تقارير

البداية كانت من فنلندا.. كيف نفذت روسيا تهديدها بخصوص قطع الغاز عمن لا يدفع بالروبل؟.. هل كشرت موسكو عن أنيابها؟

قامت روسيا، اليوم السبت الموافق لـ 21 أيار، بإيقاف صادرات الغاز الطبيعي إلى فنلندا، وفقًا لبيان صادر عن شركة الطاقة الفنلندية المملوكة للدولة “غازوم” Gasum.

في التفاصيل، فقد قال “ميكا ويلجانين”، الرئيس التنفيذي لشركة غازوم: “من المؤسف للغاية أن إمدادات الغاز الطبيعي بموجب عقد التوريد الخاص بنا ستتوقف الآن”، مضيفًا أن الشركة كانت “تستعد” لمثل هذا الموقف وأنه لن يكون هناك “انقطاع” في شبكة النقل أو إمدادات الغاز في الأشهر المقبلة.

ووفقًا للبيان، ستعوض شركة غازوم الفنلندية إمدادات الغاز من مصادر أخرى عبر خط أنابيب البلطيق لخدمة محطات التعبئة الخاصة بها.

وأكدت وسائل الإعلام الحكومية الروسية الخبر بخصوص وقف التصدير، مشيرة إلى “عدم السداد” كسبب لقرار الشركة الروسية قطع إمداداتها لفنلندا، ومؤكدةً استمرارها بمطالبة الدول الأوروبية بدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، بعد إعلان الرئيس بوتين في مارس/ آذار الماضي، الذي دعا الدول الأجنبية “غير الصديقة” إلى تغيير العملة أو المخاطرة بقطع إمداداتها.

وكانت “غازوم” قد رفضت بشكل قاطع، في بيان أدلت به الثلاثاء الماضي، خطة الدفع بالروبل المقترحة من قبل الروس.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، طلبت شركة “غازبروم إكسبورت” الروسية تسديد المدفوعات المستقبلية في عقد التوريد بالروبل بدلاً من اليورو، لكن شركة “غازوم” رفضت الطلب وأعلنت أنها ستحيل القضية إلى القضاء.

ولدى سؤاله عن الأمر، طلب المتحدث باسم الكرملين، “دميتري بيسكوف”، يوم أمسٍ الجمعة، من الصحافيين التحدث إلى مجموعة غازبروم للحصول على “تفاصيل”، لكنه قال “من الواضح أن أحدًا لن يسلّم أي شيء مجانًا”.

الجدير بالذكر أن الغاز الطبيعي يمثّل حوالي 8% من الطاقة المستهلكة في فنلندا، ويُستورد معظمه من روسيا.

وفي إطار الجهود المبذولة للتخفيف من مخاطر الاعتماد على صادرات الطاقة الروسية، أعلنت الحكومة الفنلندية في وقت سابق أنها وقعت اتفاقية استئجار سفينة للغاز الطبيعي المسال لمدة عشر سنوات مع شركة Excelerate Energy الأميركية.

وقالت وزيرة المالية الفنلندية “أنيكا ساريكو”، للصحافيين: “سفينة الغاز الطبيعي المسال ستتيح لنا التحرر من الغاز الروسي”.

الروبل يعزز مكاسبه… أفضل عملة لهذا العام:

في الأثناء، ارتفعت قيمة العملة الروسية إلى أعلى مستوى لها منذ 7 سنوات مقابل اليورو خلال تعاملات أمس الجمعة، في ظل امتثال المزيد من الشركات الأجنبية لمطلب الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بالتحول إلى الدفع بالروبل مقابل الغاز الطبيعي.

وقفز الروبل بما يصل إلى 9% مقابل اليورو، مسجلا أقوى مستوى له منذ يونيو/حزيران 2015، كما ارتفع بنسبة 6.6% مقابل الدولار 59.18 روبلا في تعاملات موسكو، قبل أن يقلص بعضا من مكاسبه لاحقًا، ويتم الإغلاق عند 60 دولار للروبل الواحد.

وأصبح الروبل بذلك هو العملة الأفضل أداءً في العالم خلال العام الحالي.

وقد أدت ضوابط رأس المال وانهيار الواردات مقابل ارتفاع أسعار الطاقة إلى جعل الروبل أقوى بنحو 20% مما كان عليه قبل العملية العسكرية في أوكرانيا قبل نحو 3 أشهر.

وخفف البنك المركزي الروسي تدريجيا القيود المفروضة على أسواق المال، لكن الروبل واصل ارتفاعه ولم يتأثر، وهو ما يمكن أن يصبح مشكلة بالنسبة لميزانية روسيا، حيث يأتي الجزء الأكبر من إيرادات البلاد في صورة عملات أجنبية.

اقرأ أيضاً: الجوع كسلاح… روسيا تطالب برفع العقوبات عنها قبل أن يصل الأمر إلى مجاعة عالمية


تستمر الأزمات الغذائية في التفاقم أكثر وأكثر حول العالم، لدرجة أن البعض بات يصف الحرب الحاصلة حاليًا بـ “حرب الغذاء” التي يتم القتال بها باستخدام “سلاح الجوع”، بدلًا عن كونها مجرد حرب عسكرية بين روسيا وأوكرانيا.

ولما كانت الحرب محتدمة في الساحة الاقتصادية بشكل أشد مما هي عليه على أرض المعركة، فإن العناد الروسي يتسبب في خلق المزيد من العقوبات على موسكو التي تؤدي بدورها إلى تعطيل إمدادات الأسمدة والقمح وسلع غذائية أخرى من كلا البلدين بسبب الصراع، بينما يتهم الغرب الكرملين باستخدام المجاعة كسلاح خلال الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي تصريحٍ اعتبره البعض تهديدًا غير مباشر، قال نائب وزير الخارجية الروسي “أندريه رودينكو”، يوم أمس الأربعاء، إن العقوبات الدولية المفروضة على موسكو يجب أن يتم رفعها “لتجنب أزمة غذاء عالمية”.

كيف يمكن أن تؤثر الحرب على غذاء العالم؟

نتذكر كيف أُغلقت موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود منذ 24 فبراير/ شباط، بينما يوجد أكثر من 20 مليون طن من “الحبوب العالقة” في صوامع، بحسب رويترز.

وقد أتى ذلك بينما كانت دول العالم تعاني أساسًا من أزمة واختناق في سلاسل التوريد؛ وإذا أضفنا إلى هذه المعادلة معلومة أن روسيا وأوكرانيا تعتبران سلة غذاء للعالم بالنسبة للعديد من الحبوب والمنتجات الغذائية، وتعتبران أيضًا حلقة لا غنى عنها من سلسلة التوريد العالمية، فإن صورة الأزمة ستكتمل.

حيث تمثل روسيا وأوكرانيا وحدهما نحو 60% من إمدادات القمح العالمية، ويساهم نقص صادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا في تفاقم أزمة الغذاء العالمية. وتعتبر أوكرانيا من المصدرين الرئيسيين للذرة وزيت عباد الشمس، بينما تنتج روسيا وأوكرانيا وحدهما 30% من إمدادات القمح العالمية.

ومتابعةً لما سبق، أشار الوزير الروسي “رودينكو” إلى أن حل مشكلة نقص الغذاء يتطلب نهجًا شاملًا، إلى جانب رفع العقوبات المفروضة على الصادرات الروسية والمعاملات المالية، بحسب تصريحات نقلتها وكالة أنباء انترفاكس.

وأضاف: “نطالب أوكرانيا بإزالة الألغام من جميع الموانئ التي ترسو فيها السفن، وروسيا مستعدة لتوفير الممر الإنساني الضروري”.

شعوب العالم الفقيرة إلى مزيد من الجوع بسبب خلافات الكبار:

تدفع الشعوب الفقيرة في العالم فاتورة الحروب والصراعات التي تدور بين الدول الكبرى، وبينما تستطيع الشعوب المرفهة النجاة بالتقشف قليلًا، فإن الناس في مناطق أخرى يقبعون تحت خطر المجاعة والفقر الأسود.

وقد دعا رئيس منظمة الفاو “كو دونجيو”، إلى زيادة التمويل للزراعة لضمان توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه في حالات الأزمات، مشيرًا إلى أن نقص الغذاء “يظل المحرك الأكبر لزيادة المجاعات عالميًا”.

وأشار إلى أن 8% من إجمالي التمويل لقطاع الأمن الغذائي الإنساني يذهب إلى الزراعة، وتخاطر الحرب في أوكرانيا بزيادة عدد الأشخاص المهددين بانعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.

وقبل الحرب، كان قد ارتفع بالفعل عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى نحو 193 مليون شخص في عام 2021 وبزيادة تقدر بنحو 40 مليون شخص مقارنة بعام 2020، ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم في 2022 وفقًا للتقرير العالمي حول الأزمات الغذائية.

وتعرّض الزيادة في أسعار الطاقة والأسمدة المحصول العالمي المقبل للخطر، وقد يؤدي الصراع الروسي الأوكراني إلى زيادة نقص التغذية المزمن لنحو 18.8 مليون شخص إضافي بحلول عام 2023 وفقًا لأحدث سيناريوهات الفاو.

المصدر: الليرة اليوم – مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى