التنقيب عن النفط.. من مراحل البحث والاستكشاف وصولاً إلى الإنتاج
يتساءل كثيرون -عند وقوفهم أمام محطة وقود أو شراء أي منتجات- عن كيفية التنقيب عن النفط، وهي المرحلة الأولى التي مهّدت لوصول المنتجات النفطية والمحروقات لاحقًا إلى أيدي المستخدمين.
إلا أن ما لا يعرفه الكثيرون أن استخراج النفط من باطن الأرض يمر بالعديد من المراحل، تختلف عن مراحل أخرى يمر بها النفط نفسه بعد استخراجه، لإنتاجه وتكريره ليكون صالحًا للاستخدام.
وفي هذا التقرير، تقدّم منصة الطاقة المتخصصة عرضًا لكيفية التنقيب عن النفط، بداية من البحث عنه في الأماكن التي من المتوقع أن يوجد فيها، ومرورًا بعمليات حفر الآبار، وصولًا إلى الاستخراج من الآبار لتبدأ مراحل جديدة تجهزه للاستغلال التجاري.
استكشاف مناطق وجود النفط
التساؤل حول كيفية التنقيب عن النفط، تبدأ الإجابة عنه عند علماء الجيولوجيا والجيوفيزياء، وهم خبراء في علم طبقات الأرض، الذين يستخدمون معرفتهم بتكوينات الصخور للبحث عن المناطق المناسبة لوجود الحقول النفطية فيها.
وفي الماضي، كان الجيولوجيون يحصلون على عينات عن طريق الحفر الضحل، تساعدهم في التنبؤ بموقع رواسب النفط، ومع التطور الحالي الذي شهد دخول التكنولوجيا والتصوير بالأقمار الصناعية وعلم الزلازل، يسعى العلماء إلى قياس التغيرات في جاذبية الأرض ومغناطيسيتها، التي تدلهم على وجود النفط تحت الأرض.
وأحيانًا، يطبّق الجيولوجيون علم الزلازل، من خلال إنشاء موجات صدمة تمر عبر طبقات الصخور ثم تنعكس مجددًا إلى سطح الأرض، لتقيسها المعدات الزلزالية، وتتأثر سرعة تحرك هذه الموجات بكثافة الطبقات الصخرية التي تمر من خلالها، إذ تعكس ترسبات النفط الموجات الصوتية بشكل يختلف عن انعكاسها في الصخور الصلبة.
وللتأكد من كيفية التنقيب عن النفط بطريقة صحيحة، يجمع العلماء معلومات مهمة، تتضمّن التعرف على نسب الماء والنفط والغاز الطبيعي الموجودة بالمنطقة المستكشفة، من خلال تحليل العينات من باطن الأرض والبحث عن المركبات الهيدروكربونية، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
بالإضافة إلى ذلك، يحدد العلماء كميات النفط والغاز الموجودة في المنطقة، بعد تحديد العمق الذي توجد فيها، للتأكد من وجود مركبات هيدروكربونية بها.
كيفية التنقيب عن النفط
في مقاله بموقع “كريد” المتخصص في النفط، يشرح الخبير النفطي والأستاذ في قسم هندسة النفط بكلية كولورادو للمناجم، سي مارك بيرسون، كيفية التنقيب عن النفط في 6 خطوات رئيسة، تبدأ من الحفر وصولًا إلى إطلاق المنتج من الآبار، وهي:
1- تجهيز موقع منصة الحفر:
يتم ذلك من خلال بناء البنية التحتية فوق الأرض من منصات وتمهيد طرق الوصول إلى الموقع، بالإضافة إلى التأكد من إجراءات الأمن والسلامة وفق القوانين المحلية والدولية المعمول بها في هذا الشأن.
2- أجهزة الحفر وبدء التنقيب:
يجب إحضار جهاز الحفر وتجميعه في موقع العمل، ثم بدء عملية الحفر العميق، بداية من الثقب السطحي لأسفل حتى عمق 100 قدم تحت أعمق طبقة مياه جوفية معروفة، ثم تثبيت الغلاف الفولاذي في مكانه لتجنب تلويث طبقات المياه الجوفية.
وبعد هذه الخطوة يبدأ الحفر لمسافة أعمق قد تصل إلى 1000 قدم حيث المنطقة التي تضم النفط والغاز، وتوجه الحفرة إلى قلب هذه المنطقة أفقيًا، ربما لمسافة ميل أو ميلين آخرين.
وهنا نؤكد أن الحفر الأفقي، على عكس العمودي، يقلل من تأثير اضطراب الأرض وحجمها، إذ يسمح للحفارين باستخدام وسادة حفر واحدة لعدة آبار، بدلًا من استخدام عدة منصات.
3- التثبيت والاختبار:
بمجرد الوصول للمسافة المستهدفة، وبعد تجاوز مرحلة دراسة كيفية التنقيب عن النفط في المكان، يُزال أنبوب الحفر، ويُدفع الأنبوب الفولاذي إلى أسفل، لتثبيت “غلاف البئر” في مكانه، وتجري اختبارات صارمة للتأكد من أن الأنابيب غير مسربة قبل حدوث أي إنتاج للغاز الطبيعي أو النفط.
4- إكمال البئر:
قبل أن تبدأ الاستفادة من النفط والغاز في البئر، ينزل عادة مسدس التثقيب في الأرض ويُطلق في طبقة الصخور في أعمق جزء من البئر، ما يؤدي إلى إحدات ثقوب تربط الصخور التي تحمل النفط والغاز الطبيعي، مع رأس البئر.
5- التكسير:
حان الوقت الآن لإطلاق سراح النفط والغاز، وذلك باستخدام أدوات متخصصة لمراقبة الضغط والبيانات من البئر في الوقت الفعلي، إذ يُضَخ سائل التكسير، الذي يتكوّن من 99.5% ماء ورمالًا، و0.5% مواد كيميائية، وذلك بضغط عالٍ من خلال الثقوب، لخلق شقوق رقيقة في الصخر النفطي، ما يؤدي إلى تحرير النفط والغاز.
6- الإنتاج وإعادة تدوير سائل التكسير:
بمجرد اكتمال التكسير يبدأ الإنتاج، إذ يتدفق النفط والغاز من تجويف البئر، قبل استرداد سائل التكسير وإعادة تدويره واستخدامه في عمليات التكسير الأخرى.
ما معنى النفط؟
تستلزم معرفة كيفية التنقيب عن النفط، التعريف بالنفط نفسه، باعتباره أساسًا لكثير من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية بل والسياسية أيضًا على مستوى العالم.
وفق منصة الطاقة المتخصصة، فإن النفط يأتي بألوان وكثافات مختلفة، وهو نفاذ الرائحة، ويختلف طعمه حسب نوعيته، فبعضه حامض والبعض الآخر حلو، ويكون رائقًا صافيًا أحيانًا، أو مليئًا بالشوائب في أحيان أخرى.
وينقسم النفط إلى خام وصخري، والأول هو النفط في حالته الطبيعية بعد استخراجه وقبل تكريره، ووفق نظريات شائعة، هو مادة عضوية أساسها نباتات بكتيرية غمرتها المياه والتربة ومرت بضغط وحرارة عاليين لملايين السنين. في حين النفط الضخري هو الموجود في صخور مسامية وتجويفات في باطن الأرض.
اقرأ أيضًا: التكلفة الاجتماعية للكربون تعطّل تصاريح التنقيب عن النفط والغاز في أميركا
تواجه خطط الرئيس الأميركي جو بايدن المتعلقة بتقدير التكلفة الاجتماعية للكربون، حربًا شرسة قد تقودها إلى الفشل، وذلك بعدما صدر حكم قضائي بمنع استخدام هذه الخطة، التي تهدف إلى محاربة التغيرات المناخية.
وبحسب وكالة بلومبرغ الأميركية، فقد أعلنت وزارة الداخلية أن تصاريح التنقيب عن النفط والغاز بالأراضي العامة في الولايات المتحدة ستتأخر، بعدما حكم قاضٍ فيدرالي في ولاية لويزيانا ضد خطة تقدير التكلفة الاجتماعية للكربون، التي وضعها الرئيس بايدن العام الماضي.
وكان بايدن قد أصدر أمرًا تنفيذيًا في 2021، يوجّه الوكالات الفيدرالية إلى تقييم التصاريح البيئية والقرارات التنظيمية، لوضع مقياس التكلفة الاجتماعية للكربون، وهو تقدير مجتمعي لتكلفة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المرتبط بهذه العمليات.
تكلفة اجتماعية أعلى
يُمكن لإدارة الرئيس جو بايدن الاعتماد على تكلفة اجتماعية أعلى للكربون، لتبرير تحرّكاتها ضد الوقود الأحفوري ودعم مواجهة التغيرات المناخية، حسب بلومبرغ.
ولكن نظرًا لأن حكم المحكمة يمنع الحكومة الفيدرالية من اعتماد مقياس التكلفة الاجتماعية للكربون أساسًا، أو حتى الاعتماد عليه، فإن الحكم سيسبّب إزعاجًا على المدى القصير، بشأن تصاريح الحفر الفيدرالية، وكذلك اللوائح الجديدة.
وتوقعت الإدارة الأميركية أن يؤدي الأمر القضائي إلى تأخير تصاريح وأعمال برامج النفط والغاز الفيدرالية.
إصلاحات برامج النفط والغاز
قالت وزارة الداخلية الأميركية في بيان: “تواصل الوزارة أعمالها الإصلاحية، بهدف معالجة أوجه القصور الكبيرة في برامج النفط والغاز البرية والبحرية في البلاد.. وعلى وجه التحديد، تلتزم الوزارة بضمان مراعاة برامجها للتأثيرات المناخية، وتوفير عائد عادل لدافعي الضرائب، وتثبيط المضاربة وتحميل المشغّلين مسؤولية المعالجة، وإشراك المجتمعات والحكومات بشكل كامل في صنع القرار.”
وسيكون لقرار المحكمة تأثير واسع من خلال الحكومة الفيدرالية، إذ تتحرك إدارة بايدن لمواجهة تغير المناخ وتعزيز القواعد البيئية.
وكانت وزارة العدل قد أعلنت أمام المحكمة الفيدرالية، أن التكلفة الاجتماعية لقرار الكربون ستؤثّر في 21 قاعدة يجري تطويرها في وزارة الطاقة، و5 قواعد في وكالة حماية البيئة، و9 في وزارة النقل، و3 في وزارة الداخلية.
وأوضحت أن ذلك يشمل منح 2.3 مليار دولار من إدارة النقل الفيدرالية لقاعدة وزارة الداخلية لمكافحة انبعاثات الميثان، وإهدار الغاز الطبيعي من الآبار على الأراضي الفيدرالية.
بالإضافة إلى ذلك، تأثّر ما لا يقلّ عن 27 مراجعة بيئية في وزارة الداخلية، حسبما قالت وزارة العدل للمحكمة.
بينما قالت الإدارة الأميركية: إن “الأمر القضائي أوقف العمل” في طلبات الحصول على تصاريح للحفر في 18 بئرًا على الأقلّ، ضمن عقود إيجار النفط والغاز الفيدرالية في نيو مكسيكو.
تفاصيل خطة بايدن
من خلال التكلفة الاجتماعية للكربون، باعتبارها مقياسًا مناخيًا، يتم تقدير حجم الانبعاثات بالقيمة السعرية الدولارية، لاسيما أن المقياس يسهم في وضع ضوابط مستقبلية للصناعات، مثل التنقيب عن النفط والغاز وصناعة السيارات وصناعات أخرى.
وتواجه خطة التكلفة الاجتماعية للكربون، حربًا قوية من أصحاب المصالح الداعمين لصناعات الوقود الأحفوري، بعدما رفع بايدن التكلفة من متوسط 7 دولارات للطن في عهد ترامب إلى 51 دولارًا.
المصدر: الطاقة – مواقع إلكترونية