سياسة

بعد نقل وحدة جوية إلى إيطاليا.. هل يُحيي الجيش الأمريكي إمكانية نقل قاعدته البحرية من إسبانيا إلى المغرب؟

عادت إلى الواجهة مجددا الأخبار التي تتحدث عن إمكانية قيام الولايات المتحدة الأمريكية بنقل قاعدتها العسكرية الموجودة في جنوب إسبانيا إلى جوار ميناء طنجة المتوسطي، وهو الأمر الذي أحياه إتمام عملية نقل الوحدة الجوية لسلاح مشاة البحرية الأمريكي من نواحي إشبيلية إلى جزيرة صقلية الإيطالية، في فترة تشهد فيه العلاقات الثنائية بين مدريد وواشنطن برودا غير مسبوق.

وقال موقع”ديفينسا” الإسباني المتخصص في القضايا الدفاعية إن أمريكا أتمت نقل الوحدة الجوية من “مورون” في إشبيلية إلى “سيغونيلا” في صقلية خلال الخريف، وذلك بعد أن عمرت هناك منذ سنة 2013، علما أن الأمر يتعلق بقاعدة استراتيجية مكلفة بتنفيذ العمليات الخاصة والاستجابة للأزمات الطارئة في القارة الإفريقية، وقد جرى نقل جل الطائرات والآليات التي كانت موجودة هناك إلى جانب الجنود.

وتُعيد هذه الخطوة إلى الأذهان التخوف الإسباني من نقل قاعدة “روتا” البحرية في منطقة قادش صوب القصر الصغير في المغرب لتجاور ميناء طنجة المتوسطي، الخبر الذي كان قد تردد منذ منتصف 2020 واتضح أنه مقترح جدي موضوع على الطاولة لدرجة أنه كان محط مساءلة برلمانية لرئيس الوزراء الإسباني ووزارتي الدفاع والخارجية، إذ طلبت أحزاب المعارضة بتطمينات كتابية بخصوص هذا الموضوع.

المصالح المشتركة بوجود قاعدة روتا في أسبانيا

إن الشركة الحكومية تصبح “المشرف الرئيسي المعتمد لصيانة سفن البحرية الأميركية في في قاعدة روتا”، مضيفة انه ستتم مركزة جميع الأنشطة المرتبطة بهذا العقد في القاعدة ، الى جانب دعم سفن البحرية الأميركية، تقدم أنشطة الدعم لسفن البحرية الإسبانية.

القاعدة العسكرية الأميركية التي تذر على إسبانيا حوالي 444 مليون يورو سنويا، ويعمل فيها حوالي 8000 عسكري 3000 أمريكي وحوالي 5000 إسباني، ذكر، في وقت سابق، صحيفة “تيليسينكو” الإسبانية، أن الولايات المتحدة والمغرب يتفاوضان سريا لنقل القاعدة إلى منطقة مدينة طانطان على سواحل المحيط الأطلسي.

وسبب هذا الموضوع ارتباكا كبيرا للإسبان، خاصة في بدايته حين بدأ الحديث عن احتمال نقلها إلى مدينة الداخلة غداة توقيع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مرسوما رئاسيا يعترف بالسيادة المغربية على أقاليم الصحراء، قبل أن يتضح أن المُقترح الموضوع على الطاولة يهم نقلها إلى القصر الصغير لأن واشنطن تريد الإبقاء عليها عند المدخل الغربي للبحر الأبيض المتوسط.

ويُساهم استمرار برود العلاقات الأمريكية الإسبانية، إلى جانب نقل الوحدة الجوية صوب إيطاليا، في الإبقاء على “خطر” نقل قاعدة روتا في أذهان الإسبان، حيث إن الأمر لم يتغير حتى بعد وصول إدارة الرئيس الجديد جو بايدن، هذا الأخير الذي لم يُحدد إلى غاية اليوم موعدا للقاء رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على الرغم من مرور عام تقريبا على دخوله إلى البيت الأبيض.

رد وزارة الخارجية الأسبانية

ردا حول الأخبار التي أشارت إلى وجود مفاوضات لنقل أحد فروع القيادة العسكرية الأمريكية من إسبانيا إلى الصحراء المغربية في الأقاليم الجنوبية، أوضحت جونزاليز لايا الى أنه “لا يوجد سبب للخوف بشأن القاعدتين الأمريكيتين في روتا (قادس) وفي مورون دي لا فرونتيرا (إشبيلية)”.

العلاقات بين امريكا وإسبانيا

كما لفتت جونزاليز لايا إلى أن “العلاقات بين واشنطن ومدريد فيما يخص القاعدتين العسكريتين روتا ومورون، وثيقة للغاية وفي انسجام كبير”.

وكانت مصادر جزائرية عبرت عن تخوفها من نقل قاعدة عسكرية أمريكية من أوروبا إلى الصحراء المغربية، معتبرة الخطوة بمثابة “تهديد حقيقي للجزائر”.

تقارير إعلامية إسبانية تحدثت الصيف الماضي عن تقديم المغرب لعرض إلى أمريكا من أجل نقل قاعدتها “روتا” من إسبانيا إلى المغرب، بعد قرب انتهاء العقد بين واشنطن ومدريد في 2021، لكن السفارة الأمريكية بالرباط نفت حينها دقة هذه التقارير، وأكدت أن “الولايات المتحدة لا تعتزم نقل قواتها وموادها من قاعدة روتا البحرية في جنوب إسبانيا إلى القاعدة المغربية في القصر الصغير”.

مجريات الأتفاق الأمريكي المغربي

الاتفاق مع الحكومة المغربية على نقل القاعدة العسكرية الأميركية الى التراب المغربي، يأتي جزءاً من الدعم الذي تقدمه الإدارة الأميركية للمغرب لاستكمال وحدته الترابية، حيث جرى الاتفاق على هذه الخطوة بعد توقيع المغرب لاتفاق عسكري يمتد لـ 10 سنوات مع الولايات المتحدة، ختمه بشكل شخصي وزير الدفاع الأميركي، مارك إيسبر، بالعاصمة المغربية، الرباط، على هامش لقائه بقيادات الجيش المغربي وبوزير الخارجية ناصر بوريطة.

وحري بالذكر، أن القيادة الاميركية في افريقيا، كانت قد رشحت المغرب، في عام 2015، لاحتضان “مواقع الامن التعاوني” وهو برنامج يتيح للقوات الامنية الاميركية الخاصة التدخل خلال الازمات والوصول الى المناطق الساخنة في غرب أفريقيا، حيث جاء ترشيح المغرب ضمن قائمة تضمن أيضا أربع دول أخرى واقعة جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى.

وكان يُفترض أن يُناقش سانشيز مع بايدن القضايا العسكرية المُشتركة في يونيو الماضي في لقاء مُغلق على هامش قمة رؤساء دول وحكومات دول حلف شمال الأطلسي “النيتو”، ورغم أن ديوان رئيس الوزراء أعلن عن ذلك رسميا، إلا أن الأمر تحول إلى مادة للسخرية الإعلامية حين منح بايدن من وقته لسانشيز 29 ثانية “مشيا” في ردهة البناية المُحتضنة للقمة.

وإلى غاية الآن، لم تشرع الولايات المتحدة الأمريكية في أي إجراء عملي لنقل قاعدتها البحرية إلى المغرب، وفي مايو من العام الماضي أعلنت شركة بناء وصيانة السفن العسكرية والمدنية الإسبانية “نافانتيا” تجديد تعاقدها مع الجيش الأمريكي إلى غاية 2028 بقيمة تصل إلى 822 مليون يورو، وهو ما طمأن الرأي العام الإسباني حينها إلى أن فكرة نقل القاعدة قد ألغيت.

المصدر: مواقع الكترونية عربية

Nasser Khatip

محرر مقالات_سوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى