بطول ألفي كيلومتر: ما هي تفاصيل مشروع خطوط القطار فائق السرعة الذي سيتم بناؤه في مصر؟
أعلنت مجموعة “سيمنز” الألمانية، السبت، إن مصر وقعت عقدا مع وحدتها لصناعات السكك الحديدية وشركائها، لبناء خط سكك حديدية لقطارات فائقة السرعة بطول ألفي كيلومتر.
وأضافت “سيمنز” أن الاتفاق بين الهيئة القومية للأنفاق في مصر وتحالف من شركة “سيمنز موبيلتي” و”أوراسكوم كونستراكشن” و”المقاولون العرب”، سيُنشأ بموجبه سادس أكبر نظام للسكك الحديدية فائقة السرعة في العالم.
وأوضحت الشركة أن حصة الشركة التابعة لها في المشروع تبلغ 8.1 مليار يورو (8.69 مليار دولار)، تتضمن العقد المبدئي بقيمة 2.7 مليار يورو للخط الأول، الموقع في الأول من سبتمبر 2021.
وشهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مراسم توقيع التعاقد، مؤكدا أن “شبكة خطوط القطارات الكهربائية الجديدة تأتي ترسيخا للتعاون المثمر بين مصر وألمانيا في مجال البنية الأساسية، وستمثل إضافة كبيرة لمنظومة النقل إيذانا ببداية عصر جديد للسكك الحديدية في مصر وإفريقيا والشرق الأوسط”.
وقالت وزارة النقل المصرية إن منظومة القطار الكهربائي السريع الجديدة ستشمل 3 خطوط، بطول نحو ألفي كيلومتر على مستوى البلاد.
اقرأ أيضاً: القطار السريع في مصر.. هل يحدث التنمية الاقتصادية المأمولة؟
وقّع رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، عقد تنفيذ وصيانة القطار الكهربائي السريع، مع شركة سيمنز للنقل الألمانية، لمدة 15 عامًا؛ والذي يشمل أيضًا توفير تمويل الخط الأول من والرابط بين مدن: السخنة، والإسكندرية، والعلمين، ومطروح.
وبحسب بيان وزارة النقل المصرية؛ فإنَّ مسار القطار الكهربائي السريع يربط بين مدينة العين السخنة ويمتد شرق النيل حتى محطة حلوان، مرورًا بالعاصمة الإدارية، ويستمر غرب النيل بداية من محطة جنوب الجيزة ليتكامل مع خط سكك حديد الصعيد وصولاً إلى منطقة أكتوبر لخدمة سكان حدائق أكتوبر و6 أكتوبر وليتكامل مع الخط الثاني للقطار السريع (أكتوبر – أسوان) ومونوريل السادس من أكتوبر الجاري تنفيذه.
قناة حديدية
ويقول الأستاذ الدكتور هشام عرفات، وزير النقل السابق، والمدير التنفيذي بمجلس الأمناء لجامعة المستقبل، إنَّ مشروع القطار الكهربائي السريع بدأت الدراسة في إنشائه منذ 2017، حين كان بمنصب وزير النقل، مشيرًا إلى أنّه قطار سريع وليس فائق السرعة؛ لأن مساحة مصر لا تحتاج إلى قطار فائق السرعة.
ووصف “عرفات”، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية” المشروع بـ”القناة الحديدية”- تشبيهًا بقناة السويس المصرية- حيث إنّه يعتبر خط نقل استراتيجي يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، مؤكدًا أنَّ المشروع سيساهم في تنمية شاملة في مصر، بالإضافة إلى النقلة النوعية في نقل البضائع.
وتابع: “هذا الخط الاستراتيجي يربط أيضًا المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بالبحرين وهو ما يساهم في عملية نقل البضائع عن طريقه بدلًا من استخدام الطرق البريّة، وتخفيفًا للضغط على شبكة الطرق”.
وبيّن أنّه للحفاظ على شبكة الطرق؛ على الرغم من التحسّن الشديد الذي لاحظه المواطن المصري على هذه الطرق؛ لا بد من اللجوء لتعدد وسائل النقل، تحديدًا في نقل البضائع، مضيفًا: “المشروع يستهدف نقل 8 مليون طن بضائع بحلول عام 2024، تصل لـ 22 مليون طن بضائع في عام 2040”.
مواصفات الخط الجديد
وعن الحدّ من خطر الحوادث المستمرة فأشار إلى أنَّ منظومة السكك الحديدية ليست بهذا السوء نتيجة تهالكها أو عدم صيانتها أو ما شابه؛ ولكن بسبب الهجوم العمراني على خط السكك الحديدية، مضيفًا: “خط السكك الحديدية في الزمن القديم كان منفصلًا وبعيدًا عن المدينة؛ ولكن الآن قد تجد أنّ هناك خط سكك حديدية يقسم المدينة إلى نصفين بسبب البناء العشوائي خلال الخمسين والستين عامًا الماضية”.
وعن الخط الجديد ومواصفاته؛ استطرد قائلًا: “سيكون مرتفعًا عن الأرض، سيكون مفصولًا تمامًا عن المباني السكنية، وستصبح جميع الممرات فيه كباري وليس مزلقانات”، مبيّنًا أنَّ الخط سيعزز خطة النقل التكاملي للدولة.
وعن التنمية الشاملة الذي سيحدثه فأكّد أنّه أولًا سيعزز نقل البضائع، سيساعد على زيادة حجم الطلب على المدن الجديدة، والأهم زيادة حجم الطلب لنقل الركاب والبضائع في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بالإضافة إلى تنمية حركة السياحة في مناطق كالعلمين، والعين السخنة، والساحل الشمالي.
استباق الدولة المصرية للتنفيذ
وفي هذا السياق قال الدكتور حسن مهدي، أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس وخبير النقل، إنَّ أعمال تنفيذ البنية الأساسية للمرحلة الأولى من القطار الكهربائي السريع في طور التنفيذ حاليًّا من بداية العام الجاري 2021.
وأضاف في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربيّة” إنَّ الدولة المصرية لم تنتظر توقيع العقد اليوم مع شركة سيمنز للبدء في الأعمال المدنية كتشكيل الجسر الذي سيسير عليه القطار بالإضافة إلى الكباري، والأنفاق، وهو ما تقوم به شركات مصرية وطنية.
وأشار إلى أنّ توقيع العقد اليوم يستهدف عملية التشغيل وتوريد الوحدات المتحرّكة، ونظام الإشارات الإلكترونية، وهو ما ستنفذه ائتلاف شركات المقاولون العرب، وأوراسكوم، وسيمنز، بعد انتهاء البنية الأساسية للقطار.
وأكّد على أنّ الحكومة المصرية استبقت تلك الخطوة بالبدء في تنفيذ البنية الأساسية ممثلة في وزارة النقل المصرية، موضحًا أنّ دور سيمنز سيبدأ بعد انتهاء البنية الأساسية من خلال توريد نظام الإشارات المتحكم في حركة القطارات، وأيضًا تنفيذ الفلنكات، ومن الجانب الألماني سيتم توريد وحدات الجر الكهربائي.
دور القطار في الاقتصاد المصري
أمّا عن دوره في الاقتصاد المصري؛ فشدد على أنّه سيكون له دور ملموس وجدوى فنيّة واقتصادية، ويساعد على تشجيع الزحف العمراني، مفسّرًا ذلك بأنّ أي منطقة غير مأهولة بالسكان سبب رئيسي في هجرتها هو عدم وجود وسائل نقل ومواصلات.
وتابع: “وجود قطار كهربائي سريع ينقل ركاب وبضائع ويمر بمناطق غير مأهولة سيعتبر شريان للتنمية، من خلال إقامة مجتمعات تنموية، ومناطق صناعية، وإحداث خلخلة في الكثافات السكانية والانتقال إلى مساحة أكبر بدلًا من التركيز على 6% من المساحة الكلية لمصر”.
بالنسبة لتخفيف العبء على الطرق البريّة؛ فشدد على أنّ القطار سيحدث نقلة نوعية في نقل البضائع ويخفف من الضغط على النقل البري لأن نقل البضائع يعتمد بنسبة 99% على الطرق البريّة وذلك لعدم وجود أدوات نقل أخرى”.
وعن انتهاء الجسر الخاص بالقطار السريع؛ فأكّد أنّه من المتوقع انتهاؤه خلال عامين، أي بداية 2023، خاصة في ظل اهتمام الدولة بالقطار الكهربائي السريع، لتخفيف الأحمال على الطرق البريّة.
اقرأ أيضاً: ستقلل من فواتير الكهرباء.. مصر تتجه بقوة نحو الطاقة الشمسية
تعمل مصر بجدية على الدخول بقوة في مجال إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، حيث شهد الشهر الماضي عقد مجموعة الطاقة الإيطالية “إيني”، اتفاقا مع الشركة القابضة لكهرباء مصر، والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية “إيغاس” المملوكتين للدولة بهدف تقييم جدوى إنتاج الهيدروجين في مصر.
وتسعى مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر، باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأزرق، من خلال تخزين ثاني أكسيد الكربون، حيث تعمل القاهرة على استغلال مواردها الطبيعية في هذا السياق على النحو الأمثل.
وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد شهد في مارس الماضي توقيع اتفاقية بين وزارات الكهرباء والبترول والقوات البحرية المصرية مع شركة “ديمي” البلجيكية للبدء في الدراسات الخاصة بمشروع إنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.
كما عقدت مصر اتفاق نوايا مع شركة سيمنز الألمانية، خلال يناير الماضي، للبدء في مناقشات ودراسات لتنفيذ مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بمصر.
فائض الكهرباء
من جانبه قال الدكتور، علي الصعيدي، وزير الكهرباء ووزير الصناعة السابق، لسكاي نيوز عربية، إن مصر برغم ما لديها من فائض في إنتاج الكهرباء، والذي يقدر بنسبة 30 أو 35 بالمئة، إلا أنها تعمل على إنتاج الطاقة الشمسية لاستغلالها سواء في إنتاج الكهرباء أو في استخدامات أخرى.
ويبين الصعيدي أن “الدولة لديها فائض من الكهرباء تستغله في أشياء مفيدة في الصناعة والنقل، فالهيدروجين يمكن استغلاله في إطارات السيارات، خاصة وأنه عند احتراقه لا تخرج منه غازات تؤثر على البيئة، ولا تؤثر على الاحتباس الحراري المتسبب في الكثير من الحرائق والفيضانات كنتيجة مباشرة لاحتراق المنتوجات البترولية، كما أن الهيدروجين يدخل في صناعة البتروكيماويات والكثير من الصناعات”.
ويتابع الصعيدي: “مشكلة استغلال الطاقة النظيفة في مصر هو غلاء سعرها وبالتالي فالمواطنون يعتمدون على الشبكة الكهربائية لأنها توفر أكثر، فالمواطن لا يستخدم الطاقة كثيرا في وقت النهار، وعند استخدامه للخلايا الشمسية يكون عنده فائض من الطاقة والتي تحتاج لبطاريات غالية الثمن لتخزينها، لكن يمكن حل هذه المشكلة عبر النظم الحديثة التي تقوم بربط هذه الخلايا الشمسية بشبكة الكهرباء”.
ويشير الدكتور علي الصعيدي إلى أن “المباني في مصر تمثل عائقا أمام استغلال المواطنين للطاقة النظيفة، فالبيوت القديمة لم تأخذ في الاعتبار احتمالية استخدام الطاقة الشمسية، لكن المدن والتجمعات السكنية الجديدة يمكن الاعتماد فيها على هذه الطاقة الشمسية.
“يجب تشجيع إنتاج الكهرباء النظيفة مع الوضع في الاعتبار أن تكون تكلفتها أقل من الكهرباء التي يحصل عليها المواطن من الشبكات”.
ويوضح الصعيدي أن مصر تشجع الشركات على استخدام الطاقة الشمسية في تغطية احتياجاتها من الطاقة، كما تعمل على إدخال السيارات التي تعمل بالكهرباء والتي تشكل طفرة جديدة، وتعمل على إنشاء محطات شحن للسيارات بالكهرباء مع صناعة السيارات محليا حتى تناسب الطرق المصرية وتكون أسعارها مناسبة.
المصدر: سكاي نيوز عربية – مواقع إلكترونية