“أزمة القمح” وتصاعد ٱثار الجفاف.. تطمينات روسية بخصوص استمرار تدفق الشحنات نحو المغرب
كان للغزو الروسي لأوكرانيا وما يزال، تأثير اقتصادي في العديد من المجالات، مثل الطاقة والزراعة على سبيل المثال، المعطى الذي جعل بلدانا كثيرة في صعوبات فيما يتعلق بواردات منتجات معينة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأسواق الروسية والأوكرانية. أحد هذه القطاعات هو الحبوب.
ولم يخرج المغرب عن قائمة هذه البلدان، وهو الذي يستورد جزءًا كبيرًا من الحبوب التي يستهلكها من روسيا وأوكرانيا، كما يكافح منذ شهور لتوريد هذه السلعة، لتأتي الرسالة الروسية المطمئنة التي تقدم بشائر بخصوص إمدادات الحبوب.ذ
مجلة “أتالايار” الإسبانية كشفت أن الممثل التجاري الروسي بالمملكة المغربية قد أكد أن المغرب سيتلقى شحنات عادية وفي الوقت المناسب من الحبوب الروسية، لافتا إلى أن “موردي الحبوب الروس ينشطون بالمملكة، والمغرب، بدوره، هو أحد المستوردين الرئيسيين للقمح في العالم”.
وأشار المسؤول الروسي حسب المصدر نفسه، إلى أن روسيا تدرك الضرورة الملحة لتسليم الحبوب في الوقت المناسب إلى المغرب، لأن الموسم الزراعي قد تأثر بشكل خطير بالظروف الجوية.
وزاد أن روسيا ما تزال تولي أهمية كبيرة للمغرب في السياق الأفريقي لأنه، كما أشار “هو الشريك التجاري الثالث للاتحاد الروسي بين دول القارة الأفريقية بعد مصر والجزائر”.
المسؤول عينه، أوضح أيضا أن “تسليم الحبوب من روسيا إلى المغرب بلغ 75 مليون دولار في عام 2017، و 103 ملايين دولار في عام 2018، و 102 مليون دولار في عام 2019، و 94 مليون دولار في عام 2020، و 49 مليون في عام 2021”.
وتابع بأن “التدفق التجاري بين الدولة الأوروبية وشمال إفريقيا يشهد نموًا كبيرًا، حيث زاد حجم التجارة بين البلدين بنسبة 50٪ في بداية عام 2022″، مبرزا أن الصادرات الروسية إلى المغرب تستمر في إظهار ديناميكيات إيجابية، حيث تم تسجيل نمو بنسبة 53٪ في الفترة من يناير إلى فبراير.
واسترسل بعدا بالقول “وبشكل عام، يمكن القول إنه قد ارتفع حجم الأعمال التجارية الروسية المغربية بنحو 50٪ في الفترة من يناير إلى فبراير مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي”.
من جانب آخر، أثار الممثل التجاري الروسي بالمملكة الانتباه إلى الصعوبات في الموسم الزراعي المغربي، وكيف يمكن أن يفيد ذلك التجارة بين البلدين، حيث قال “بالنظر إلى انخفاض حصاد المملكة خلال الموسم الحالي، أنا واثق من أن الطلب على الحبوب الروسية سيكون مرتفعًا».
المجلة الإسبانية المذكورة، أشارت بعدها إلى أنه في أبريل، أصبحت المملكة المستورد الرئيسي للقمح الفرنسي، وبالتالي تصبح المملكة أول شريك خارج الاتحاد الأوروبي يحصل على الحبوب الفرنسية، وليصبح بذلك أحد المحركات الرئيسية للتصدير الفرنسي لهذا المورد.
وأفادت بأنه بعد المغرب، يكون ثاني أكبر مستورد للقمح الفرنسي هو الجزائر، حيث كانت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا ستتلقى 204600 طن من فرنسا في أبريل.
اقرأ أيضاً: دول عربية بدأت تتلمس أزمة قمح
بدأت عدة دول عربية تتلمس آثار الازمة التي خلفتها الحرب في أوكرانيا على سلع غذائية أبرزها القمح الذي ارتفعت أسعاره عالميا، اختلال آليات توزيعه، وإعلان روسيا وأوكرانيا تعليق تصديره مع بداية الحرب.
فقد شهدت ليبيا منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية نقصا في إمدادات بعض السلع الغذائية، على رأسها القمح ومشتقاته، مما أدى إلى إغلاق عشرات المخابز ودفع البلاد للمطالبة باستثنائها من قرارات بعض الدول بحظر تصدير هذه السلع.
وبحسب مصدر مطلع من داخل وزارة الاقتصاد والتجارة تحدث لموقع “سكاي نيوز عربية”، فإن ليبيا طلبت من عدة دول، وعلى رأسها تركيا وتونس، استثناءها من قرارات حظر تصدير سلع غذائية، للحيلولة دون وقوع أزمة إنسانية إذا ما توقف تدفق سلع مهمة كالدقيق والزيت، خاصة أن الاستهلاك يزيد في شهر رمضان.
وحظرت العديد من الدول تصدير السلع الأساسية لعدة أشهر تحسبا لطول أمد الحرب بين روسيا وأوكرانيا، خاصة مع فرض العقوبات على روسيا، وحظر البلدين، وهما من المنتجين الأساسيين للقمح، تصديره إلى الخارج، علما أن ليبيا كانت تستورد منهما 650 ألف طن قمح، وهو نصف احتياجاتها.
وأوضح المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن مخزون ليبيا من السلع “ضئيل جدا”، مشيرا إلى توقف دخول سفن الشحن المحملة بالسلع الأساسية منذ أيام، و”لو توقف التصدير أكثر من ذلك ستختفي سلع، فيما تجتهد الوزارة لتجهيز بدائل فورية، إلا أن البديل سيكلف البلاد كثيرا”.
وشهدت الأسواق الليبية ارتفاعا حادا في أسعار القمح والدقيق مؤخرا، ووصل قنطار(7 قنطار تساوي طن) الدقيق إلى 275 دينارا ارتفاعا من 210 دنانير، مع توقعات بزيادة أكبر بحسب نقيب الخبازين أخريص أبو القاسم، مما دفع بعض تجار الجملة إلى إغلاق محالهم.
وتشير الأرقام إلى أن الدول العربية بشكل عام، تحصل على ما نسبته 25 % من صادرات القمح العالمية، فيما تستورد مجتمعة 60 % من احتياجاتها للحبوب من روسيا وأوكرانيا؛ نظرا لسعرها المنخفض في البلدين، إضافة إلى فرنسا ورومانيا.
ودول شمال أفريقيا وبينها المغرب وتونس والجزائر من أكبر مستوردي القمح، حيث يعتمد المغرب على روسيا في توفير 10.5 % من احتياجاته من القمح، في حين يحصل من أوكرانيا على نسبة 19.5 %، أما تونس فتحصل على نصف وارداتها من القمح تقريبا من أوكرانيا.
وتعاني تونس من عجز في الموازنة المالية لعام 2022 قدر بـ9.3 مليار دينار، فيما بلغ إجمالي ديونها 114 مليار دينار وهي نسبة مديونية غير مسبوقة للبلاد.
ويبلغ استهلاك تونس من الحبوب 3.4 مليون طن بين 1.2 مليون طن لكل من القمح الصلب والقمح اللّين، ومليون طن من الشعير، وفقا لديوان الحبوب التابع للحكومة.
وتستورد تونس 60 % من القمح من أوكرانيا وروسيا، ولديها مخزون يكفي حتى حزيران (يونيو) المقبل، كما أكد عبد الحليم قاسمي، من وزارة الزراعة التونسية.
ويقول المحلل المالي التونسي نادر حداد أن سعر القمح سيرتفع كثيرا في حال التوجه إلى الولايات المتحدة أو كندا وأيضا بلدان أميركا اللاتينية لشرائه؛ بسبب بعد المسافة وارتفاع سعر النفط ما ينعكس على تكلفة نقل البضائع بين الدول”.
ويقول أن “هذا الوضع ستتضرر منه حتى الدول الغنية؛ حيث سترتفع فيها الأسعار، ما يمس بالسياسات المالية لحكوماتها المتعثرة أصلا منذ بدء أزمة كورونا”.
وفي لبنان قررت الحكومة منع تصدير لائحة طويلة من السلع الغذائية المصنعة في لبنان، وذلك في إطار محاولات من جانب السلطات اللبنانية لاحتواء تداعيات العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا على الأمن الغذائي للبنانيين، في أكثر أوضاعهم المعيشية ترديا.
وكانت الحكومة اللبنانية قررت في الرابع من الشهر الحالي، التحرك لضمان الأمن الغذائي ومواجهة غلاء الأسعار ومنع الاحتكار، وشكلت لجنة من وزراء الصناعة والزراعة والمالية والدفاع والثقافة، للتعامل مع التحديات الغذائية التي فرضتها الحرب، من بينها المخاوف من نقص الإمدادات من القمح.
يقول خبراء إن لبنان استورد خلال العام 2020 من أوكرانيا أكثر من 630 ألف طن من القمح، ما يمثل 80 % من حاجاته الاستهلاكية.
رفعت وزارة الاقتصاد والتجارة بالفعل أسعار الخبز، قائلة إن الزيادة مردها الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات عالميا والتي تؤثر مباشرة في سعر الطحين وفي كلفة إنتاج ربطة الخبز، إلى جانب ارتفاع سعر القمح والسكر والزيت في الأسواق العالمية.
كانت الوكالة الوطنية للإعلام، قد نقلت عن الوزير اللبناني قوله ان القرار “يأتي في إطار رؤية بعيدة المدى للمحافظة على حد مطلوب من المخزون الاستراتيجي الغذائي تحت سقف سياسة الأمن الغذائي الواجب التمسك بها وعدم التفريط بمكوناته وبحاجات الناس الأساسية والضرورية”، معربا عن اعتقاده بأن “الأزمة العالمية قد تطول ولا أحد يمكنه التوقع بتاريخ انتهائها ولا بالأضرار والانعكاسات التي ستخلفها في الدول والمجتمعات. “
نقلت الوكالة عن وزير الاقتصاد أمين سلام قوله “لدينا مخزون لشهرين من القمح، وقد نزيد شهرا”.
وفي مصر وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي، أول من أمس بمنح حافز توريد إضافي لسعر القمح المحلي للموسم الزراعي الحالي، لتشجيع المزارعين على توريد أكبر كمية ممكنة، لمواجهة أزمة الاستيراد للقمح.
المصدر: بناصا – مواقع إلكترونية