا صادرات المنتجات النفطية المكررة، فقد بلغت 3.82 مليون طن في أبريل/نيسان، بانخفاض 44% خلال الشهر نفسه من العام الماضي، ومقابل 4.07 مليون طن في مارس/آذار.
وتراجعت صادرات الوقود للأشهر الـ4 الأولى بنسبة 38% على أساس سنوي، تماشيًا مع سياسة الحكومة للحدّ من إنتاج المصافي المفرط.
واردات الغاز
بلغت واردات الغاز الطبيعي الشهر الماضي 8.09 مليون طن، انخفاضًا من 10.15 مليون طن في أبريل/نيسان من العام الماضي.
وانخفضت الواردات خلال المدة من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان، بنسبة 8.9% على أساس سنوي، عند 35.87 مليون طن.
وأظهرت بيانات تتبّع السفن من رفينيتيف أن واردات الغاز الطبيعي المسال بلغت 4.7 مليون طن خلال الشهر الماضي، مقابل 4.63 مليون طن في مارس/آذار، ومقارنة بـ6.73 مليون طن قبل عام، إذ أسهمت الأسعار الفورية المرتفعة في إعاقة عمليات الشراء.
المصدر: الطاقة