تقارير

تعتزم توليد 50% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2025.. موارد ضخمة ستحول باكستان لأكبر منتج للطاقة في العالم

تُخطِّط باكستان لزيادة إنتاجها من الطاقة المتجددة لحل أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في البلاد التي تعتمد بشكل رئيس على الغاز الطبيعي المسال المستورد من الخارج في تلبية خُمس احتياجات شبكتها الكهربائية.

وتعتزم باكستان توليد نصف احتياجاتها من الكهرباء من المصادر الخضراء للطاقة بحلول عام 2025، ترتفع إلى 60% بنهاية عام 2030، بالاعتماد على طاقتي الرياح والشمس والطاقة الكهرومائية.

ولتحقيق هذا الهدف، ينبغي على باكستان الإسراع في طرح عطاءات الطاقة المتجددة، التي وافقت عليها هيئة تنظيم الطاقة في البلاد في عام 2017، دون مزيد من التأخير، إذا كانت تريد تحقيق طموحاتها في توليد الكهرباء من مصادر نظيفة، وفقًا لتقرير حديث صادر عن البنك الدولي.

13 غيغاواط من الطاقة المتجددة

كانت الهيئة الوطنية لتنظيم الطاقة الكهربائية في البلاد “نيبرا” قد وافقت على التحول من دفع التعرفات الثابتة للكهرباء النظيفة، قبل 5 سنوات من الآن، لكن نظام المزاد المقترح لم يتشكّل بعد.

وامتلكت باكستان 1.7 غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في سبتمبر/أيلول 2021، وتُخطّط الدولة الواقعة في جنوب آسيا إلى زيادة السعة الإنتاجية من مصادر الطاقة المتجددة إلى 12.9 غيغاواط خلال العقد الجاري.

وحُدِّدَت التعرفة لنحو 482 ميغاواط من مشروعات الطاقة الشمسية، لكن لم يجرِ إنشاؤها بعد.

وتستهدف باكستان الحصول على 1 غيغاواط سنويًا من الطاقة الشمسية عبر المزادات السنوية من عام 2024 إلى عام 2030، بهدف إنتاج 20% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة غير المائية بحلول عام 2025، و30% بنهاية هذا العقد.


وخلال 2021 بلغ إجمالي قدرة توليد الكهرباء المركبة في باكستان 39.77 ألف ميغاواط؛ منها 24.9 ألف ميغاواط من الوقود الأحفوري، بحسب بيانات نيبرا.

ويقترح البنك الدولي اتباع حكومة باكستان نهجًا مزدوج المسار، يتضمن إنشاء مجمعات كبيرة للطاقة المتجددة في المقاطعات الغنية بالرياح في بلوشستان والسند، وطرح مناقصات صغيرة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وفقًا لموقع بي في ماغازين.

مقترحات البنك الدولي

يُرجّح البنك الدولي أن يتولى مجلس تنمية الطاقة البديلة المملوك للدولة، مسؤولية الإشراف على عطاءات مجمع الطاقة النظيفة، مع شركات توزيع الكهرباء الإقليمية التي تشتري السعة الإنتاجية للمحطات الفرعية، مع هيئة اتحادية لتولي مسؤولية مزادات الطاقة المتجددة في المستقبل.

ووفقًا لتقرير البنك الدولي، يجب ألا تقل سعة التوليد المطروحة في العطاءات الباكستانية عن 50 ميغاواط، مع ألواح بسعة 300 إلى 600 ميغاواط في الحدائق الكبيرة، كما ينبغي تحديد التعرفة في موعد لا يتجاوز 33 أسبوعًا، بعد بدء كل مزاد.

ويجب أن يتميز كل مزاد بحد أقصى لسعر العطاء، وأن تستمر اتفاقيات شراء الطاقة من 20 إلى 25 عامًا.

ونظرًا لصعوبة اعتماد باكستان على المكونات المحلية في تطوير الطاقة الشمسية، يقترح التقرير وضع معايير تقنية صارمة للعطاءات المطروحة؛ لتجنب إغراق السوق المحلية بمنتجات خارجية رخيصة رديئة الجودة.


ولمدة مؤقتة، يمكن لـ4.34 غيغاواط من مشروعات الطاقة الشمسية المعتمدة دون تعرفة المشاركة في المزادات، وحُدِّدَ سقف العطاء عند 6 روبيات باكستانية (0.032 دولارًا) لكل كيلوواط في الساعة، مع زيادة قدرها 2.5% سنويًا خلال مدة العقد التي تصل إلى 25 عامًا.

وتوفر الطاقة المتجددة 4% فقط من إمدادات الكهرباء في باكستان، مع 27% أخرى من الطاقة الكهرومائية، في حين يُشكّل الوقود الأحفوري 64%، وتمثّل الطاقة النووية 5%.

وتمتلك باكستان إمكانات هائلة لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويُعَد استخدام 0.071% فقط من مساحة البلاد لتوليد الطاقة الشمسية كافيًا لتلبية الطلب الحالي على الكهرباء في الدولة الآسيوية، وفقًا للبنك الدولي.

اقرأ أيضًا: أسعار الوقود تضع باكستان أمام خيارات محدودة لتخطي الأزمة (تقرير)


وقعت باكستان في زاوية ضيقة من الخيارات المحدودة أمام ضبط أسعار الوقود، ورغم أنها ليست الدولة الوحيدة التي تواجه اضطرابًا عقب الغزو الروسي لأوكرانيا وتداعياته على السوق الدولية، فإن عوامل عدّة اجتمعت لتقلِّص من خياراتها لتجاوز الأمر.

ووجدت باكستان نفسها محاصرة بين تلبية شروط صندوق النقد الدولي التي حدّدها مقابل حصول إسلام آباد على دفعة قرض، وبين ارتفاع أسعار النفط العالمية لمستويات قياسية عقب غزو أوكرانيا، ما يدفع تجاه رفع فاتورة الدعم لمستويات لا تتمكن الحكومة من تحمّلها.

وتواجه الدولة الواقعة جنوب آسيا اضطرابات سياسية حول أداء الحكومة، انتهت بحجب الثقة عنها، بجانب أزمات متعلقة بقطاع الطاقة في ظل نقص إمدادات الوقود، فما هي التحديات التي تواجهها، والخيارات المتاحة أمامها؟

الأسعار العالمية وفاتورة الدعم

عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، ارتفعت أسعار النفط والوقود لمستويات قياسية بالسوق الدولية، وفي ظل الاضطرابات المتواصلة في كييف وفرض عقوبات على موسكو -امتدت غالبيتها لإمدادات الطاقة- أصبحت توقعات انخفاض الأسعار في وقت قريب ضربًا من الخيال.

وفي ظل مواجهة أسواق النفط العالمية عوامل ضغط عدّة، من ضمنها الصراعات الجيوجياسية وانخفاض استثمارات التنقيب عن النفط وغيرها، يصبح سيناريو انخفاض أسعار الوقود غير وارد.

وتعوّل باكستان على انخفاض أسعار الوقود الدولية بما يسمح لفاتورة الدعم المحلي بالانتعاش نسبيًا، لكن طموحات هذا السيناريو مازالت تصطدم بالعوامل العالمية.

ومحليًا، قد تدفع تلك الأسعار والاضطرابات الدولية في رفع فاتورة الدعم الباكستانية المحلية لأسعار الوقود نحو مستويات تصل إلى 100 مليار روبية باكستانية شهريًا، وهي تكلفة تتجاوز خطط الميزانية الباكستانية الحالية.

إذ تواصل فاتورة استيراد الوقود ارتفاعها متأثرة بأسعار السوق العالمية التي تواجه نقصًا بالمعروض، بالإضافة إلى زيادة الطلب، ومن ناحية أخرى تدعم تلك الخطوة زيادة الطلب على العملة الأجنبية والدولار الأميركي وانخفاض قيمة الروبية الباكستانية (العملة المحلية) مقابله.

ويؤدي انخفاض قيمة الروبية الباكستانية -أيضًا- إلى رفع تكلفة فاتورة استيراد الوقود، ومن ثم زيادة الدعم، وفق مقال رأي منشور بصحيفة باكستان توداي.

(الروبية الباكستانية = 0.0054 دولارًا أميركيًا)

شروط صندوق النقد

في المقابل، ومع انعكاس الأسعار بالسوق الدولية على أسعار الوقود المحلية في باكستان وفاتورة الدعم الحكومي، تواجه باكستان ضغطًا في الاتجاه الآخر يُلزمها بتلبية شروط صندوق النقد الدولي، حتى تتمكن من الحصول على القرض اللازم لدعم خطط الحكومة.


وتمسكت الحكومة -رغم ارتفاع الأسعار العالمية وضغوط تلبية شروط صندوق النقد- بالإبقاء على أسعار البنزين المحلية في نطاق 150 روبية باكستانية للّتر الواحد.

وحال تلبية شروط صندوق النقد بإجراء تعديلات على أسعار الوقود والبنزين والضرائب المتعلقة، يصل سعر لتر البنزين في باكستان إلى 220 روبية، ارتفاعًا من السعر الحالي المُقدَّر بـ 150 روبية.

وقياسًا على الوضع الحالي وارتفاع فاتورة الدعم المتأثرة بالأسعار العالمية، قد تواجه الميزانية الباكستانية عجزًا ماليًا في ظل تقديمها دعمًا يصل إلى 30 روبية للتر البنزين، وعدم تحصيل أيّ ضرائب.

وينعكس عجز المزانية المرتقب بدوره على أداء القطاع العامّ وخطط تطويره، خاصة إذا أصرّت الحكومة على مواصلة تقديم الدعم وعدم إلغائه.

هل إلغاء الدعم خيار وارد؟

قرار إلغاء دعم البنزين في باكستان هو خيار صعب، خاصة أن البلاد تشهد توترات سياسية عقب سحب البرلمان الثقة من حكومة عمران خان مساء السبت 9 أبريل/نيسان، والاستعداد لاختيار رئيس وزراء وحكومة جديدين الأسبوع الجاري.

وخشيت حكومة عمران خان من إلغاء الدعم في وقت سابق، تخوفًا من الرفض الشعبي لها والخروج للاحتجاج، خاصة أن رفع الدعم يؤثّر في الطبقات المتوسطة والفقيرة بصورة أكبر، وهي الفئة الغالبة في إسلام آباد.

ورفضت الحكومة مقترح الهيئة المنظِّمة لقطاع النفط والغاز برفع أسعار الوقود إلى 205.64 روبية للّتر خلال الشهر الجاري، بزيادة 55 روبية لكل لتر.

وباختيار القيادات الحكومية الجديدة، سوف يتضح إذا كان مسؤولوها على استعداد بدء عهدها بصدام شعبي حول قرار إلغاء الدعم، لكن ملامح المشهد الحالي ترجّح ضرورة اتخاذ باكستان لتلك الخطوة في وقت سريع لإنقاذ الاقتصاد وفاتورة الميزانية.

وكانت الحكومة قد قررت، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رفع الضريبة على البنزين بقيمة 4 روبيات للّتر، تلبيةً لشروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يُقدَّر بمليار دولار أميركي.

ورهنَ الصندوق منح الحكومة الباكستانية القرض بقدرتها على الوفاء بباقي شرط وتعهدات الاتفاق بين الطرفين.

المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى