المريخ.. الانعكاسات المنبعثة من القطب الجنوبي قد تكون ناجمة عن شيء أعزب من الماء
اكتشف العلماء أن البقع العاكسة التي لوحظت مؤخرا في القطب الجنوبي للمريخ، قد لا تكون علامة على وجود ماء سائل كما كانوا يتوقعون.
وبينما توجد مياه في العديد من المواقع على سطح المريخ، بما في ذلك في القطبين، اكتشف علماء الفلك انعكاسات ساطعة بشكل ملحوظ تحت تكوين جليد مائي نقي بسماكة 1.4 كم بواسطة مركبة المريخ المدارية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية “مارس أوربيتر” (Mars orbiter).
لكن عمليات المحاكاة الحاسوبية، التي أنشأها فريق من جامعة كورنيل، تشير إلى أن ظاهرة أخرى، تتمثل في تداخل الطبقات الجيولوجية على الكوكب الأحمر، قد تكون السبب الحقيقي لهذه الانعكاسات.
ويمكن إنشاء انعكاسات قوية في هذه المحاكاة من دون ماء سائل أو مواد نادرة أخرى، ما يجعل من غير المحتمل وجود مياه سائلة أسفل رواسب القطب الجنوبي للمريخ.
وتتألف المحاكاة من طبقات مكونة من أربع مواد، الغلاف الجوي والجليد المائي وجليد ثاني أكسيد الكربون والبازلت، مع مراقبة الكمبيوتر لتفاعل كل طبقة مع الإشعاع الكهرومغناطيسي.
ووجد العلماء أن ثلاث طبقات تتكون من طبقتين من ثاني أكسيد الكربون مفصولة بطبقة واحدة من الجليد، يمكن أن تنتج انعكاسات مثل تلك التي تظهر على سطح الكوكب.
وقال دان لاليش، الباحث المشارك في مركز كورنيل للفيزياء الفلكية وعلوم الكواكب: “على الأرض، غالبا ما تكون الانعكاسات الساطعة مؤشرا على وجود الماء السائل، حتى في البحيرات المدفونة مثل بحيرة فوستوك (تحت سطح الصفيحة الجليدية في شرق أنتاركتيكا، والتي كانت تقع تحت 3 كيلومترات من الجليد لملايين السنين).
ولكن على كوكب المريخ، كان الرأي السائد هو أن الجو بارد جداً بحيث لا تتشكل بحيرات مماثلة”.
وتابع لاليش: “لقد استخدمت طبقات ثاني أكسيد الكربون المتضمنة داخل الجليد المائي لأننا نعلم أنها موجودة بالفعل بكميات كبيرة بالقرب من سطح الغطاء الجليدي. من حيث المبدأ، كان بإمكاني استخدام طبقات الصخور أو حتى الجليد المائي المليء بالغبار وكنت سأحصل على نتائج مماثلة”.
ويعد اكتشاف الماء على سطح المريخ أمرا حيويا لأنه يمكن أن يكون مؤشرا على وجود الحياة هناك، فضلا عن كونه موردا يمكن للبشر استخدامه لتطوير بؤرة استيطانية.
وأوضح لاليش: “لا شيء من العمل الذي قمنا به يدحض الوجود المحتمل للمياه السائلة هناك”. نعتقد فقط أن فرضية التداخل الطبقي هي أكثر اتساقا مع الملاحظات الأخرى”.
ويعزز بحث سابق نُشر في يناير، فكرة أن الماء غير موجود تحت القطب، بحسب سيريل غريما، عالم الكواكب في معهد جامعة تكساس للجيوفيزياء، والذي قال: “يبدو أن الصخور البركانية، المدفونة تحت الجليد، هي التفسير الأكثر ترجيحا، لأن تدفقات الحمم البركانية الغنية بالحديد على الأرض يمكن أن تترك وراءها صخورا تنتج انعكاسات مماثلة، ومن المحتمل أن يحدث نفس التأثير على الكوكب المجاور لنا”.
اقرأ : العلماء على بعد خطوة واحدة من اكتشاف حياة ميكروبية قديمة على المريخ
تمكنت المركبة الفضائية “كيوريوسيتي” التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا من تقديم أدلة حول وجود عنصر أساسي للحياة على المريخ.
فقد كشف بيان صحفي أن العلماء الذين استخدموا بيانات من مركبة ” كيوريوسيتي” قاموا بقياس إجمالي الكربون العضوي في صخور المريخ لأول مرة. وأظهرت النتائج أن هناك وفرة من هذا المكون الرئيسي للحياة على الكوكب الأحمر.
وكانت مركبة ” كيوريوسيتي” قد هبطت على المريخ في 5 آب – أغسطس 2012، بينما هبطت المركبة الأحدث من طراز Perseverance في 18 شباط – فبراير 2021.
وأشارت جينيفر ستيرن من مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا إلى أن “إجمالي الكربون العضوي يشكل إحدى المؤشرات العديدة التي تساعدنا على فهم كمية المواد المتاحة كمواد وسيطة لكيمياء البريبايوتك وعلم الأحياء”.
وأضافت: “وجدنا ما لا يقل عن 200 إلى 273 جزء في المليون من الكربون العضوي. هذا مشابه أو حتى أكثر من الكمية الموجودة صخور المناطق التي لا تصلح للحياة كثيرا على وجه الكرة الأرضية، مثل أجزاء من صحراء أتاكاما في أمريكا الجنوبية. كما كانت معدلات الكربون العضوي مركزة بشكل أعلى في نيازك المريخ.
يذكر أن الكربون العضوي، أو الكربون المرتبط بذرة الهيدروجين، يشكل الأساس للجزيئات العضوية وهو موجود لدى جميع الكائنات الحية.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الاكتشاف الجديد المتعلق بالكربون العضوي على سطح المريخ لا يثبت وجود الحياة على الكوكب الأحمر، إلا أنه يوفر مؤشرًا على أن الظروف على المريخ ربما كانت مناسبة لنمو الحياة. فالعينات التي تمت دراستها استخرجت من صخور طينية عمرها 3.5 مليار سنة قرب منطقة بركانية.
وعلى الرغم من أن الباحثين يقولون إن النتائج الجديدة توفر بيانات قيمة، إلا أنهم يسلطون الضوء أيضًا على حقيقة أنها لا تقدم دليلا قاطعًا على وجود الحياة على المريخ.
واعتبرت ستيرن انه “بينما لا يمكن استبعاد البعد البيولوجي لهذا الاكتشاف” لا يمكن استخدام النظائر لدعم الأصل البيولوجي لهذا الكربون، إما لأن نطاق العينات يتداخل مع الكربون البركاني والمواد العضوية النيزكية، والتي من المرجح أن تكون مصدر هذا الكربون العضوي”.
المصدر: وكالات