تقارير

خطرًا جديدًا لم يكن في الحسبان يهدد صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في العالم.. وهذه التفاصيل

يواجه إنتاج الليثيوم في أوروبا مخاطر محتملة، مع إمكان تصنيف المعدن على أنه مادة سامة من قبل المفوضية الأوروبية، ما يفاقم العقبات الموجودة أمام تعدينه وعلى رأسها التصاريح.

وترى شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي، في تقرير صادر اليوم الخميس، أن تصنيف الليثيوم على أنه مادة سامة سيقوّض أمن الطاقة والأهداف المناخية للاتحاد الأوروبي.

ويمكن أن يؤدي إجراء محتمل للمفوضية الأوروبية لتصنيف الليثيوم مادةً سامة من الفئة الأولى 1 إيه (1A) في الربع الرابع من هذا العام إلى تقويض محاولة الاتحاد الأوروبي لإنشاء سلسلة توريد مواد البطاريات محليًا ودعمها، بحسب التقرير الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

يأتي ذلك في وقت يركز فيه الاتحاد الأوروبي على أمن الطاقة في ظل تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، بالإضافة إلى تحقيق أهداف خفض الانبعاثات.

تصنيف الليثيوم في أوروبا

نشرت لجنة تقييم المخاطر التابعة للوكالة الأوروبية للمواد الكيميائية (ECHA) رؤيتها نهاية العام الماضي (2021)، التي تتضمن الموافقة على المقترحات الفرنسية لتصنيف أملاح الليثيوم في أوروبا الـ3 (كربونات وهيدروكسيد وكلوريد الليثيوم) على أنها مواد سامة ذات أضرار.

وتلقت المفوضية الأوروبية الاقتراحات الأولية في مارس/آذار الماضي، لتكون قيد المراجعة والتشاور حاليًا على أن تصدر مسودتها الأولى للقانون في الربع الأخير من 2022، مع إمكان الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الاعتراض على هذه المقترحات حتى الصيف.

ورغم أن هذا التصنيف لن يوقف استخدام الليثيوم في أوروبا، فمن المحتمل أن يؤثر في 4 مراحل على الأقل في سلسلة التوريد لبطاريات الليثيوم في الاتحاد الأوروبي: تعدين الليثيوم، والمعالجة، وإنتاج الكاثود، وإعادة التدوير.

إنتاج الليثيوم في أوروبا

يعتمد الاتحاد الأوروبي -حاليًا- على واردات الليثيوم لتزويد قطاع إنتاج السيارات الكهربائية، وفق التقرير.

وبحسب ريستاد إنرجي، تخطط أوروبا لتوسيع إنتاج كربونات الليثيوم لفئة البطاريات من صفر حاليًا إلى 8.3% من إجمالي الإمدادات العالمية بحلول 2025، كما تطمح القارة في تعزيز إنتاج هيدروكسيد الليثيوم، لدعم بطاريات المركبات الكهربائية.

ووفقًا للتقرير، الذي تابعته وحدة أبحاث الطاقة، ستظل قدرة أوروبا أقل بكثير من سد فجوة العجز المقدرة بنسبة 218% في معالجة هيدروكسيد الليثيوم بحلول نهاية عام 2030، حتى دون التصنيف المحتمل لهذا المعدن من قِبَل المفوضية الأوروبية.

التداعيات على السيارات الكهربائية

يُعدّ الليثيوم في أوروبا أمرًا بالغ الأهمية لسلسلة توريد المواد الخام للبطاريات؛ كونه المكوّن الرئيس لبطاريات السيارات الكهربائية.

ويواجه تعدين الليثيوم في أوروبا عوائق رئيسة في الأساس، بسبب قيود التصاريح، ومن شأن تصنيف هذا العنصر على أنه مادة سامة أن يفاقم العقبات أمام الاتحاد الأوروبي في دعم صناعة البطاريات.

ويأتي الخطر الإضافي من مخاوف فقدان المشروعات المحتملة لبناء مناجم الليثيوم وعمليات المعالجة، لأن مثل هذا القرار المحتمل قد يقوّض الاستثمارات الجديدة، بحسب التقرير.

وتقول دراسة أعدّها المجلس الدولي للنقل النظيف، إن أوروبا أنتجت 25% أو 2.6 مليون مركبة من السيارات الكهربائية العالمية بين عامي 2010 و2020، وفق ما نقلته شبكة سي إن بي سي الأميركية.

وتشهد مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا قفزة كبيرة؛ إذ ارتفعت بنحو 65% على أساس سنوي خلال العام الماضي، لتصل إلى 2.3 مليون مركبة، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

اقرأ أيضًا: بطاريات الليثيوم مقابل الهيدروجين.. ما الأفضل لصناعة السيارات؟


منافسة شديدة تنتظر بطاريات الليثيوم أيون وخلايا وقود الهيدروجين مستقبلًا، في ظل الاتجاه العالمي نحو التخلص من سيارات الاحتراق الداخلي، لجذب انتباه صناع المركبات النظيفة، مع تزايد الضغوط عليهم من أجل خفض الانبعاثات.

وبينما تمكّنت السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات (BEVs) من اكتساب زخم كبير في معظم أنحاء العالم؛ فإن خلايا وقود الهيدروجين (FCEVs)، لا تزال عند خط البداية.

ووسط هذا التنافس، يرى رئيس قسم الأبحاث في شركة تويوتا، جيل برات، أنه لا داعي للبحث عن الحل الأفضل لاستخدامه في المركبات الكهربائية، مع وجود مزايا تتفوق فيها بطاريات الليثيوم عن الهيدروجين، والعكس، بحسب ما نقله موقع أوتو تشانال.

وباختصار، إذا كانت الظروف الجغرافية والاقتصادية تفضل الليثيوم لسيارات الركاب خفيفة الوزن؛ فإن البوصلة تتجه إلى الهيدروجين في المركبات الكبيرة.

الليثيوم مقابل الهيدروجين

يتمتع الليثيوم -هو العنصر الأكثر ندرة على الأرض بنحو 500 مرة من الهيدروجين- بكفاءة عالية في استخدام الطاقة، عند استخدامه في بطاريات الليثيوم أيون، كما أنه يستخدم البنية التحتية الحالية للشحن، ولكن لديه طاقة منخفضة لكل كتلة ومعدل شحن محدود؛ ما يجعله غير عملي للمركبات الكبيرة.

أما الهيدروجين، المستخدم في خلايا الوقود والمحركات؛ فلديه طاقة عالية لكل كتلة ومعدل شحن مرتفع؛ ما يجعله مهمًا بصفة خاصة في المركبات الكبيرة، ولكنه أقل كفاءة في استخدام الطاقة ويحتاج إلى بنية تحتية جديدة للشحن.

ومثلما يجري شحن بطارية الليثيوم أيون، يمكن إنتاج الهيدروجين من الماء من خلال عملية التحليل الكهربائي، يُسمى الهيدروجين الأخضر.

وتوجد طرق أخرى؛ أبرزها -وهي الطريقة الأكثر شيوعًا لإنتاج الهيدروجين- عن طريق إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار، وهو ما يُسمى الهيدروجين الرمادي، لكنه يُطلق قدرًا من ثاني أكسيد الكربون يعادل حرق الغاز الطبيعي.

بينما يمكن إنتاج الهيدروجين الأزرق من الوقود الأحفوري، لكن باستخدام تقنية التقاط الكربون وتخزينه، وهو ما يقلل الانبعاثات.

وبحسب تقرير لموقع فوربس؛ فإن بطاريات الليثيوم قد تتفوق على خلايا الوقود على المدى القريب، وسط الطفرة التي تشهدها السيارات الكهربائية للتخلص من المركبات التي تعمل بالبنزين.

وفي الوقت الحالي تمثل السيارات الكهربائية نحو 80% من استهلاك بطاريات الليثيوم أيون، والمتوقع أن ترتفع سعتها حول العالم أكثر من 5 مرات بحلول 2030، ليصل إجمالي القدرة التراكمية إلى 5500 غيغاواط/ساعة، بحسب شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي.

وتشير بيانات مؤسسة آي إتش إس ماركت إلى أنه بحلول عام 2032، سيصل إنتاج السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات إلى ما يقرب من 18 مليونًا سنويًا، مقارنة بأقل من 500 ألف مركبة تعمل بخلايا الوقود.

ورغم ذلك؛ فإن الميزة البيئية الكامنة في خلايا الوقود قد تمنحها الانتصار على المدى الطويل، بحسب فوربس.

ويأتي ذلك، في ظل أن عمليات تعدين المعادن المهمة مثل الكوبالت والليثيوم والنيكل والنحاس -من أجل تصنيع البطاريات- تُصاحبها مخاوف بشأن سلامة العمال والبيئة.

الطاقة لكل كتلة

يخزن الهيدروجين -العنصر الأكثر وفرة في الكون- كميات كبيرة جدًا من الطاقة الكيميائية لكل كتلة، وتحديدًا أكثر من 100 مرة من الطاقة الكهربائية في الأجزاء النشطة من خلايا بطارية الليثيوم أيون.

وتبلغ كثافة الطاقة للهيدروجين 35 ألف واط لكل كيلوغرام، في حين تصل في بطاريات الليثيوم إلى 200 واط لكل كيلوغرام فقط، بحسب تقرير لموقع موتور بسكويت (motorbiscuit).

وهذا هو السبب في أن بطاريات الليثيوم أيون ليست عملية للاستخدام في الطائرات بعيدة المدى.

وببساطة، فإن بطاريات الليثيوم أيون لا تملك كثافة الطاقة نفسها مثل الخزان المليء بالهيدروجين.

وبعيدًا عن الكتلة المنخفضة للهيدروجين، تستهلك الكتلة الأكبر بكثير من بطاريات الليثيوم أيون التي تحتاج إليها سيارة ركاب طويلة المدى المزيد من الموارد الطبيعية، وتنبعث منها المزيد من الكربون أثناء التصنيع.

مدة الشحن

يمكن إعادة شحن خزان الهيدروجين من 10 إلى 100 مرة أسرع من بطاريات الليثيوم أيون دون تدهور العمر الذي تعانيه بطاريات الليثيوم سريعة الشحن، وفقًا للتقرير.

وهذا ما يؤكد مزايا استخدام الهيدروجين في المركبات الكبيرة مثل الشاحنات والقطارات والطائرات والسفن.

ونظرًا لأن محتوى الطاقة في الوقود الكيميائي مرتفع للغاية؛ فإن معدل نقل الطاقة عند ملء خزانات وقود السيارة بالبنزين أو الهيدروجين يتراوح من 1 إلى 10 ميغاواط.

وبالمقارنة، يمثل هذا 10 إلى 100 مرة من قوة المستوى الثالث للشاحن الفائق في المركبات الكهربائية العاملة ببطارية الليثيوم (DC Supercharger)، وهذا هو السبب في أن ملء خزان وقود السيارة (البنزين أو الهيدروجين) يستغرق وقتًا أقل بكثير من وقت إعادة الشحن الكامل للبطاريات الفارغة في السيارات الكهربائية، بحسب التقرير.

في حين أن الشحن السريع لسيارة -مثل تيسلا موديل إس- يمكن أن يمنحك 80% من الكهرباء في غضون نصف ساعة؛ فإن شاحن التيار المتردد العادي يستغرق ما يصل إلى 5 ساعات لشحن البطارية بالكامل.

ومن ناحية أخرى، توفر بطارية الليثيوم أيون في نهاية دورة حياتها نطاقًا أقل بكثير، وعلى الرغم من أنها قابلة للاستبدال؛ فإنها دائمًا ما تكون باهظة الثمن، أغلى بكثير من استبدال خلية وقود، بحسب تقرير لموقع ماني كونترول.

كفاءة الطاقة

تُعَد كفاءة الطاقة العالية إحدى نقاط قوة بطاريات الليثيوم أيون؛ إذ إن إنتاج الهيدروجين من الكهرباء، وضغطه وتخزينه، وتحويله مرة أخرى إلى كهرباء، يفقده نحو ضعف كمية الطاقة المفقودة في شحن وتفريغ بطاريات الليثيوم أيون مباشرة.

وتصل كفاءة الطاقة في بطاريات الليثيوم أيون إلى 80%، في حين قد تصل إلى 30% فقط للهيدروجين، بحسب تقرير لموقع موتور بسكويت.

ولذلك، تميل بطاريات الليثيوم إلى أن تكون خيارًا أفضل من الهيدروجين في بعض الأنظمة، التي تتطلب تقليل فقد الطاقة إلى الحد الأدنى.

وفي أنظمة أخرى، مثل الطاقة المتجددة، قد تكون كفاءة الطاقة المنخفضة للهيدروجين عاملًا أقل أهمية، بالنظر إلى انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة التي يُنتج منها.

وعلى سبيل المثال، قد تكون تكلفة الأرض الموجودة عليها الخلايا الشمسية منخفضة، ونظرًا لأنها أقل كفاءة في استخدام الطاقة، يتطلب ذلك استخدام الكثير من الطاقة الشمسية، لكن كونها أقل تكلفة؛ فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى انخفاض صافي التكلفة لكل كيلوواط/ساعة من الطاقة المنتجة، وفقًا للتقرير.

تكاليف التخزين

عند الحديث عن تكاليف التخزين، تصبح أنظمة خلايا الوقود أقل تكلفة من البطاريات؛ لأن تخزين الكهرباء المتزايد لا يتطلب سوى خزان وقود أكبر، وليس خلية أكبر، أما البطاريات؛ فإن الطريقة الوحيدة للتوسع هي إضافة المزيد من الخلايا.

وعلى النطاقات الكبيرة؛ فإن تكلفة تخزين الكهرباء على هيئة هيدروجين تمثل عُشر تكلفة التخزين للكمية نفسها في بطاريات الليثيوم.

وفي إطار السعي لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري؛ فإن الطاقة المتجددة ستُشكل جزءًا أكبر من إمدادات الطاقة حول العالم، ومن ثم سيصبح تخزين الكهرباء أكثر أهمية؛ نظرًا للطبيعة المتقطعة لهذه المصادر مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وتتوقع شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، ارتفاع الطلب العالمي على البطاريات إلى 9 تيراواط/ساعة بحلول نهاية العقد الحالي، بزيادة 15 مرة عن مستوى عام 2021.

ومن هذا الإجمالي، من المتوقع ارتفاع الطلب العالمي على البطاريات من تخزين الكهرباء لأكثر من 2.5 تيراواط/ساعة في 2030؛ ما يمثل نحو 29% من إجمالي السوق.

في الوقت الحالي، يُعَد نقل الهيدروجين لمسافات طويلة عبر خطوط الأنابيب أمرًا مُكلفًا، بسبب تقصف الهيدروجين وتسربه، على الرغم من أن بعض الشركات تعمل على طرق شحن مبتكرة، وفقًا للتقرير.

كما أن بناء محطة وقود هيدروجينية يُعَد أصعب ويحتاج إلى وقت أكبر، مقارنة ببناء محطة شحن بطاريات؛ لأن الشبكة الكهربائية موجودة بالفعل ومستويات الكهرباء المطلوبة للشحن طوال الليل متواضعة.

ورغم ذلك؛ فإن مراعاة الشحن السريع في أثناء الرحلات الطويلة أو إعادة شحن المركبات الأكبر حجمًا، يصبح مستوى الكهرباء المطلوبة غير عملي؛ ما يجعل استخدام الهيدروجين في هذه الحالة أكثر جاذبية.

ووفقًا لمجلة بحثية بعنوان “خلاصة طاقة الهيدروجين”؛ يوجد حاليًا 200 محطة للتزود بالوقود بالهيدروجين في جميع أنحاء العالم؛ من بينها 85 في أوروبا و80 في الولايات المتحدة.

المصدر: مواقع إلكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى