فعلها المغرب.. خطوة غير مسبوقة نحو صناعة السيارات الكهربائية بالمغرب.. “مناجم” توقع اتفاقية لإمداد شركة “رونو” بالكوبالت
وقعت مجموعة “مناجم” المغربية مع شركة “رونو” الفرنسية المتخصصة في صناعة السيارات بالمغرب، اليوم الأربعاء، مذكرة تفاهم، تتعلق بإمداد المجموعة المغربية نظيرتها الفرنسية بكبريتات الكوبالت من أجل استخدامها في البطاريات الكهربائية، في إطار المساعي الرامية إلى التحول إلى صناعة السيارات الكهربائية بالمملكة المغربية.
وحسب بلاغ من شركة رونو، فإن هذه الاتفاقية، تنص على تحمل مجموعة “مناجم” مسؤولية توفير 5 آلاف طن من كبريتات الكوبالت لصالح شركة “رونو” لمدة 7 سنوات، ابتداء من سنة 2025، وللقيام بذلك تستعد “مناجم” لبناء مصنع يتواجد داخل مجمع كماسة الصناعي في المغرب لتحويل خام الكوبالت إلى كبريتات الكوبالت.
ووفق ذات البلاغ، فإن هذه الاتفاقية مع المجموعة المغربية، ستضمن الشركة الفرنسية إمدادات كبريتات الكوبالت بكميات مهمة، وهو ما يمثل طاقة سنوية لانتاج البطاريات تصل إلى 15 جيجاوات ساعة. وتهدف “رونو” إلى خفض بصمة الكربون لبطارياتها بنسبة 20٪ بحلول عام 2025 وبنسبة 35٪ بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2020.
وتُعتبر هذه الاتفاقية، التي حضر توقيعا وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، هي واحدة من الاتفاقيات التي تهدف إلى التأسيس لصناعة قوية في مجال انتاج السيارات الكهربائية، في ظل وجود توجه عالمي نحو هذا النوع من السيارات الذي يُعتبر صديقا للبيئة من أجل الانتهاء من التأثيرات السلبية الناتجة عن الانبعاثات الملوثة للبيئة التي تصدرها السيارات بسبب اعتمادها على البترول والغاز.
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة “مناجم” المغربية، هي واحدة من المجموعات الرائدة في مجال المعادن، وقد بلغ رقم معاملاتها إجمالا إلى أكثر من 2.79 مليار درهم خلال الربع الأول من سنة 2022، بارتفاع قوي نسبته 122 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
وأوضحت “مناجم”، في بلاغ لها، حول مؤشراتها الفصلية، أن هذا النمو يعزى إلى مساهمة الذهب بمنجم Tri-K في غينيا بنسبة 33 في المائة، والأداء التشغيلي الجيد لمجمل الأنشطة المنجمية للمجموعة، وبالأخص التحسن المهم لإنتاج الفضة بمنجم إميضر وإنتاج الذهب بالسودان.
كما يفسر كذلك بارتفاع تكافؤ ومتوسط أسعار بيع مجمل المعادن التي تنتجها المجموعة لا سيما الكوبالت والنحاس.
وأفاد البلاغ أن الاستثمارات خلال الربع الأول من سنة 2022 بلغت 385 مليون درهم مقابل 547 مليون درهم قبل سنة، من بينها 30 في المائة خصصت لأعمال البحث والاستكشاف، مضيفا أن هذا الفصل اتسم كذلك بإطلاق أشغال بناء مشروع تيزرت النحاسي.
اقرأ أيضاً: الكوبالت المغربي.. سوق واعدة لتغذية سوق السيارات الكهربائية عالميًا
ينفرد المغرب وكندا في إنتاج الكوبالت النقي الذي يدخل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، ويمكن أن يلعب الكوبالت المغربي دورًا مهمًا في التحول العالمي من السيارات التقليدية إلى السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.
ويأمل المغرب، ثاني أكبر مصدر للكوبالت النقي في العالم، وتاسع أكبر منتج من حيث كمية الكوبالت بشكل عام، في الاستفادة من قطاع التعدين المستقر والعريق والاستثمار في تطوير صناعة السيارات الكهربائية، إذ يتطلع إلى الارتقاء بسلسلة القيمة في إنتاج السيارات وتحفيز المزيد من فرص العمل.
وبلغت قيمة صادرات قطاع السيارات في المغرب أكثر من 10 مليارات دولار عام 2018، إذ تجاوزت المملكة جنوب أفريقيا بصفتها أكبر منتج للقارة لسيارات الركاب، وفقًا لما نشره موقع ميدل إيست آي.
ويمثّل التحول نقلة نوعية للمغرب الذي أعطى الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية والإصلاحات الملائمة للأعمال، من أجل تعزيز التصنيع المحلي، إذ يعمل نحو 220 ألف مغربي في هذه الصناعة، وتتطلع البلاد إلى أن تصبح مركزًا لإنتاج السيارات الكهربائية.
إنتاج الكوبالت في المغرب
على الرغم من انخفاض أسعار الكوبالت، لا يزال الاهتمام كبيرًا بهذا المعدن، الذي يدخل مع الليثيوم والغرافيت والكوبالت ومواد أخرى في تصنيع البطاريات، بالإضافة إلى التفاؤل الحذر الذي يبديه المحللون بشأن إنتاج الكوبالت في السنوات المقبلة.
وانخفض إنتاج الكوبالت المغربي من 2300 طن متري في عام 2019 إلى 1900 طن متري في عام 2020، حسبما نشر موقع إنفستينغ نيوز.
وقد حظي الكوبالت المغربي باهتمام كبير بعد أن أعلنت عملاق تصنيع السيارات بي إم دبليو الألمانية أنها ستشتري الكوبالت مباشرة من المناجم في أستراليا والمغرب، للتأكد من أن مصدر المواد الخام للبطاريات هو مصدر موثوق.
وحظي إنتاج البطاريات اهتمامًا خاصًا في المغرب، بالنظر إلى مكامن الكوبالت في البلاد، الذي يمثل المعدن النادر الضروري لإنتاج بطاريات أيونات الليثيوم أيون في السيارات الكهربائية.
ويشتهر منجم بو عازر، الذي تملكه مجموعة مناجم المغربية للتعدين، وهي شركة خاصة مدرجة في بورصة الدار البيضاء وتمتلك العائلة المالكة أيضًا حصة فيها، بإنتاج معظم كميات الكوبالت في المغرب، ويقع في محافظة ورزازات الجنوبية، وينتج المنجم كاثود الكوبالت.
ويقع المنجم -الذي اكتُشف عام 1928 عندما كان المغرب تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي- على بعد 120 كيلومترًا جنوب مدينة ورزازات.
وقال وزير الطاقة والتعدين المغربي عزيز رباح: إن الحكومة تولي اهتمامًا خاصًا لزيادة إنتاج المعادن الإستراتيجية، لا سيما تلك المستخدمة في قطاع الطاقة المتجددة.
جدير بالذكر أن كمية الكوبالت المغربي، التي تقدر بنحو 2-3% من احتياطيات العالم، تتضاءل بالمقارنة مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، المنتج الرئيس في أفريقيا، التي تنتج ما يقرب من 70% من الإمدادات العالمية.
ويُعدّ الجزء الأكبر من الكوبالت المغربي في شكله الحالي، الكاثود المقطوع، غير مناسب لبطاريات أيونات الليثيوم المستخدمة في السيارات الكهربائية، ويحتاج المعدن إلى عملية تحويل كيميائي عبر عملية التقطيع والتحويل إلى شكل كبريتات.
معاناة عمال إنتاج الكوبالت
أبلغت المجتمعات الأمازيغية المقيمة في جنوب شرق المغرب عن النفايات السامة التي تشكل خطرًا على الصحة العامة، والناتجة عن عمليات تعدين الفضة التي تنفذها شركة ميتالورجيك أميتر.
وأثارت أمراض العمال الناجمة عن التعرض للمنتجات الثانوية السامة لصناعة الأسمدة وحمض الفوسفوريك جنوب غرب الدار البيضاء انتقادات للهيئات المشرفة على العمل، خلال السنوات الـ6 الماضية، ونفت الهيئات تلك المزاعم.
ومع نمو الطلب على هذا المعدن في سوق السيارات الكهربائية، يمكن أن يصبح استخراج الكوبالت نقمة للمغاربة العاديين وليس مصدرًا للفوائد الاقتصادية، وفقًا لما نشره موقع إنسايد أرابيا.
وعلى مدى العقد الماضي، اتهم عمال منجم بو عازر -الذين يحفرون على عمق 600 متر تحت الأرض لاستخراج الكوبالت المغربي دون حماية من الانهيارات الأرضية والصدمات الكهربائية- شركة تفنوت تيرانمين، بأن ظروف العمل لديها تشبه العبودية.
ويمكن أن يؤدي التعرض المكثف للكوبالت إلى مجموعة من المشكلات الصحية الخطيرة، بما في ذلك أمراض الرئة وفشل القلب وضعف البصر والسمع وأمراض الجلد.
واتُّهِمَت شركة تفنوت تيرانمين برفض دفع تكاليف علاج مرض السحار السيليكي “الرملي”، الذي ظهر بين عمالها، وهو مرض رئوي شائع يمكن أن ينجم عن استنشاق الغبار في المناجم.
التصنيع المحلي
قال المدير التنفيذي للمبيعات والتسويق في مجموعة مناجم المغربية، محمد أمين أفصاحي، إن الشركة اتخذت خطوات لإثبات أن الكوبالت المغربي يتم تعدينه وفقًا لمعايير الاستدامة.
وأشار إلى إجراء محادثات مع شركات السيارات الكهربائية وصانعي البطاريات حول الشراكات المستقبلية، لأن الكوبالت الذي تستخرجه سيُعالَج في المغرب لإنتاج مواد للبطاريات.
وبيّن أن مجموعة مناجم تجري مناقشات متقدمة مع شركات تصنيع البطاريات والسيارات الكهربائية الأجنبية، من أجل التوسع في إعادة تدوير الكوبالت من البطاريات القديمة، التي يمكن أن تبدأ في أقل من عامين.
وقال زميل برنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط، مايكل تانشوم: إن المملكة لديها سجل حافل في جذب الاستثمار الأجنبي، مضيفًا أن هذا التطور يتناسب مع هدف الحكومة المتمثل في تعزيز الإنتاج المحلي في صناعة السيارات.
وأوضح أن التصنيع المحلي للمكونات في المغرب جعل المملكة مركزًا قويًا لصناعة السيارات في أفريقيا، كما أن إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية داخل المغرب سيحفز التوسع في قطاع تصنيع السيارات الكهربائية.
ورغم التوقعات بأن يظل الطلب على الكوبالت مرتفعًا لبعض الوقت، فإن أحد التحديات التي تواجه صناعة التعدين تتمثّل في أن منتجي البطاريات يبحثون عن بدائل لهذا المعدن المكلف.
وتحتوي بطاريات سيارات تيسلا الكهربائية الحالية على أقل من 5% من الكوبالت، وأعلنت الشركة في سبتمبر/أيلول 2020 أنها تطور بطاريات خالية من الكوبالت.
وكشفت شركة صناعة السيارات الأميركية جنرال موتورز النقاب عن نظام بطاريات جديد في العام الماضي يستخدم كوبالت أقل بنسبة 70% من تلك الموجودة في طرازات سياراتها الحالية.
صفقة بي إم دبليو
وقعت عملاق السيارات الألمانية بي إم دبليو عقدًا لتوريد الكوبالت المغربي مع شركة التعدين المغربية “مناجم غروب” لاستخدامه في خلايا البطاريات بقيمة نحو 100 مليون يورو (115.51 مليون دولار)، حسبما نشره موقع إلكترايف.
ووفقًا لشركة بي إم دبليو، فإن هذا العقد، الذي يمتد لـ5 سنوات، يغطي نحو 5 متطلبات الكوبالت لديها، ووقعت الشركتان مذكرة تفاهم بشأن الشراء المباشر للكوبالت من المغرب في مراكش في يناير/كانون الثاني 2019.
وستستخدم بي إم دبليو الكوبالت لتزويد خلايا البطارية للسيارات الكهربائية باستخدام محركات الجيل الخامس الكهربائية للشركة، وأعلنت الشركة في أكتوبر/تشرين الأول 2019 أنها بصدد تغيير إستراتيجيتها لشراء المواد الخام لمواد البطاريات.
وستشتري الشركة الكوبالت والليثيوم، على سبيل المثال، من مشغلي المناجم أنفسهم ثم توفرها لمصنعي الخلايا (حاليًا شركة كاتل “CATL” وسامسونغ إس دي آي) لتصنيع خلايا بطارية لسيارات بي إم دبليو.
ويقول عضو مجلس إدارة شركة بي إم دبليبو لشبكة المشتريات والموردين، أندرياس وندت، إنه سيكون لدى الشركة 25 طرازًا كهربائيًا بحلول عام 2023.
ونشرت بي إم دبليو قائمة لموردي ودول منشأ الكوبالت، وذكرت فنلندا ومدغشقر وروسيا بالإضافة إلى أستراليا والكونغو، على الرغم من أن القائمة مؤرخة في يونيو/حزيران 2019، حسبما أورده موقع إلكترايف.
المصدر: الطاقة – الصحيفة – مواقع إلكترونية